إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، لم يَعُد يكتفي بتغريداته المثيرة على «إكس» (تويتر سابقاً)، بل أصبح يشير بوضوح إلى فكرة شراء قناة MSNBC، القناة الإخبارية الليبرالية الشهيرة، هذا التصريح الذي بدا كأنه مجرد مزاح في البداية، أثار الكثير من الجدل والتساؤلات حول مستقبل الإعلام الأميركي في ظل تزايد الاهتمام من قبل المليارديرات بقطاع الإعلام.
وبينما يتوقع البعض أن تكون هذه مجرد مزحة، فإنها تضاف إلى التوترات التي يشعر بها موظفو MSNBC في ظل التحولات السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة، وفي الوقت الذي تتغير فيه أسواق الإعلام، يبرز سؤال كبير: هل سنشهد استحواذات إعلامية من قِبل أقطاب التكنولوجيا والمليارديرات؟
وصف إيلون ماسك قناة MSNBC بأنها «حثالة الأرض»، وقال إن القناة «تروج لدعاية ساذجة»، وقبل أيام قليلة، صرَّح قائلاً «MSNBC في طريقها إلى الانهيار»، والآن، يقوم بنشر ميمات عن شراء القناة.
منشورات ماسك تزيد القلق في MSNBC
يعتقد الخبراء أن ماسك -أغنى رجل في العالم وأحد حلفاء دونالد ترامب الرئيسيين- وأصدقاؤه ربما يمزحون فقط، لكن منشورات ماسك تزيد من القلق لدى موظفي MSNBC بشأن إعادة انتخاب ترامب والإعلان الأخير عن تفكيك قنوات الكابل التابعة لشركة كومكاست.
وفقاً لبريان ستيلتر المحلل في شبكة CNN فقد قال «قضيت يوم الأحد في التحدث مع مصادر لتقييم ما قد يحدث، وتبيَّن لي أن أكثر من ملياردير واحد ذي ميول ليبرالية قد تواصل بالفعل مع معارفه في MSNBC للتعبير عن اهتمامه بشراء القناة».
وأفاد أحد المصادر أن هذه الاهتمامات كانت مطمئنة، لأنها أظهرت أن شخصيات معارضة مثل ماسك (الذي اشترى تويتر ليغيره جذرياً) لن يكونوا المرشحين الوحيدين لشراء القناة.
وأضاف ستيلتر لكن على عكس ما يروّج له حلفاء ترامب على موقع «إكس»، لم تضع كومكاست لافتة «للبيع» على باب MSNBC، إذا كان الرئيس التنفيذي لشركة كومكاست، بريان روبرتس، يريد حقاً بيع قناة الأخبار الليبرالية، لكان قد فعل ذلك بالفعل، بدلاً من ذلك، يقوم بنقل MSNBC وعدد من القنوات الأخرى إلى «SpinCo»، وهي شركة برمجة كابلات مستقلة، ويأمل المسؤولون أن يؤدي تفكيك هذه القنوات المضغوطة -ولكن المربحة- إلى زيادة أسهم كل من كومكاست و«SpinCo».
تقول كومكاست إن المعاملة ستستغرق نحو عام، في ذلك الوقت، هل يمكن أن يتقدم شخص ما بعرض لشراء MSNBC؟ الأمر معقد، «SpinCo» هي شركة منفصلة ضريبياً، وبالتالي فإن بيع الأصول على الفور سيكون له تداعيات ضريبية قد تؤجل أي بيع من هذا القبيل.
وكتب المحلل بنجامين سوينبرن من مورغان ستانلي في ملاحظة للمستثمرين الأسبوع الماضي «عادةً ما نتوقع فترة انتظار مدتها عامين قبل أن تتخذ (SpinCo) أي خطوات استراتيجية أخرى للحفاظ على الطابع الضريبي المنفصل لهذا التفكيك، على الرغم من أننا نعتقد أن هناك سيناريوهات قد يحدث فيها دمج صناعي يشمل (SpinCo) في وقت أقرب». (مورغان ستانلي هي المستشار المالي لشركة كومكاست).
علاوة على ذلك، قد يستنتج المسؤولون التنفيذيون في «SpinCo» أن بيع MSNBC ليس في مصلحة المساهمين، لأن جمهور القناة المخلص يمثل نوعاً من النفوذ في المفاوضات مع موزعي الكابل، ويقول المسؤولون المعنيون بالتفكيك إنهم يعتزمون أن يكونوا «مفترسين» لا «فريسة» (شراء قنوات جديدة بدلاً من بيع القديمة تدريجياً).
بيع MSNBC لكسب ود الرئيس المنتخب ليس جزءاً من الخطة، وفي الواقع، شعرت بوجود حماس كبير في MSNBC بشأن «SpinCo»، لأن الهيكل الجديد يجب أن يسمح بمزيد من الاستثمار في MSNBC وCNBC والعلامات التجارية الأخرى.
حلفاء ماسك يتفاعلون
مع ذلك، لا يجب تجاهل منشورات ماسك، فقد تنبأ بشراء تويتر بتغريدة سأل فيها «كم يكلف؟»، وفي يوم الجمعة، طرح سؤالاً مماثلاً بشأن MSNBC، «كم تكلف؟»، وكان يرد على دونالد ترامب الابن الذي نشر ميماً قال (بخطأ) إن MSNBC معروضة للبيع، وكتب: «مرحباً @elonmusk لدي فكرة مضحكة جداً!».
وانضم جو روغان وقال: «إذا اشتريت MSNBC، أود الحصول على وظيفة راشيل مادو» (أخطأ في كتابة اسمها)، «سأرتدي الملابس والنظارات نفسها، وسأقول الأكاذيب نفسها». وتفاعل مع هذا المنشور معجبو الثلاثي، واستمر ماسك في نشر ميمات عن الفكرة طوال عطلة نهاية الأسبوع، وفي إحدى المرات قام بالترويج لميمات معادية للمثليين تقارن مادو مع مارك كيوبان.
بحلول يوم الأحد، كتب ترامب الابن «أعتقد أنني بدأت شيئاً هنا، كمية الأشخاص الذين يريدون أن يحدث هذا مذهلة!»، وردَّ النائب السابق في فلوريدا، مات غايتس، قائلاً «أريد 100% أن يحدث هذا»، والسخرية هي الهدف، وربما لا يكون هناك أكثر من ذلك.
نموذج «استحواذ الإعلام»
بينما يتبادل ماسك وأصدقاؤه الميمات ويضحكون معاً، هناك تيار خفي جاد، يُعرف هذا بـ«استحواذ الإعلام»، وقد حدث هذا في المجر عندما اشترى حلفاء رئيس الوزراء اليميني المتطرف فيكتور أوربان وسائل الإعلام الخاصة لتحويلها إلى قنوات مؤيدة للحكومة، وفقاً لما ذكرته CNN في وقت سابق من هذا الشهر.
«استحواذ الإعلام» هو فرع مما يُسمى بـ«الاستحواذ الاستبدادي»، حيث تستخدم «الحكومة قوتها لفرض الولاء من القطاع الخاص»، وفي حلقة حديثة من برنامج «Inside the Hive» على Vanity Fair، قال إيان باسين، المدير التنفيذي لـProtect Democracy: «أعتقد أننا في خطر من رؤية ذلك يحدث في سوق الولايات المتحدة عبر جميع القطاعات».
كتب غابور شيرينغ، عضو البرلمان المجري السابق، في مقال جديد لمجلة «Politico» أن أوربان «جمع السيطرة على الإعلام من خلال الدعاية المركزية، والضغط السوقي، والمليارديرات المخلصين»، وأضاف أنه في الولايات المتحدة «يجب ألا يظل المليارديرات ذوو الميول الليبرالية مكتوفي الأيدي كما حدث في المجر، وهم يشاهدون اليمين يسيطر على الإعلام».
هل سيكون كيوبان، الملياردير الرئيسي والمناصر لنائبة الرئيس كامالا هاريس، مهتماً بـMSNBC؟ سألته ليلة الأحد، فقال: «لا أعتقد أن هناك أي شيء يمكن أن يفعله أي شخص لتغيير تأثير الأخبار التلفزيونية التقليدية؛ لذا الإجابة هي لا»، وأضاف: «الناس يشعرون بأن MSNBC لا تفعل ما يكفي لمنافسة فوكس، أنا لا أرى ذلك، ماذا يمكنهم أن يفعلوا بشكل مختلف؟ تصنيع نظريات المؤامرة؟ المبالغة في الترويج للعملات الرقمية؟».
وقال كيوبان أيضاً «أفضّل أن أروّج لـBluesky، وأتمنى أن يساعدهم في تجميع الجمهور، وخلق تأثير شبكي يمنح الوكالة جميع وجهات النظر، أعتقد أنه مع إضافة الأخبار الحية والرياضات، يمكن أن ينافس تويتر».