يستعد الملايين من المسلمين حول العالم مع اقتراب شهر رمضان للتوجه إلى مكة المكرمة؛ بهدف إتمام مناسك العمرة، بينما يخطط آخرون للتوجه إلى الحج في شهر ذي الحجة والموافق لشهر يونيو حزيران المقبل.
هذه الرحلة الروحانية أصبحت أكثر سهولة بفضل التكنولوجيا، إذ تمكنت السعودية من استخدامها لخدمة ضيوف الرحمن، لتوفير الوقت والمجهود، وضمان سلامتهم، ولعل أحدثها التاكسي الطائر أو الطائرة الكهربائية، التي أعلنت عنها الخطوط الجوية السعودية مؤخراً.
متى تُطلق الطائرة الكهربائية؟
بدأ الحديث عن الطائرة الكهربائية في السعودية، عندما أعلنت الخطوط الجوية السعودية -الناقل الوطني للمملكة- عن إبرام مذكرة تفاهم، مع شركة ليليوم الألمانية المطورة لأول مركبة كهربائية جوية عمودية الإقلاع والهبوط، خلال مبادرة مستقبل الاستثمار التي عُقدت في الرياض خلال أكتوبر تشرين الأول 2023.
تفضل الخطوط السعودية اسم (الطائرة الكهربائية) على وسيلة النقل المنتظر إطلاقها بحلول عام 2026، وفقاً لما قاله عبدالله محمد الشهراني، مدير عام الاتصال المؤسسي بالخطوط الجوية السعودية لمنصة «CNN الاقتصادية».
وأضاف أن «فوائد الطائرة الكهربائية ليست مقتصرة على المعتمرين والحجاج، بل ستمتد إلى كل مناطق المملكة، إذ يتمثل دورها في المسافات البعيدة عن المطار، أو المناطق التي تشهد ازدحاماً كبيراً».
وحول تقديم الخدمات لفئة محددة، قال الشهراني «نتوقع أن تقدم هذه الطائرة خدماتها لقاصدي بيت الله الحرام، ولقطاع الأعمال والسياحة في الرياض والبحر الأحمر والعلا وغيرها».
كما أفاد بأن الفكرة جزء من برنامج يهدف إلى تقديم وابتكار منتجات وخدمات نوعية وجديدة لضيوف الرحمن والتي لا تقتصر على الطائرات التقليدية.
ووفقاً للخطوط السعودية، فإن طائرة ليليوم النفاثة تتميز أيضاً بمعدل انبعاثات كربونية منخفض، ما يجعلها أحد ممكنات استدامة السفر جواً، واختصار وقت الرحلات الجوية، كما تتيح مقصورتها عدة خياراتٍ لترتيب المقاعد.
تكنولوجيا الحج والعمرة
تعتبر الطائرة الكهربائية أحدث تكنولوجيا تدخلها المملكة لخدمة الحجاج والمعتمرين، إذ سبق أن قدمت خدمات تكنولوجية تهدف إلى ضمان سلامة الحجاج والمعتمرين خاصة بعد فترة الجائحة، فوفرت مكانس التطهير الذكية، والروبوت الذكي لتوزيع ماء زمزم.
كما وفرت طائرات بدون طيار لفحص الطرق في المشاعر المقدسة، كما حرصت بعض الشركات السعودية إلى رقمنة تجربة الحج والعمرة لجعلها أكثر سلاسة ومرونة.
واهتماماً بذوي الاحتياجات الخاصة، وفرت المملكة للمعتمرين والحجاج منهم خدمة العربات الكهربائية.
كما يعد قطار الحرمين الشريفين السريع واحداً من أبرز السبل تيسيراً على ضيوف الرحمن رحلتهم الدينية، إذ تستغرق المسافة بين المدينة المنورة ومكة المكرمة نحو ساعتين ونصف فقط، بينما يمر بالميقات، الذي يمهّد للمعتمرين وقت المرور به، استعداداً لعقد نية العمرة، كما يوفر إمكانية الوصول إلى مطار جدة في رحلة لا تستغرق الساعة، تسهيلاً على ضيوف الرحمن استقبالهم ونقلهم إلى مكة، أو توصيلهم إلى المطار عقب أدائهم المناسك.
كما يأتي تطبيق (نُسك) بهدف تنظيم عملية إصدار التأشيرات، ودخول الروضة النبوية الشريفة، فضلاً عن تقديم معلومات عن الخدمات الصحية، ومعرفة أوقات الذروة والازدحام، وهو الأمر الذي يوفره أيضاً تطبيق توكلنا خدمات، بهدف مساعدة ضيوف الرحمن على اتباع المناسك بطريقة صحيحة.
وأيضاً، تتعدد التكنولوجيا التي توفرها الخطوط السعودية لخدمة ضيوف الرحمن، بداية من الإرشادات التي تقدمها على متن الطائرات للمساعدة في أداء الفريضة، إلى جانب حقيبة المستلزمات التي يحتاج إليها المعتمر والحاج، وخدمة استلام الحقائب من سكنهم في مكة المكرمة أو المدينة المنورة، وفقاً للشهراني.
دخل السعودية من موسم الحج والعمرة
تستهدف السعودية زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين إلى 30 مليون شخص سنوياً، ورفع إيرادات الحج السنوية إلى نحو 50 مليار ريال بحلول عام 2030، بينما توقع تقرير صادر عن شركة (فيوتشر ماركت إنسايتس) تحقيق موسم الحج نمواً سنوياً مركباً يفوق سبعة في المئة.
مع زيادة التسهيلات التكنولوجية فإن الأمر انعكس على عدد المعتمرين والحجاج، والذي من المتوقع أن يرتفع، وفقاً لما قاله الشهراني.
وعززت المملكة من قدراتها على استضافة المزيد من المعتمرين خلال 2024، إذ صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على استضافة ألف معتمر من جميع دول العالم خلال العام الجاري.
يأتي ذلك ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة الذي تنفذه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وبالفعل أدت أحدث دفعة مناسك العمرة، في فبراير شباط الجاري، وهي الدفعة الثانية التي ضمت 250 معتمراً ومعتمرة من 15 دولة.
وكان لرحلات الحج والعمرة الفضل في زيادة أعداد المتوجهين إلى مكة، إذ بلغ عدد المعتمرين في عام 2023 أكثر من 13.55 مليون معتمر، وفقاً لبيانات وزارة الحج والعمرة.
كما جذب موسم الحج في العام ذاته أكثر من 1.84 مليون حاج، علماً أن منظمة الصحة العالمية توقعت زيادة في عدد الحجاج بنسبة أكبر بعد ثلاث سنوات.
يأتي ذلك على الرغم من ارتفاع الأسعار، ومعدلات التضخم المتزايدة عالمياً، فوفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي فإن التضخم بلغ 6.9 في المئة خلال 2023، لكن في رحلتهم إلى الحج أو العمرة يتوجه المسلمون بهدف قضاء واحدة من أركان الإسلام، الأمر الذي أولته السعودية اهتماماً كبيراً، خاصة أنها مقصدهم للسياحة الدينية سواء بتأدية المناسك في مكة، أو السفر إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي.