قد يسهم استخدام بطاقة الائتمان لشراء احتياجاتك من البقالة أو ملء سيارتك بالوقود في أرباح صناعة الطيران أكثر من شراء تذاكر الطيران.. كيف؟
أصبحت برامج المسافر الدائم جزءاً أساسياً من ربحية صناعة الطيران، ويرجع ذلك إلى مليارات الدولارات التي تدفعها البنوك وشركات بطاقات الائتمان لشراء أميال بالجملة من شركات الطيران لمكافأة حاملي البطاقات وإغرائهم بإجراء عمليات شراء ببطاقاتهم.
لا يفكر راكب الخطوط الجوية النموذجي مطلقاً في اقتصاديات برامج المسافر الدائم، لكن البرامج أصبحت ضرورية لشركات الطيران لتوليد الأرباح اللازمة لتستمر عملياتها، كما لفتت برامج الولاء انتباه الهيئات التنظيمية الفيدرالية بسبب الدور المركزي الذي تلعبه في السفر الجوي اليوم.
في العام الماضي، تلقت شركة دلتا إيرلاينز 6.8 مليار دولار من الإيرادات من أميركان إكسبريس نتيجة مشتريات الأفراد باستخدام بطاقة «دلتا أميركان إكسبريس» ذات العلامة التجارية المشتركة، كما أبلغت شركة أميركان إيرلاينز عن إيرادات بلغت 5.2 مليار دولار من البطاقات ذات العلامة التجارية المشتركة والشراكات الأخرى، وأعلنت شركة يونايتد 3.2 مليار دولار إيرادات نتيجة مدفوعات برنامج المسافر الدائم.
ويقول زاك جريف، كبير مراسلي الطيران في موقع السفر «ذا بوينت جاي»، «برامج المسافر الدائم لشركات الطيران هي شريان حياتها، إنها السبب وراء استمرار شركات الطيران في العمل».
بالطبع إيرادات شركات الطيران من بيع الأميال لشركات بطاقات الائتمان ليست ربحاً خالصاً، لكن هامش الربح في هذا الجزء من العمل يبلغ نحو 50 في المئة، وفقاً لتوم فيتزجيرالد، محلل شركات الطيران في تي دي كوين، الذي يوضح أن «نسبة هوامش الربح الإجمالية إلى الإيرادات في صناعة الطيران لا تتجاوز خانة الأحاد، لذا أرباح بيع الأميال (50 في المئة) هي ضخمة للغاية».
ولاء العملاء
تعد برامج المسافر الدائم وسيلة مهمة لشركات الطيران لتشجيع السفر وبناء ولاء لدى العملاء في سوق شديدة التنافسية، وقد زادت أهميتها لدرجة أن وزارة النقل الأميركية أعلنت الخميس الماضي أنها ستُطلق تحقيقاً في البرامج لضمان معاملة المستهلكين بشكلٍ عادل.
وقال وزير النقل، بيت بوتيجيج، في بيان «أصبحت أميال المسافر الدائم ومكافآت بطاقات الائتمان جزءاً مهماً من اقتصادنا لدرجة أن العديد من الأميركيين ينظرون إلى أرصدة نقاط المكافآت الخاصة بهم كجزء من مدخراتهم، تجلب هذه البرامج قيمة حقيقية للمستهلكين، حيث تعتمد العائلات غالباً على مكافآت شركات الطيران لتمويل إجازة أو لدفع ثمن رحلة لزيارة أحبائهم، ولكن على عكس حساب التوفير التقليدي، فإن هذه المكافآت تسيطر عليها شركة يمكنها تغيير قيمتها من جانب واحد، وهدفنا هو ضمان حصول المستهلكين على القيمة التي وُعدوا بها، والتحقق من أن هذه البرامج شفافة وعادلة».
علاوة على ذلك، نظر الكونغرس في تشريع قد يضع حداً أقصى للرسوم التي تطلبها شركات بطاقات الائتمان من التجار الذين يقبلون بطاقاتهم، يمكن أن تقلل مثل هذه القيود ما يمكن لمصدري بطاقات الائتمان دفعه مقابل الأميال من أجل تقديم المكافآت.
توقع الرئيس التنفيذي لشركة يونايتد، سكوت كيربي، في مكالمة مع المستثمرين في أكتوبر الماضي، أن مثل هذا التشريع “سيقتل برامج المكافآت.. لن تكون موجودة بعد الآن.”
كانت شركات الطيران الكبرى صامتة إلى حد كبير بشأن البرامج وربحيتها، ولم تشر إليها إلّا في ملفاتها وبياناتها العامة، ولكن الخميس الماضي دافعت مجموعة الخطوط الجوية الأميركية عن البرامج، وقالت في بيان “يستمتع الملايين من الناس بكونهم جزءاً من برامج الولاء المختلفة، يجب على صناع السياسات ضمان استمرار تقديم هذه الفوائد المهمة للمستهلكين.”
ما الميزات للمسافرين؟
يرى زاك جريف، من موقع السفر «ذا بوينت جاي» أن هذه البرامج تعتبر صفقات جيدة بشكل عام للمستهلكين، حتى لو كانت صفقات أفضل لشركات الطيران نفسها، ولكن حتى تكون صفقة ناجحة للمستهلك لا بد أن يسدد المستهلكون بطاقاتهم الائتمانية بشكل منتظم ولا ينتهي بهم الأمر إلى دفع أسعار فائدة عالية على المشتريات التي سمحت لهم بتجميع تلك الأميال، كما ينبغي أن يحذر المستهلكون من عدم فرض رسوم زائدة على عدد الأميال التي سيقطعونها عندما يختارون شراء التذكرة.
وتتراوح تكلفة السفر لميل ما بين 1.2 سنت و1.3 سنت فقط، كما يقول جريف، لذا فإن تذكرة طائرة بقيمة 400 دولار يجب أن تمنح المسافر رحلة لنحو 33 ألف ميل، وإذا كانت شركة الطيران تفرض أميالاً أكثر بكثير مقابل التذكرة، فقد يكون من الأفضل توفير هذه الأميال لرحلة أخرى.
ويوفر موقع «ذا بوينت جاي» حاسبة لقياس الفرص البديلة لشراء التذاكر.
في ذروة الوباء عندما توقفت الرحلات الجوية تقريباً وكانت شركات الطيران في أمس الحاجة إلى المال، كانت الإيرادات التي كانت تحصل عليها شركات الطيران من بطاقات الائتمان بمثابة شريان حياة حقيقي.
باعت معظم شركات الطيران الأميركية سندات لجمع الأموال، وهي سندات مدعومة بوعد بسدادها من البنوك ومدفوعات بطاقات الائتمان مقابل الأميال، وتجاوزت القيمة التقديرية لبرامج المسافر الدائم قيمة شركات الطيران نفسها بكثير، مما يشير إلى أن المستثمرين قدروا العمليات الفعلية لشركات الطيران بالسالب.
لكن لا نستطيع القول إن برامج المسافر الدائم أكثر قيمة من شركات الطيران نفسها لأن الرحلات الفعلية هي التي تمنح البرامج قيمتها الجوهرية، كما قال أندرو ديدورا، محلل شركات الطيران في بنك أوف أميركا، الذي أضاف أنه «من الصعب للغاية فصل قيمة البرامج عن قيمة بقية عمليات شركات الطيران، لكن من الواضح أن برامج المسافر الدائم تشكّل أهمية حيوية لاقتصاديات تشغيل شركات الطيران، ليس فقط بسبب الأرباح المباشرة التي تحققها، بل وأيضاً بسبب الطريقة التي تجتذب بها العملاء وتحافظ عليه، إنها تسمى برامج الولاء لسبب وجيه».