انتشرت عمليات التسوق عبر الإنترنت منذ سنوات إن لم يكن منذ عقود، لكن الخبراء يقولون إن المزيج القوي من ترويج المؤثرين، والمنتجات التي تظهر في كل مكان على وسائل التواصل الاجتماعي مُعززة بالخوارزميات التي تعتمد على سلوك المُتصفح، وبرامج الشراء الآن والدفع لاحقاً، نشّطت عمليات الشراء الضخمة للملابس ومستحضرات التجميل وغيرها من المنتجات.
ووفقاً لمنصة التسويق الرقمي «ديناميك ييلد» بلغ متوسط عدد السلع لكل عملية شراء إلكترونية للسلع الاستهلاكية، 11 منتجاً، وهو أعلى مُعدل على مدار الأشهر الاثني عشر الماضية، أعلى حتى من موسم التسوق في عطلة ديسمبر كانون الأول الماضي.
وفي ما يخص القيمة فقد ارتفع متوسط تكلفة قيمة عربة التسوق الرقمية عند أعلى مستوى له في 12 شهراً، إذ ارتفع خلال سنة بمقدار 50 دولاراً ليسجل 206 دولارات في يونيو حزيران الماضي لكل طلب.
ووفقاً للبيانات الرسمية ظل إنفاق المستهلك الأميركي قوياً على الرغم من الاقتصاد الذي يعاني من علامات الإجهاد، وأفادت وزارة التجارة الأميركية بأن إنفاق التجزئة في يوليو تموز تجاوز توقعات خبراء الاقتصاد، إذ ارتفع بنسبة 1 في المئة، مقارنةً بانخفاض بنسبة 0.2 في المئة في يونيو.
اشترِ الآن وادفع لاحقاً
أحد العوامل المُغذية لنمو عمليات التسوق هو انتشار عروض الشراء الآن والدفع لاحقاً، التي أصبحت سائدة بشكل متزايد، حتى إن الافتقار إلى النقد لم يعد عائقاً أمام التسوق.
قالت أستاذة التسويق بجامعة غلوسيسترشاير البريطانية، فيليبا وارد إن «عروض الشراء الآن والدفع لاحقاً»، نوع من أنواع التمويل قصير الأجل الذي يمتلك القدرة على زيادة الإنفاق على التسوق.
لكن خبراء الاقتصاد أثاروا مخاوف بشأن هذه العروض، إذ أظهر بحث أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، في وقت سابق من هذا العام، أن عدد الأشخاص الذين لديهم موارد مالية أقل وتقييم ائتماني أقل من 620 نقطة المستخدمين لعروض الشراء الآن والدفع لاحقاً، «بلغ ثلاثة أضعاف عددهم العام الماضي».
أهمية متزايدة لمنصات التواصل الاجتماعي
تحاول منصات التواصل الاجتماعي مواصلة النجاح باقتحام سوق البيع بالتجزئة، وتطورت من مساحة لعرض المنتجات إلى مساحة لشراء السلع دون مغادرة المنصة.
في العام الماضي وحده شاهد الناس أكثر من 30 مليار ساعة من المحتوى المتعلق بالتسوق على يوتيوب، وفقاً لما ذكرته الشركة لشبكة CNN، كما أطلقت الشركة يوتيوب شوبينغ، الذي يسمح لمنشئي المحتوى بكسب عمولة عند بيع المنتجات التي يُعلن عنها، وبالمثل أطلقت «تيك توك» منصة التسوق الخاصة بها «تيك توك شوب» في عام 2023 ونمت لتشمل أكثر من 500 ألف بائع في الولايات المتحدة، بما في ذلك العلامات التجارية الكُبرى مثل لوريال.
وقال الباحث في مركز أبحاث التجزئة بجامعة لوند بالسويد، ماتياس لينر إن «أقوى الأدوات التي يمتلكها تجار التجزئة عبر الإنترنت هي الخوارزميات وأدوات معالجة البيانات والمعلومات الكثيرة جداً عنك».
ومع استمرار المزيد من الشركات في الاستثمار في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تزايد انتشار الخوارزميات التي تهدف إلى خلق تجربة تسوق مُخصصة لكل مستهلك.
وأطلقت أمازون خاصية تعتمد على الذكاء الاصطناعي هذا العام، لمساعدة العملاء على التسوق عبر ملاحظة مشترياتهم السابقة وتفضيلات المقاسات السابقة، ما يتيح الوصول سريعاً لأفضل ما يناسبهم.
ويضيف لينر «قد لا يمر وقت طويل قبل أن يصبح المساعد الرقمي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي أكثر قدرة على بيع الأشياء والتوصية بها مقارنةً بمساعد البيع التقليدي الموجود في متاجر التجزئة».
حملات معاكسة
يواجه التسوق الإلكتروني اتجاهاً جديداً ظهر على الإنترنت وهو «تقليل الاستهلاك»، وهي حركة مضادة تتكون من «مناهضي التأثير» الذين يدافعون عن «عدم شراء المنتجات»، ويكتسب هذا الاتجاه زخماً سريعاً على وسائل التواصل الاجتماعي باعتباره نقيضاً لثقافة الشراء دون توقف.
ووفقاً لمديرة التسويق في «ريميك» كاترينا كاسبيليتش «اتجاه تقليل الاستهلاك يشجعنا كأشخاص على استخدام مواردنا بعناية، والاستمتاع بقيمة المنتجات التي نمتلكها بالفعل قبل الاستسلام لإغراء الحصول على منتجات أخرى».