كان أمام المذيعتين نورا أودونيل ومارغريت برينان من قناة سي بي إس خيار مهم يتعين عليهما اتخاذه قبل مناظرة نائب الرئيس يوم الثلاثاء، هل تتحققان من صحة تصريحات المرشحين على الهواء مباشرة؟ أم تتبعان نهج عدم التدخل، وتسمحان للمرشحين بفحص الحقائق فيما بينهما؟
اختارت أودونيل وبرينان أن تكونا على بينة من الأمر، في بداية المناظرة قالت المذيعتان إن دورهما هو «تزويد المرشحين بفرصة التحقق من صحة الادعاءات التي يدعيها كل منهما»، لكنهما في بعض الأحيان كانتا تدليان بتصريحات واقعية، غالباً ليس في استجابة مباشرة لتعليقات المرشح، وفي أوقات أخرى كانتا تمنحان الفرصة للمرشح المنافس لتصحيح السجل.
ولكن التحقق المباشر من الحقائق في تلك الليلة أدى أيضاً إلى اللحظة الأكثر دراماتيكية على المسرح، ما قلب ما كان خلاف ذلك نقاشاً مدنياً إلى حد كبير، ودفع المنسقين إلى قطع ميكروفونات السيناتور جيه دي فانس والحاكم تيم والز خلال جدال حاد حول المهاجرين الهايتيين في أوهايو.
في وقت مبكر من المناقشة، كان فانس يجيب عن سؤال حول الهجرة عندما أثار موضوع سبرينغفيلد بولاية أوهايو، قائلاً «إنه قلق بشأن الأميركيين هناك الذين دمرت حياتهم بسبب الحدود المفتوحة لكامالا هاريس».
وقال فانس «في سبرينغفيلد بولاية أوهايو، وفي المجتمعات في جميع أنحاء هذا البلد، لديك مدارس مثقلة، ومستشفيات مثقلة، وإسكان باهظ التكلفة لأننا جلبنا ملايين المهاجرين غير الشرعيين للتنافس مع الأميركيين على المساكن النادرة».
بعد أن رد والز، قفزت برينان لتذكر الحقائق حول هذه القضية، وقالت «وللتوضيح لمشاهدينا، فإن مدينة سبرينغفيلد بولاية أوهايو بها عدد كبير من المهاجرين الهايتيين الذين يتمتعون بوضع قانوني، ووضع حماية مؤقت».
وتحدث فانس ليشتكي من عملية التحقق من الحقائق.
واحتج قائلاً «مارغريت، كانت القواعد أنك لن تقومي بالتحقق من الحقائق، وبما أنك تقومين بالتحقق من الحقائق معي، فأعتقد أنه من المهم أن أقول ما يحدث بالفعل».
وحاولت برينان المضي قدماً، لكن فانس استمر في وصف العملية التي يمكن للمهاجرين من خلالها التقدم بطلب للحصول على وضع الحماية المؤقتة الذي يسمح للمهاجرين الهايتيين بالانتقال إلى أماكن مثل سبرينغفيلد.
وبعد بضعة أسطر من فانس ومحاولة مقاطعة من والز، تم كتم صوت الميكروفونات بينما استمر الرجال في الحديث بعضهم مع البعض.
وقالت برينان للمرشحين «لا يستطيع الجمهور سماعكم لأن ميكروفوناتكم مقطوعة، لدينا الكثير مما نريد الوصول إليه».
مقاطعة المناظرات ليس بالأمر الجديد
في الشهر الماضي، قام المذيعان في قناة إيه بي سي ديفيد موير ولينسي ديفيس بالتحقق من صحة تصريحات الرئيس السابق دونالد ترامب أثناء مناظرته مع نائبة الرئيس كامالا هاريس، ما أثار غضب ترامب وحلفائه من وسائل الإعلام اليمينية. وكان هذا هو الحال مرة أخرى ليلة الثلاثاء، إذ أعرب ترامب وبعض أكبر داعميه من وسائل الإعلام عن غضبهم إزاء قرار المذيعين.
كتب ترامب على موقع تروث سوشيال بعد أن صرحت برينان بأن العلماء يتفقون بشكل ساحق على أن الأرض ترتفع درجة حرارتها بمعدل غير مسبوق، «مارجريت برينان» قامت للتو بـ«التحقق» من صحة تصريحات «تامبون تيم»، بشكل غير صحيح، حول «تغير المناخ».
وأضاف «متى ستتحقق من صحة تصريحات تامبون تيم الكاذبة؟ تكرار آخر للأخبار المزيفة التي كانت غير عادلة للمرشح الجمهوري، ومحاولة جعل الديمقراطي البائس يعبر خط النهاية، لكن هذا لا يهم، فالجمهور يرى الأمر على حقيقته- أخبار كاذبة».
«كانت الشابتان مذيعتين متحيزتين للغاية»، هذا ما قالته ميغين كيلي، المذيعة السابقة لفوكس نيوز وإن بي سي والتي تحولت إلى مذيعة بودكاست محافظة، مهاجمة قناة سي بي إس للتحقق من صحة ادعاءات فانس، وكتبت على موقع إكس «سي بي إس، كيف تجرؤين على ذلك».
على قناة فوكس نيوز، كانت القضية في مقدمة اهتمامات بريت هيوم، كبير المحللين السياسيين في المنفذ اليميني، وقال «كان المنسقون مزعجين وجعلوا الأمر يبدو كأنَّ ثلاثة ضد واحد على فانس».
وأضافت لورا إنغرام، مقدمة البرامج في قناة فوكس والتي تدعم ترامب «لا أعتقد أنني رأيت جمهورياً من قبل يتلاعب بمثل هذه البراعة بما كان تحيزاً متعجرفاً ومتغطرساً من جانب هؤلاء المنسقين، تم تصميم كل سؤال تقريباً لجعل الجمهوريين يبدون سيئين، وتشويه آراء ترامب بشأن رعاية الأطفال».
لكن حملة ترامب نفسها لم تبد منزعجة كثيراً من المنسقين.
قال جيسون ميلر، أحد كبار مستشاري حملة ترامب، لشبكة CNN في غرفة الدعاية بعد المناقشة «لم يعجبني الطريقة التي تراجعوا بها عن كلمتهم بشأن جبهة التحقق من الحقائق، لكنني أعتقد أن السناتور فانس تعامل ببراعة مع هذا الموقف وكان قادراً على تقديم إجابته الكاملة وتصحيح الأمور».
ملف الهجرة في الولايات المتحدة
الولايات المتحدة هي موطن لخمس المهاجرين الدوليين في العالم، هؤلاء المهاجرون يأتون من كل بلد تقريباً في العالم، بحسب مركز بيو للأبحاث.
بلغ عدد سكان الولايات المتحدة المولودين في الخارج رقماً قياسياً بنحو 47.8 مليون في عام 2023، بزيادة قدرها 1.6 مليون على العام السابق، هذه هي أكبر زيادة سنوية منذ أكثر من 20 عاماً، وتحديداً منذ عام 2000.
في عام 1970، كان عدد المهاجرين الذين يعيشون في الولايات المتحدة نحو خمس ما هو عليه اليوم، تسارع نمو هذا السكان بعد أن أجرى الكونغرس تغييرات على قوانين الهجرة الأميركية في عام 1965.
يمثل المهاجرون اليوم 14.3 في المئة من سكان الولايات المتحدة، بزيادة تقارب ثلاثة أضعاف من 4.7 في المئة في عام 1970، حصة المهاجرين من السكان اليوم هي الأعلى منذ عام 1910 ولكنها تظل أقل من الرقم القياسي 14.8 في المئة في عام 1890.
ووفقاً لتقرير مكتب الميزانية بالكونغرس، من المتوقع أن تضيف القوى العاملة بالولايات المتحدة نحو 1.7 مليون شخص هذا العام مقارنة بتقديرات مكتب الميزانية في العام الماضي، وبحسب التقرير، فإن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سينمو بمقدار سبعة تريليونات دولار إضافية على مدى العقد المقبل، ومن المتوقع أن يضيف الناتج المحلي الإجمالي المعدل حسب التضخم 0.2 نقطة مئوية في المتوسط كل عام بسبب زيادة الهجرة.