تخطط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتقديم برنامج تاريخي، من شأنه أن يفرض رسوماً على المركبات التي تدخل منطقة مانهاتن السفلى، وذلك بعد انتهاء فترة مراجعة البرنامج يوم الاثنين.
تعمل خطة «تسعير الازدحام» مثل أي رسوم أخرى، ولكن نظراً لأنها ستفرض على السائقين الذين يسلكون الأماكن المزدحمة، وخصوصاً الذين يدخلون وسط مانهاتن في أوقات الذروة فسيصبح هذا البرنامج الأول من نوعه في الولايات المتحدة.
وتتراوح قيمة الرسوم المقترحة بين تسعة دولارات أميركية و33 دولاراً خلال ساعات الذروة، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ الربيع المقبل.
كانت الخطة قد تأجلت لسنوات، لكنها دُفعت من جديد الشهر الماضي بفعل توقيع الإدارة الفيدرالية للطرق السريعة على المراجعة البيئية للبرنامج، وسيطرح البرنامج أمام الجمهور حتى يوم الاثنين للمراجعة العامة، ومن المتوقع أن توافق عليه الحكومة الفيدرالية بعد فترة وجيزة.
وبعد ذلك، يمكن لهيئة النقل في نيويورك «إم تي إيه» وضع اللمسات الأخيرة على معدلات الرسوم، بالإضافة إلى الخصومات والإعفاءات لبعض السائقين.
لا تزال مدينة نيويورك تتخلص من التأثير المدمر لجائحة كوفيد، إذ يقول المدافعون عن خطة تسعير الازدحام إنها جزء مهم من تعافي المدينة، وتهدف لإعادة تصور المدينة للمستقبل.
وستكون الخطة أيضاً تتويجاً لأكثر من نصف قرن من الجهود المبذولة لتطبيق تسعير الازدحام في مدينة نيويورك.
في عام 2007، اقترح رئيس البلدية مايكل بلومبرغ برنامج الرسوم، الذي رفضه نواب الولاية، وبعد عقد من الزمان قال الحاكم أندرو كومو «حان وقت تلك الفكرة»، وأعلن حالة الطوارئ في مترو الأنفاق بعد زيادة التأخير وحوادث الانحراف عن المسار الذي أصاب العشرات، بعد ذلك بعامين منحت الدولة موافقة هيئة النقل والمواصلات لتصميم برنامج تسعير الازدحام.
كيف يسهم البرنامج في حل أسوأ مناطق الازدحام الأميركية؟
تتدفق 700 ألف سيارة خاصة وأجرة وشاحنة يومياً إلى منطقة مانهاتن السفلى، وهي واحدة من أكثر المناطق ازدحاماً في العالم، والأكثر تعرضاً للاختناقات المرورية في الولايات المتحدة بشكل خاص.
وتسير المركبات بمعدل متوسط 7.1 ميل في الساعة فقط في منطقة تسعير الازدحام، وغالباً ما تزداد بطئاً، إذ انخفضت سرعة الحافلات العامة أيضاً بنسبة 28 في المئة منذ عام 2010، ويخسر سكان نيويورك 117 ساعة في المتوسط كل عام وهم عالقون في الازدحام، ما يكلفهم ما يقرب من ألفي دولارٍ من الإنتاجية المفقودة والتكاليف الأخرى، وفقاً لأحد التقديرات.
وصممت الرسوم لتقليل عدد المركبات التي تدخل منطقة الازدحام بنسبة 10 في المئة على الأقل كل يوم، وخفض عدد الأميال التي تقطعها السيارات داخل المنطقة بنسبة 5 في المئة.
يتسبب الازدحام بعدد من الخسائر المادية والمجتمعية أيضاً؛ ومنها وقوع المزيد من الحوادث المرورية وانبعاثات الكربون والتلوث البيئي والسمعي، وتقليل المساحات التي يمكن تحسينها للمشاة.
يشير المؤيدون إلى أن برنامج الرسوم سيحسن من النقل العام، إذ يشكل النقل العام نحو 75 في المئة من الرحلات المرورية في وسط المدينة.
لكن معدل استخدام وسائل النقل العام انخفض بنسبة 35 في المئة إلى 45 في المئة مقارنةً بمستويات ما قبل الجائحة، وتقول هيئة النقل والمواصلات إن رسوم الازدحام ستولد مصدر دخل مهماً لتمويل استثمارات مستقبلية بقيمة 15 مليار دولار لتحديث نظام النقل العام في المدينة الذي يبلغ عمره مئة عام.
تدابير مماثلة في مدن أخرى
في حين لم تطبق أي مدينة أميركية أخرى خطة تسعير الازدحام حتى الآن، فإن ستوكهولم ولندن وسنغافورة تطبقها منذ سنوات.
أقرت هذه المدن عدداً من فوائد تلك الرسوم مثل انخفاض تلوث ثاني أكسيد الكربون، وارتفاع متوسط السرعات، وتقليل الازدحام.
بعد عام واحد فقط من تطبيق لندن للرسوم في عام 2003، انخفض الازدحام المروري بنسبة 30 في المئة وزاد متوسط سرعة السيارات بالنسبة المئوية نفسها، وفي ستوكهولم وجدت إحدى الدراسات أن معدل زيارات الطبيب من قبل الأطفال المصابين بالربو الحاد قد انخفض بنحو 50 في المئة مقارنةً بالمعدلات قبل بدء البرنامج في عام 2007.
ومع ذلك، تعارض بعض الجماعات بشدة رسوم الازدحام في مدينة نيويورك، إذ يخشى سائقو سيارات الأجرة وسائقو النقل المشترك، وهم إلى -حد كبير- من ذوي الدخل المنخفض والقوى العاملة المهاجرة، من أن ذلك سيضر بالسائقين الذين يكافحون بالفعل لتغطية نفقاتهم، وقالت هيئة الطرق والمواصلات إن تسعير الازدحام يمكن أن يقلل الطلب على سيارات الأجرة بنسبة تصل إلى 17 في المئة في المنطقة ذاتها.
ويقول منتقدون آخرون إنه يمكن أن يحول المزيد من حركة المرور والتلوث من شاحنات الديزل في مانهاتن إلى المناطق ذات الدخل المنخفض مثل برونكس، التي لديها أعلى معدلات ربو مسجلة في المدينة.
لكن هيئة النقل في نيويورك لديها خطط إضافية للتخفيف من الآثار المترتبة على برنامج التسعير، إذ ستدفع سيارات الأجرة وعربات تنقل الأفراد المؤجرة الرسوم مرة واحدة فقط في اليوم.
بينما سيحصل السائقون الذين يتقاضون أقل من 50 ألف دولار في السنة أو المسجلون في برامج مساعدات حكومية معينة على خصومات بنسبة 25 في المئة بعد أول عشر رحلات لهم كل شهر، كما ستحصل الشاحنات والمركبات الأخرى على تخفيضات بنسبة 50 في المئة خلال ساعات الليل.
بالإضافة إلى ذلك، تعهدت هيئة النقل العام بتقديم عشرة ملايين دولار لتركيب وحدات تنقية الهواء في المدارس القريبة من الطرق السريعة، و20 مليون دولار لبرنامج مكافحة الربو، واستثمارات أخرى لتحسين جودة الهواء والبيئة في المناطق التي يمكن أن تحول إليها المزيد من حركة المرور.
(ناثانيال مايرسون- CNN)