إيماناً بقدرة السياحة على المساهمة في تنويع روافد الاقتصاد السعودي، تستشرف مدينة أبها قلب عسير النابض مستقبلها السياحي، وتسابق الزمن لجذب المزيد من الزوار والمستثمرين لقطاع السياحة، عن طريق الاستفادة من أهم معالمها الأثرية لتطوير مناطق حضرية وسياحية جديدة.

وأعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إطلاق شركة اردارا لتطوير مشروع وادي أبها بمنطقة عسير ليكون باكورة أعمالها بهدف الاستفادة من التراث العريق لتطوير طابع هندسي ومعماري يمكنه أن يصبح مركزاً حضارياً ووجهة سياحية، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030.

وتهدف الشركة إلى توفير الفرص للمستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء في العديد من القطاعات، ومنها الضيافة والفنون والثقافة والغذاء والزراعة وتجارة التجزئة والترفيه بما يسهم في بناء الشراكات مع القطاع الخاص.

مشروع الوادي بين السياحة المستدامة والخيارات الترفيهية الراقية

يمتد مشروع الوادي على مساحة تبلغ نحو 2.5 مليون متر مربع، ومن المقرر أن يستوحي طابعه المعماري تراث منطقة عسير العريقة مع تطبيق معايير السياحة المستدامة ومراعاة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

فمع التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، والاهتمام السعودي بتطبيق معايير الاستدامة، سيعتمد مشروع الوادي على تطبيق معايير الاستدامة ورفع مستوى جودة الحياة عن طريق توفير أكثر من 30 في المئة من مساحة المشروع كمساحات خضراء مفتوحة، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء السعودية.

كما سيتضمن المشروع 16 كيلومتراً من الوجهات المائية بالإضافة إلى تخصيص 17 كيلومتراً للمسارات الرياضية والأنشطة الثقافية والمجتمعية.

.

وستطور شركة اردارا خمس مناطق رئيسية بطابع متفرد، وخلال السنوات الثلاث المقبلة ستتضمن المرحلة الأولى خيارات من السكن والضيافة والترفيه، منها 2000 خيار سكني متنوع من شقق إلى فلل عصرية وراقية علاوة على الفنادق الفاخرة والمساحات التجارية ومناطق الأعمال.

استراتيجية عسير وتوفير الفرص الاستثمارية

تتماشى شركة اردارا مع استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة الرامية إلى إطلاق قدرات القطاعات السعودية الواعدة مثل قطاع السياحة والترفيه وتعزيز الجهود في تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط.

ويشير الموقع الإلكتروني لرؤية 2030 إلى أن برنامج صندوق الاستثمارات العامة أُطلق عام 2017 لدعم تحقيق رؤية 2030 والمساهمة في تنويع الاقتصاد المحلي.

من المقرر أن يسهم مشروع الوادي في دعم الناتج المحلي غير النفطي بأكثر من 19 مليار ريال حتى عام 2030، كما سيستحدث آلاف الوظائف لأبناء منطقة عسير وسكانها بحلول العام ذاته.

وتتلاءم كل تلك الجهود مع مستهدفات استراتيجية تطوير منطقة عسير التي حملت شعار «قمم وشيم»، التي أطلقها الأمير محمد في 2021 بهدف تحويل المنطقة إلى وجهة سياحية عالمية يمكنها أن تستقطب أكثر من 10 ملايين زائر من داخل السعودية وخارجها بحلول 2030.

وتسعى الاستراتيجية إلى تمويل العديد من المشاريع الحيوية، وتطوير مناطق الجذب السياحي في عسير بضخ 50 مليار ريال عبر استثمارات متنوعة، وفقاً لهيئة تطوير منطقة عسير.

وأطلق ولي العهد السعودي قبل أيام المخطط العام لمطار أبها الدولي الجديد بطاقة استيعابية تتجاوز 13 مليون مسافر سنوياً ومساحة تصل إلى 65 ألف متر مربع.

ومن المقرر أيضاً أن يتسم المطار بهوية معمارية متسقة مع تراث منطقة عسير ليصبح معلماً بارزاً من المعالم المميزة للمملكة، على أن تنتهي المرحلة الأولى منه بحلول عام 2028، ويستهدف تشغيل أكثر من 90 ألف رحلة سنوياً.

وضمن جهود صندوق الاستثمارات العامة لتمكين القطاعات الواعدة ودعم استراتيجية عسير، أطلق الأمير محمد أيضاً المخطط العام لمشروع تطوير السودة تحت مسمى قمم السودة بهدف توفير تجربة معيشية مختلفة كاشفة عن وجه جديد للسياحة الجبلية في عسير.

ومن المنتظر أن تسهم قمم السودة في تنمية القطاع السياحي والترفيهي، ودعم نمو الاقتصاد السعودي، عبر المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 29 مليار ريال (ما يعادل نحو 7.7 مليار دولار)، بالإضافة إلى توفير آلاف الوظائف.

مساهمة القطاع السياحي السعودي في الناتج المحلي الإجمالي

وقال الخبير والمثمن العقاري السعودي أحمد الفقيه في تصريحات لـ«CNN الاقتصادية» إن «إطلاق مشروع الوادي في منطقة أبها بجنوب السعودية، يستهدف بناء بنية تحتية جديدة، وتأسيس مستوى مختلف للسياحة في هذه المدينة؛ التي تتميز بمناخ سياحي كبير وطقس استثنائي».

وأضاف أن المشروع يأتي ضمن مستهدفات رؤية 2030 لقطاع السياحة، بهدف جذب 100 مليون سائح سنوياً، وتنويع مصادر الدخل لتقليل الاعتماد على النفط، وضمان الاستدامة المالية، موضحاً أن المملكة تستمر في الوصول إلى هذا الهدف، وبالفعل شهدت زيادة في عدد السائحين خلال الربع الأول من العام الجاري بلغت نحو 35 في المئة.

كان وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب قد أوضح في يونيو حزيران أن قطاع السياحة السعودي حقق نمواً في الناتج المحلي بنسبة 4.45 في المئة.

وأفاد بأن السعودية تعتزم استثمار أكثر من 800 مليار دولار في القطاع على مدى السنوات العشر المقبلة.