أعلنت شركتا السكك الحديدية الرئيسيتان المتخصصتان في نقل البضائع في كندا عن إيقاف عملياتهما بسبب توقف 9 آلاف سائق قطار عن العمل، ما يُمثل ضربة قوية للاقتصادين الكندي والأميركي.

ويعبر ما يقرب من ثلث حاويات البضائع التي تنقلها الشركتان (الوطنية الكندية وخطوط كندا والمحيط الهادئ كنساس سيتي الجنوبية) الحدود الأميركية الكندية.

وقد يؤدي الإغلاق -إن طال- إلى تعطيل الإنتاج في عدد من القطاعات الاقتصادية الأميركية، بما في ذلك الزراعة وصناعة السيارات والقطاع العقاري والطاقة.

وعلى سبيل المثال، قد تغلق بعض مصانع السيارات الأميركية أبوابها إذا لم تتمكن من تسلم المحركات أو نواقل الحركة الواردة من المصانع الكندية، وقد يعاني المزارعون الأميركيون من نقص في الأسمدة، وقد ينفد الكلور الذي تستخدمه محطات معالجة المياه الأميركية بالقرب من الحدود الكندية.

وقالت شركة كنساس سيتي في بيان، اليوم الخميس، بعد بدء الإغلاق في الساعة 12:01 صباحاً بالتوقيت الشرقي، «تعمل الشركة على حماية سلاسل التوريد الكندية ومصالح الجميع من المزيد من الاضطرابات التي قد تنشأ إذا طال أمد هذا النزاع، ومنع توقف محتمل للعمل خلال فترة ذروة الشحن في الخريف»، وأضافت «إن تأخير حل هذا النزاع العمالي سيؤدي إلى تفاقم الأمور».

وهذه هي المرة الأولى التي تُغلق فيها شركتا السكك الحديدية الكنديتان الرئيسيتان في الوقت نفسه بسبب نزاع عمالي، كان آخر توقف للعمل في الصناعة هو إضراب لمدة 60 ساعة في كنساس سيتي في عام 2022، قبل ذلك كان هناك إضراب لمدة تسعة أيام في شركة الوطنية الكندية في عام 2019.

كيف نتجنب الإضراب؟

يختلف تحرك اليوم الخميس عن الإضراب، حيث يرفض أعضاء النقابة الحضور إلى العمل، في هذه الحالة تكون الإدارة هي المُلزمة بإعلام ما يقرب من 9 آلاف من السائقين أنهم لا يستطيعون العمل.

وقال المتحدث باسم شركة كنساس سيتي، باتريك والدرون، إنه من الأفضل إيقاف العمليات الآن والتوصل إلى نتيجة، بدلاً من إضراب النقابة في وقت لاحق من هذا الخريف.

وقال المتحدثون باسم شركتي السكك الحديدية إن الإدارة بحاجة إلى المضي قدماً في خطط الإغلاق لأنها لا تستطيع الانتظار حتى ينفذ الاتحاد إضراباً مع إشعار مدته 72 ساعة فقط، كما ينص القانون الكندي.

وقال جوناثان أبيكاسيس، المتحدث باسم شركة السكك الحديدية الوطنية الكندية، لشبكة سي إن إن، أمس الأربعاء قبل الإغلاق، «لا يمكننا إغلاق شبكة السكك الحديدية بمجرد الضغط على مفتاح، الأفضل هو إغلاق آمن».

لا يوجد في كندا قانون عمل موحد مثل الولايات المتحدة، الذي من شأنه أن يسمح لرئيس الوزراء جاستن ترودو بمنع الإضراب أو الإغلاق، مثل ما قام به الرئيس جو بايدن والكونغرس في عام 2022، عندما اتخذا إجراءات لمنع إضراب 13 نقابة للسكك الحديدية.

والتقى وزير العمل الكندي ستيف ماكينون مفاوضي النقابة والإدارة في الأيام الأخيرة في محاولة فاشلة للتوصل إلى اتفاق، وهو الآن يمتلك سلطة إحالة الأمر إلى التحكيم المُلزم، وهو الحل الذي تسعى إليه شركات السكك الحديدية وتعارضه النقابات، وحتى الآن ترفض إدارة ترودو هذا الخيار.

الخسائر الاقتصادية

بسبب خطر توقف العمل، توقفت كلتا الشركتين عن تسلم شحنات من المواد الخطرة الأسبوع الماضي حتى لا تتعطل هذه المواد في القطارات غير القادرة على الحركة، ويقول جون دريك، نائب رئيس غرفة التجارة الأميركية للنقل، «هذا يتسبب بالفعل في بعض الاضطرابات، وقد تم إعلامنا بالفعل من شركات أن شحناتها لا تتحرك».

يقول المتحدث باسم شركة كنساس سيتي، باتريك والدرون، «نحن على وشك الوصول إلى ذروة موسم الشحن في الخريف، لدينا محصول حبوب كندي جيد، وهو الأول الذي لم يتأثر بالجفاف منذ عامين، بالإضافة إلى هدايا عيد الميلاد، إذا استمر هذا التوقف في فترة الشحن في الخريف، فستكون العواقب أسوأ».

من جانب آخر يقول اتحاد السائقين إنه كان يسعى إلى عقد يناسب الجانبين، لكن مطالب شركات السكك الحديدية من شأنها أن تقلل من راحة العاملين وتزيد من مخاطر السلامة.

يقول بول بوشيه، رئيس نقابة سائقي الشاحنات في كندا، في بيان أصدره اليوم الخميس «أظهرت الشركتان استعدادهما للتنازل عن سلامة السكك الحديدية وتمزيق الأسر لكسب دولار إضافي، لا تهتم شركات السكك الحديدية بالمزارعين أو الشركات الصغيرة أو سلاسل التوريد أو موظفيها، إن تركيزهم الوحيد هو تعزيز صافي أرباحهم، حتى لو كان ذلك يعني تعريض الاقتصاد بأكمله للخطر».

لكن شركات السكك الحديدية تنفي أن التغييرات التي تسعى إليها من شأنها أن تزيد من مخاطر السلامة، قائلة إن جميع المقترحات توفر حماية أكبر مما تتطلبه اللوائح الكندية المُعدلة مؤخراً.

وقالت الشركات إن خطأ النقابة هو عدم التوصل إلى اتفاق قبل الموعد النهائي.

وأصدرت غرف التجارة في كل من الولايات المتحدة وكندا بياناً مشتركاً يوم الثلاثاء تدعو فيه الحكومة الكندية إلى اتخاذ إجراءات للحفاظ على عمل السكك الحديدية، وقالت إن توقف خدمة السكك الحديدية سيكون مدمراً للشركات والأسر الكندية ويفرض تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الأميركي، «إن التجارة الثنائية وسلاسل التوريد المتكاملة بين البلدين تعني أن أي تعطيل كبير للسكك الحديدية من شأنه أن يُعرض سبل عيش العمال في صناعات متعددة على جانبي الحدود للخطر».

ويقول خبراء الاقتصاد إن شاحنات النقل البرية المتاحة لا تمتلك سعة كافية لنقل البضائع التي تنقلها السكك الحديدية الكندية.

وقال تقرير صدر أول أمس الثلاثاء عن مجموعة أندرسون الاقتصادية، وهي شركة أبحاث في ميشيغان تتمتع بخبرة في تقدير التأثير الاقتصادي لتوقف العمل، إن الإضراب لمدة ثلاثة أيام من شأنه أن يتسبب في أضرار اقتصادية بقيمة 300 مليون دولار (407 ملايين دولار كندي)، في حين أن الإضراب لمدة سبعة أيام من شأنه أن يجلب خسائر تزيد على مليار دولار (1.4 مليار دولار كندي).

وقالت كريستين دزيتشيك، مستشارة السياسات في قسم الأبحاث والسياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، إن الإغلاق لبضعة أيام فقط سيكون له تأثير اقتصادي محدود لكنه سيسبب مشكلات كبيرة «سيستغرق الأمر أسابيع لحل المشكلات الناجمة عن إغلاق لبضعة أيام»، مشيرة إلى اضطراب سلاسل الإمداد.