تعثرت صناعة الهواتف الذكية العالمية من جديد خلال عام 2022، متخليةً عن تعافيها المحقق خلال العام السابق، مدفوعةً بضغوط من تفاقم اضطرابات سلاسل الإمداد والتوريد ما أدى إلى نقص المكونات اللازمة للتصنيع، الأمر الذي ينبئ بتسلل الركود إلى سوق الهواتف الذكية خلال عام 2023.
شهدت شحنات الهواتف الذكية في جميع أنحاء العالم انخفاضاً بنسبة 18.3 في المئة لتصل إلى 300.3 مليون وحدة في الربع الأخير من عام 2022، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام السابق، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن مؤسسة البيانات الدولية «أي دي سي».
ويمثّل هذا أكبر انخفاض محقق على الإطلاق لشحنات الهواتف الذكية خلال ربع واحد، كما أنه التراجع الفصلي السادس على التوالي.
وعلى مدار عام 2022، تراجع حجم الشحنات بنحو 11.3 في المئة ليبلغ 1.21 مليار وحدة، مسجلاً أدنى حجم شحنات سنوية منذ عام 2013، بعدما سجل معدل نمو بلغ 5.7 في المئة خلال عام 2021.
أبل تعود للصدارة
تصدرت «أبل» قائمة الشركات العالمية من حيث القيمة السوقية في الربع الأخير من عام 2022، مستحوذةً على 24.1 في المئة من إجمالي السوق العالمي، بعدما تخلت عن هذا المركز طوال الثلاثة أرباع الماضية لصالح «سامسونغ».
وجاءت «سامسونغ» في المرتبة الثانية مع حصة سوقية بلغت 19.4 في المئة خلال الربع الأخير من العام الماضي، تلتها «شاومي» التي استحوذت على 11 في المئة من السوق، ثم «أوبو» و«فيفو» مع حصة قُدرت بنحو 8.4 في المئة، و7.6 في المئة على التوالي.
أزمة سلاسل الإمداد وسوق الهواتف الذكية
شهدت صناعة الهواتف الذكية ضغوطاً متزايدة العام الماضي، بدءاً من أزمة سلاسل الإمداد التي تفاقمت منذ بدء انتشار وباء كوفيد-19، الذي أثر سلباً على الإمدادات العالمية من رقائق الكمبيوتر، أحد عناصر الإنتاج المهمة في العديد من الصناعات من السيارات إلى أجهزة ألعاب الفيديو والهواتف الذكية.
وتعرضت الصناعة لضربة جديدة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير شباط 2022، الذي أعاق إنتاج غاز النيون داخل أوديسا في مارس آذار -المدينة المسؤولة عن إنتاج أكثر من نصف إنتاج النيون العالمي- وهي مادة تُستخدم لتشغيل الليزر للحفر على رقائق الكمبيوتر.
كما بدأت موسكو إجراءات تقييد الصادرات من الغازات الخاملة أو النبيلة -بما في ذلك النيون والأرجون والهيليوم- إلى بعض الدول في نهاية مايو أيار، رداً على سلسلة العقوبات التي فرضتها الدول الغربية ضد موسكو بعد هجومها على أوكرانيا، وفقاً لتقرير صادر عن وكالة الأنباء الروسية الحكومية «تاس».
وقبل الحرب، استحوذت روسيا وأوكرانيا معاً على نحو 30 في المئة من إمدادات صناعة الرقائق من غاز النيون، بحسب بيانات شركة الاستشارات «باين أند كومباني»، ما يشير إلى مدى تأثير الحرب على السوق العالمي.
تداعيات كورونا و«أبل»
ومع تزايد إصابات فيروس كوفيد-19 في الصين، تسببت عمليات الإغلاق المُتكررة في جميع أنحاء البلاد في الضغط على صناعة الهواتف الذكية خلال عام 2022، وبخاصةً أكبر شركات التكنولوجيا من حيث القيمة السوقية في العالم.
وفي أوائل نوفمبر تشرين الثاني قبل أسابيع من بدء موسم العطلات، أصدرت شركة «أبل» تحذيراً بأنه سيتعين على العملاء الانتظار لفترة أطول للحصول على طراز «آيفون 14 برو»، وذلك بسبب أن أحد مرافق التجميع الرئيسية في مدينة تشنغتشو الصينية كان يعمل بقدرة إنتاجية منخفضة للغاية بسبب قيود كوفيد.
وقدر أحد المحللين لدى «ويدبوش سيكوريتيز» في مذكرة نقلتها شبكة «CNN» في ديسمبر كانون الأول، أن «أبل» قد تأخذ عمليات نقل غالبية إنتاجها من الصين إلى أسواق أخرى مثل الهند أو فيتنام وقتاً أطول من المتوقع قد يمتد حتى عام 2025 أو 2026.
وبحسب المذكرة، تسعى «أبل» إلى تسريع خطط نقل الإنتاج من أكبر سوق للهواتف الذكية في العالم، بهدف تقليل اعتمادها الكبير على الصين.
توقعات عام 2023
ومع ذلك، توقعت «أي دي سي» انتعاش شحنات الهواتف الذكية بنسبة تصل إلى 2.8 في المئة خلال عام 2023، وسط مخاوف من تأثر هذه التوقعات بضعف الطلب الاستهلاكي، في ظل تسارع معدلات التضخم وازدياد حالة عدم اليقين الاقتصادي السائدة.
وأشارت نبيلة بوبال، مديرة الأبحاث في فريق «أي دي سي ورلد وايد تراكر»، إلى أن ضعف الطلب العالمي وارتفاع المخزونات دفعا البائعين لخفض الشحنات بشكل كبير خلال ربع العطلات، الذي يتسم عادةً بزيادة في الطلب على الهواتف الذكية.
وقالت «ما يخبرنا به الربع الأخير من عام 2022 هو أن ارتفاع التضخم والمخاوف الاقتصادية المتزايدة تستمر في إعاقة إنفاق المستهلكين بصورة أكبر من المتوقع، ما يضغط على أي انتعاش محتمل حتى نهاية عام 2023».