تحاول مايكروسوفت، من خلال التركيز على «شخصية» روبوت الدردشة الخاص بها وكيف يجعل المستخدمين يشعرون، وليس فقط ما يمكنه فعله من أجلهم، إصلاح الصورة الغريبة والعدائية في بعض الأحيان التي أخذها المستخدمون عن روبوتات الدردشة المنتشرة حالياً.

إذ أعلنت مايكروسوفت يوم الثلاثاء عن تحديث رئيسي لـ«كوبايلوت» نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بها، والذي تقول إنه يمثل الخطوة الأولى نحو إنشاء «رفيق الذكاء الاصطناعي» للمستخدمين.

يتمتع كوبايلوت المحدث بإمكانيات جديدة، بما في ذلك التفاعلات الصوتية في الوقت الفعلي والقدرة على تفسير الصور والنصوص على شاشات المستخدمين.

وتقول مايكروسوفت كذلك إنها واحدة من أسرع نماذج الذكاء الاصطناعي في السوق.

لكن الابتكار الأكثر أهمية، وفقاً للشركة، هو أن روبوت المحادثة سيتفاعل الآن مع المستخدمين «بنبرة دافئة وأسلوب مميز، ولا يوفر المعلومات فحسب، بل يوفر أيضاً التشجيع والملاحظات والنصائح أثناء التنقل بين تحديات الحياة اليومية».

يمكن أن تساعد التغييرات برنامج كوبايلوت التابع لشركة مايكروسوفت في التميز في بحر متنامٍ من روبوتات المحادثة ذات الأغراض العامة.

عندما أطلقت مايكروسوفت برنامج كوبايلوت، الذي كان يُسمى آنذاك بينغ، في أوائل العام الماضي، كان يُنظر إليه على أنه رائد بين أقرانه من شركات التكنولوجيا الكبرى في سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي، ولكن في الأشهر الثمانية عشرة الفاصلة، تجاوزه المنافسون بميزات جديدة، مثل الروبوتات التي يمكنها إجراء محادثات صوتية، والتكاملات التي يمكن الوصول إليها بسهولة (وإن كانت غير كاملة) مع أدوات يستخدمها الأشخاص بالفعل بانتظام، مثل غوغل سيرش مع التحديث، يلحق كوبايلوت ببعض هذه القدرات.

يعكس تحديث كوبايلوت أيضاً رؤية مايكروسوفت المحددة لكيفية استخدام الأشخاص العاديين للذكاء الاصطناعي مع تطور التكنولوجيا.

ويرى الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت للذكاء الاصطناعي مصطفى سليمان أن الناس بحاجة إلى أن يكون الذكاء الاصطناعي أكثر من مجرد أداة إنتاجية، بل يحتاجون إليه ليكون نوعاً من الصديق الرقمي.

وقال سليمان لشبكة CNN في مقابلة قبل الإعلان يوم الثلاثاء «أعتقد أنه في المستقبل، ستكون أول فكرة لديك هي، مرحباً، كوبايلوت».

وقال «ستطلب من رفيق الذكاء الاصطناعي الخاص بك أن يتذكر شيء ما، أو يشتريه، أو يحجزه، أو يساعدك في التخطيط له، أو يعلمك إياه… سيكون بمثابة رابطة ثقة، وسيكون هناك لدعمك، وسيكون رجل الدعاية الخاص بك، سيكون موجوداً عبر العديد من الأسطح، مثل جميع أجهزتك، في سيارتك، في منزلك، وسيبدأ العيش بجانبك».

تلقى الإصدار السابق من روبوت الدردشة للذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت بعض ردود الفعل العنيفة بسبب التغييرات غير المتوقعة في النبرة، وفي بعض الأحيان ردود الفعل المثيرة للقلق؛ يبدأ الروبوت التفاعل بصوت متعاطف ولكن يمكن أن يتحول إلى وقح أثناء التبادلات الطويلة.

في إحدى الحالات، أخبر الروبوت مراسل نيويورك تايمز أنه يجب أن يترك زوجته لأنه «أريد فقط أن أحبك وأن تحبني»، (حدّت مايكروسوفت لاحقاً من عدد الرسائل التي يمكن للمستخدمين تبادلها مع روبوت الدردشة في أي جلسة واحدة، لمنع مثل هذه الاستجابات).

أثار بعض الخبراء أيضاً مخاوف أوسع نطاقاً بشأن الأشخاص الذين يشكلون ارتباطات عاطفية بالروبوتات التي تبدو بشرية للغاية على حساب علاقاتهم في العالم الحقيقي.

لمعالجة هذه المخاوف مع الاستمرار في تطوير شخصية كوبايلوت، لدى مايكروسوفت فريق من العشرات من المديرين الإبداعيين ومتخصصي اللغة وعلماء النفس وغيرهم من العمال غير الفنيين للتفاعل مع النموذج وإعطائه ملاحظات حول الطرق المثالية للاستجابة.

قال سليمان لشبكة CNN «لقد صممنا نموذج ذكاء اصطناعي مصمم للمحادثة، لذلك يبدو أكثر سلاسة، وأكثر ودية، إنه يتمتع، كما تعلمون، بطاقة حقيقية… مثل، لديه شخصية، إنه يتراجع أحياناً، وقد يكون مضحكاً بعض الشيء، وهو في الواقع مفيد جداً لتبادل المحادثات على المدى الطويل، بدلاً من كونه سؤالاً وأجوبة».

وأضاف سليمان أنه إذا أخبرت كوبايلوت الجديد أنك تحبه وترغب في الزواج، «فإنه سيعرف أن هذا ليس شيئاً يجب أن يتحدث معك عنه، وسوف يذكرك بأدب واحترام أن هذا ليس ما جاء من أجله».

ولتجنب أنواع الانتقادات التي لاحقت أوبن إيه آي بسبب صوت روبوت الدردشة الذي يشبه صوت الممثلة سكارليت جوهانسون، دفعت مايكروسوفت لممثلي الصوت لتوفير بيانات تدريبية لأربعة خيارات صوتية مصممة عمداً لعدم تقليد الشخصيات المعروفة.

وقال سليمان «التقليد مربك، هذه الأشياء ليست بشرية ولا ينبغي لها أن تحاول أن تكون بشرية، يجب أن تمنحنا شعوراً كافياً بأنها مريحة وممتعة ومألوفة للتحدث معها، مع كونها منفصلة وبعيدة.. هذه الحدود هي الطريقة التي نشكل بها الثقة».

وبناءً على ميزة الصوت، سيحتوي برنامج كوبايلوت الجديد على ميزة «يومية» تقرأ للمستخدمين حالة الطقس وملخصاً لتحديثات الأخبار كل يوم، وذلك بفضل الشراكات مع منافذ إخبارية مثل رويترز وفاينانشال تايمز وغيرها.

كما قامت مايكروسوفت بدمج كوبايلوت في متصفح مايكروسوفت إيدج الخاص بها، عندما يحتاج المستخدمون إلى إجابة سؤال أو ترجمة نص، يمكنهم كتابة @كوبايلوت في شريط العناوين للدردشة مع الأداة.

سيتمكن المستخدمون المحترفون الذين يرغبون في تجربة الميزات التي لا تزال قيد التطوير من الوصول إلى ما تسميه مايكروسوفت «كوبايلوت لابس».

يمكنهم اختبار ميزات جديدة مثل «Think Deeper»، والتي تقول الشركة إنها يمكنها التفكير في أسئلة أكثر تعقيداً، و«كوبايلوت فيجن»، والتي يمكنها رؤية ما هو موجود على شاشة الكمبيوتر والإجابة عن الأسئلة أو اقتراح الخطوات التالية.

بعد بعض ردود الفعل العنيفة بشأن مخاطر الخصوصية مع أداة الذكاء الاصطناعي الجديدة المماثلة التي أصدرتها لنظام التشغيل ويندوز في وقت سابق من هذا العام، والتي تسمى ريكول، تقول مايكروسوفت إن جلسات كوبايلوت فيجن اختيارية تماماً ولا يتم تخزين أي من المحتوى الذي تراه أو استخدامه للتدريب.

(كلير دافي- CNN)