مع دخولنا في موسم الأرباح الحالي، يلوح سؤال كبير في أفق وول ستريت: متى ستبدأ شركات التكنولوجيا الكبرى في تحقيق أرباح حقيقية من استثماراتها الضخمة في الذكاء الاصطناعي؟.. بعد مرور ثمانية عشر شهراً على إطلاق ChatGPT، الذي أعلن سباق تسلح في عالم الذكاء الاصطناعي، وباتت شركات التكنولوجيا العملاقة تعِد بثورة في جميع الصناعات، ما دفعها إلى إنفاق عشرات المليارات من الدولارات على مراكز البيانات وأشباه الموصلات لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة.

ومع ذلك، حتى الآن، تبدو المنتجات التي طرحتها هذه الشركات أقل من المتوقع، بينما وعدت الشركات بتغييرات ثورية، نرى أن المنتجات الحالية تتراوح بين برامج دردشة غير قادرة على تحقيق عوائد واضحة، وتدابير لتقليص التكاليف مثل الأتمتة الذكية وخدمات العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي، إلى أبحاث قد تتسبب في بعض الأحيان في مشكلات.

القلق بين المستثمرين يتصاعد بسبب عدم وجود مكاسب مالية ملموسة مقابل الاستثمارات الضخمة. فقد أثرت المخاوف من إنفاق أمازون الكبير على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على أسهمها، ما أدى إلى انخفاضها بنسبة 9% في تداولات ما قبل السوق. كما شهدت أسهم إنتل انخفاضاً بنسبة 21% بعد إعلان الشركة عن تكاليف ضخمة مرتبطة بالتكيف مع موجة الذكاء الاصطناعي.

إن قلق المستثمرين يعكس تساؤلات عميقة حول قيمة هذه الاستثمارات. هل يستحق كل هذا الإنفاق؟ أم أنه مجرد فقاعة تكنولوجية جديدة تسعى الصناعة لتحقيقها قبل أن تنتقل إلى التوجه التالي؟

التحليل المتعمق من شركات مثل مورجان ستانلي يشير إلى أن هناك نقاشاً محتدماً حول مدى تناسب الإنفاق الرأسمالي مع العوائد المتوقعة من الذكاء الاصطناعي التوليدي. وقد استفسر المحللون من كبريات شركات التكنولوجيا مثل جوجل ومايكروسوفت عن المدة التي قد يستغرقها الذكاء الاصطناعي لتحقيق عوائد ملموسة.

على سبيل المثال، تسعى شركة تاكو بيل إلى دمج تقنية الطلب بالذكاء الاصطناعي في مئات من فروعها في الولايات المتحدة بنهاية العام، ولكن تقريراً حديثاً لشركة جولدمان ساكس تساءل عما إذا كان هناك «إنفاق مفرط وفوائد ضئيلة» من وراء هذا التوجه.

النتائج المترتبة على تقارير الأرباح لجوجل ومايكروسوفت كانت خيبة أمل للمستثمرين، حيث انخفضت أسهم الشركات في أعقاب التقارير. من ناحية أخرى، تمكنت ميتا من تجنب هذا الانخفاض من خلال إظهار كيف أن استثماراتها في الذكاء الاصطناعي بدأت تسهم في تعزيز أعمالها الأساسية، مثل تحسين أدوات الإعلانات.

وبينما يتوقع بعض المحللين أن يتخذ قادة التكنولوجيا خطوات لتقليص استثماراتهم في الذكاء الاصطناعي إذا لم تثمر هذه الاستثمارات قريباً، فإن الشركات الكبرى مثل جوجل ومايكروسوفت وميتا قد أشارت إلى أنها ستواصل إنفاق المزيد على الذكاء الاصطناعي على أمل تحقيق عوائد مستقبلية.

المديرون الماليون في هذه الشركات يرون أن ما يحتاجون إليه هو وقت إضافي، على سبيل المثال، قالت إيمي هود، المديرة المالية لشركة مايكروسوفت، إن استثمارات الشركة في مراكز البيانات من المتوقع أن تدعم تحقيق الدخل من الذكاء الاصطناعي «على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة وما بعدها». بينما تتوقع ميتا أن العائدات من الذكاء الاصطناعي التوليدي ستأتي على مدى فترة زمنية أطول، مع عدم توقع أن تكون هذه المنتجات محركاً رئيسياً للإيرادات في عام 2024.

ولكن بالنسبة للعديد من المستثمرين، الذين اعتادوا على العوائد السريعة من وادي السيليكون، يبدو أن هذا الأفق الزمني غير مريح، المحلل جيل لوريا من شركة DA Davidson يشير إلى أن المستثمرين في الشركات العامة يتوقعون عائدات على استثماراتهم في أطر زمنية أقصر، ما يجعل هذا الوضع غير مريح.

في نهاية المطاف، يتفق الرؤساء التنفيذيون لشركات التكنولوجيا على أن «خطر نقص الاستثمار أكبر بشكل كبير من خطر الإفراط في الاستثمار». ومع ذلك، إذا استمرت الضغوط من المستثمرين، فقد نرى الشركات تبدأ في إعادة تقييم استثماراتها إذا لم تتحقق العوائد المتوقعة قريباً. يقول لوريا: «الصورة الكبيرة هي أن هذا المستوى من الاستثمار غير مستدام على المدى الطويل»، وقد يكون من الضروري لبعض الشركات أن تبدأ في تقليص استثماراتها مع محاولة تحقيق التوازن بين الإنفاق والنمو.