قد يسهم شراء البقالة لهذا الأسبوع أو دفع ثمن ملء خزان الوقود بالكامل ببطاقة الائتمان في زيادة أرباح صناعة الطيران أكثر من شراء تذكرة ذهاب فقط.

وذلك لأن برامج المسافر الدائم أصبحت جزءاً أساسياً من ربحية صناعة الطيران.. ويرجع ذلك إلى المليارات من الدولارات التي تدفعها البنوك وشركات بطاقات الائتمان لشراء أميال بالجملة من شركات الطيران لمكافأة حاملي البطاقات وإغرائهم بإجراء عمليات شراء باستخدام بطاقاتهم.

ربما لا يفكر راكب الخطوط الجوية التقليدي مطلقاً في اقتصادات برامج المسافر الدائم، لكن البرامج أصبحت حاسمة لشركات الطيران لتوليد الأرباح اللازمة للبقاء، كما لفتت برامج الولاء انتباه الهيئات التنظيمية الفيدرالية بسبب الدور المركزي الذي تلعبه في السفر الجوي اليوم.

في العام الماضي، تلقت شركة دلتا إيرلاينز 6.8 مليار دولار من الإيرادات من أميركان إكسبريس على بطاقة دلتا أميكس ذات العلامة التجارية المشتركة، وأعلنت الخطوط الجوية الأميركية عن إيرادات بلغت 5.2 مليار دولار من البطاقات ذات العلامة التجارية المشتركة والشراكات الأخرى.

كما أعلنت شركة يونايتد عن 3.2 مليار دولار فقط على خط التشغيل الآخر الذي جاء في المقام الأول من المدفوعات لبرنامج المسافر الدائم، وعند النظر في الدخول المعدلة لعام 2023 لشركة دلتا (4 مليارات دولار) وأميركان (1.9 مليار دولار) ويونايتد (3.3 مليار دولار) فمن السهل أن نفهم لماذا تعتمد شركات الطيران الكبرى بشكل كبير على برامج المسافر الدائم.

قال زاك غريف، كبير مراسلي الطيران في ذا بوينتس غاي، وهو موقع سفر يتابع البرامج عن كثب، «إن برامج المسافر الدائم لشركات الطيران هي شريان حياتها؛ إنها السبب وراء استمرار شركات الطيران في العمل».

بالطبع، فإن المكاسب غير المتوقعة من بيع الأميال لشركات بطاقات الائتمان ليست ربحاً خالصاً لشركات الطيران؛ تنتهي شركات الطيران إلى توفير رحلات لتلك الأميال، لكن هامش الربح في هذا الجزء من العمل يبلغ نحو 50 في المئة، وفقاً لتوم فيتزجيرالد، محلل شركات الطيران في تي دي كوين.

وزارة النقل والكونغرس يراقبان البرامج

تعد برامج المسافر الدائم كذلك وسيلة مهمة لشركات الطيران لتشجيع السفر وبناء ولاء العملاء في سوق كانت شديدة التنافسية منذ فترة طويلة.

لكنها تخضع أيضاً لتدقيق جديد؛ أعلنت وزارة النقل، يوم الخميس، أنها ستطلق تحقيقاً في البرامج لضمان معاملة المستهلكين بشكل عادل.

قال وزير النقل بيت بوتيجيج، في بيان أعلن فيه عن التحقيق «أصبحت أميال المسافر الدائم ومكافآت بطاقات الائتمان جزءاً مهماً من اقتصادنا لدرجة أن العديد من الأميركيين ينظرون إلى أرصدة نقاط المكافآت الخاصة بهم كجزء من مدخراتهم».

وأضاف «تجلب هذه البرامج قيمة حقيقية للمستهلكين، إذ تعتمد العائلات غالباً على مكافآت شركات الطيران لتمويل إجازة أو لدفع ثمن رحلة لزيارة أحبائهم، ولكن على عكس حساب التوفير التقليدي، فإن هذه المكافآت تسيطر عليها شركة يمكنها تغيير قيمتها من جانب واحد، هدفنا هو ضمان حصول المستهلكين على القيمة التي وعدوا بها، وهو ما يعني التحقق من أن هذه البرامج شفافة وعادلة».

بالإضافة إلى ذلك، نظر الكونغرس في تشريع قد يضع حداً أقصى للرسوم التي تطلبها شركات بطاقات الائتمان من التجار الذين يقبلون بطاقاتهم، يمكن أن تقلل مثل هذه القيود مما يمكن لمصدري بطاقات الائتمان دفعه مقابل الأميال من أجل تقديم المكافآت.

توقع الرئيس التنفيذي لشركة يونايتد سكوت كيربي في مكالمة مع المستثمرين في أكتوبر تشرين الأول الماضي أن مثل هذا التشريع «سيقتل برامج المكافآت… لن تكون موجودة بعد الآن».

كانت شركات الطيران الكبرى صامتة إلى حد كبير بشأن البرامج وربحيتها، ولم تشر إليها إلّا في ملفاتها وبياناتها العامة، ولكن يوم الخميس، دافعت مجموعة التجارة الصناعية إيرلاينز فور أميركا عن البرامج.

قالت المجموعة في بيان «يستمتع الملايين من الناس بكونهم جزءاً من برامج الولاء المختلفة، يجب على صناع السياسات ضمان استمرار تقديم هذه الفوائد المهمة للمستهلكين».

هل تلك البرامج جيدة للركاب؟

قال غريف، من ذا بوينت غاي، إن البرامج هي صفقات جيدة بشكل عام للمستهلكين، حتى لو كانت صفقات أفضل لشركات الطيران نفسها، ولكن هذا طالما يسدد المستهلكون بطاقاتهم الائتمانية ولا ينتهي بهم الأمر إلى دفع أسعار فائدة عالية على المشتريات التي سمحت لهم بتجميع تلك الأميال.

يجب على المستهلكين أيضاً توخي الحذر من عدم فرض رسوم زائدة على عدد الأميال عندما يختارون بين شراء تذكرة نقداً أو بالأميال، قال غريف إن قيمة الميل في الغالب 1.2 سنت أو 1.3 سنت فقط.. لذا فإن تذكرة طائرة بقيمة 400 دولار يجب أن تكلف نحو 33 ألف ميل.. وإذا كانت شركة الطيران تفرض أميالاً أكثر بكثير مقابل تذكرة، فقد يكون من الأفضل توفير الأميال لرحلة مختلفة… لدى ذا بوينتس غاي حاسبة لمقارنة الطريقتين لشراء تذكرة.

في ذروة الجائحة، عندما توقفت الرحلات الجوية تقريباً وكانت شركات الطيران يائسة للحصول على النقود، أصبحت الإيرادات التي كانت تحصل عليها شركات الطيران من بطاقات الائتمان شريان حياة حقيقياً؛ باعت معظم شركات الطيران الأميركية سندات لجمع النقود، وهي سندات مدعومة بوعد بسدادها من البنوك ومدفوعات بطاقات الائتمان مقابل الأميال، وقد وضعت السندات قيمة تقديرية لبرامج المسافر الدائم أعلى بكثير من قيمة شركات الطيران نفسها، ما يشير إلى أن المستثمرين قدروا العمليات الفعلية لشركات الطيران -الطائرات والأطقم والبوابات والرحلات- بقيمة أقل من صفر دولار.

ولكن من غير الدقيق على الأرجح أن نقول إن برامج المسافر الدائم أكثر قيمة من شركات الطيران نفسها لأن الرحلات الفعلية تمنح البرامج قيمتها الجوهرية، كما قال أندرو ديدورا، محلل شركات الطيران في بنك أوف أميركا.

وقال «من الصعب للغاية فصل قيمة البرامج عن قيمة بقية شركة الطيران، لا يمكن أن يوجد أحدها دون الآخر».

لكن ديدورا قال إنه من الواضح أن برامج المسافر الدائم حيوية لاقتصادات إدارة شركة طيران، ليس فقط للأرباح المباشرة التي تجلبها، ولكن أيضاً لكيفية جذب العملاء والاحتفاظ بهم.

وقال ديدورا «إنها تسمى (برامج الولاء) لسبب ما».

(كريس إيزيدور- CNN)