صوّت العمال المضربون في شركة بوينغ لصناعة الطائرات، أمس الاثنين، على قبول أحدث عرض من الشركة، مُنهين بذلك أعلى إضراب تكلفة في الولايات المتحدة منذ أكثر من 25 عاماً.
وقالت الرابطة الدولية لعمال الماكينات إن 59 في المئة من الأعضاء المقيدين صوّتوا بالموافقة على الصفقة التي عرضتها الشركة، بعد رفض صفقتين سابقتين.
وقال جون هولدن، رئيس أكبر نقابة فرعية بالرابطة الدولية لعمال الماكينات في بوينغ والمفاوض الرئيسي للنقابة «أنا فخور بأعضائنا، إنه فوز، لقد حققوا الكثير، ونحن مستعدون للمضي قدماً».
وسيبدأ أعضاء النقابة البالغ عددهم 33 ألف في العودة إلى العمل غداً الأربعاء منهيين الإضراب المستمر منذ 13 سبتمبر.
يقر الاتفاق زيادة فورية بنسبة 13 في المئة وزيادات بنسبة 9 في المئة عن كل من العامين المقبلين، ثم 7 في المئة أخرى في السنة الرابعة والأخيرة من العقد.
في المجموع سيحصل الأعضاء على زيادة في الأجور تتجاوز 43 في المئة.
يحصل العمال أيضاً على مكافأة تصديق تبلغ 12 ألف دولار، ويمكنهم المساهمة بجزء منها في معاشات التقاعد، لكن الصفقة لم تعيد خطة المعاشات التقاعدية التقليدية التي تم إلغاؤها عام 2014.
وقد اعتُبِر الغضب المستمر للعمال إزاء خسارة خطة المعاشات التقاعدية عاملاً رئيسياً في رفض العرضين السابقين لشركة بوينغ.
مشكلة المعاشات التقاعدية
أقر هولدن بأن المعاش التقاعدي كان السبب الرئيسي لرفض العديد من الـ41 في المئة الذين صوّتوا ضد الصفقة.
وقال «إن تسعة وخمسين في المائة نسبة كبيرة، ولكن هناك بالتأكيد أولئك الذين لم يكونوا سعداء بالاتفاق، كان العديد من الأعضاء يقاتلون لاستعادة المعاشات التقاعدية، وهو مطلب عادل».
وقد ابتعدت الشركات، سواء النقابية أو غير النقابية، بشكل عام عن تنفيذ خطط المعاشات التقاعدية التقليدية، المعروفة باسم خطط المزايا المحددة، في العقود الأخيرة، وتخصص هذه الخطط مبلغاً محدداً كل شهر للموظفين يتم توجيهها لاستثمارات صناديق التقاعد الخاصة بالعاملين.
تزيد مثل هذه الخطط المخاطر على عاتق الشركات، ولهذا السبب لا تتوفر خطط المزايا المحددة إلّا لنحو 8 في المئة من العمال الأميركيين في القطاع الخاص اليوم، وفقاً لبيانات من معهد أبحاث مزايا الموظفين، مقارنة بنسبة 39 في المئة في عام 1980.
يتمتع موظفو بوينغ بما يُعرف بخطة المساهمة المحددة، حيث تنتهي التزامات الشركة عند مساهمتها في حساب العمال الفردي، ووافقت بوينغ على زيادة المساهمات التي كانت تقدمها لتلك الحسابات، لكنها رفضت العودة إلى خطة المزايا المحددة كما طالب الاتحاد والعديد من الأعضاء.
قال هولدن بعد التصويت «يستحق أعضاؤنا معاشات تقاعدية تماماً كما يستحق كل عامل تقاعداً آمناً وعادلاً في المستقبل، ولكننا لم نتمكن من الحصول على المعاش التقاعدي التقليدي من الشركة، ولكننا سنواصل العمل على هذه القضية».
وقف الخسائر
خسر المضربون أكثر من 600 مليون دولار من الأجور المُجمعة، لكن التكلفة التي تكبدتها شركة بوينغ كانت أكبر بكثير، وفقاً لتقديرات مجموعة أندرسون الاقتصادية، وهي شركة أبحاث مقرها ميشيغان، والتي تُقدّر خسائر بوينغ حتى نهاية الأسبوع الماضي بنحو 6.5 مليار دولار، وبشكلٍ عام تجاوزت التكلفة التي تكبدها الاقتصاد الأميركي من الإضراب 11.5 مليار دولار.
تضاف هذه الخسائر إلى خسائر التشغيل الأساسية التي بلغت نحو 40 مليار دولار والتي أعلنتها بوينغ منذ أدّت حادثتان مميتتان إلى إيقاف تشغيل طائرتها الأكثر مبيعاً، 737 ماكس، لمدة 20 شهراً في عامي 2019 و2020، وقد حذّرت الشركة بالفعل من أن خسائرها ستستمر حتى نهاية عام 2025 على الأقل بغض النظر عن مدى سرعة انتهاء الإضراب.
ولكن على الرغم من المشاكل المالية العميقة، لم يكن أمام بوينغ خيار سوى تسوية الإضراب وإعادة العمال إلى وظائفهم، فقد أدّى الإضراب إلى خنق مصدرها الرئيسي للإيرادات، حيث تحصل على معظم التدفقات النقدية من بيع الطائرات التجارية في وقت تسليمها لشركات الطيران، وتوقفت عمليات تسليم جميع طائرات 737 ماكس وكذلك عمليات الشحن بسبب الإضراب.
إن الأجور التي تدفعها بوينغ لعمالها تشكّل أقل بكثير من 10 في المئة من إجمالي تكاليف إنتاج الطائرة، حيث تذهب معظم التكلفة إلى المواد الخام والمشتريات من الموردين الذين ينتجون كل شيء من الأجهزة الإلكترونية إلى جسم الطائرة نفسها.
التأثير الاقتصادي لبوينغ
على الرغم من مشكلاتها، لا تزال بوينغ مساهماً رئيسياً في الاقتصاد الأميركي، حيث إنها أكبر شركة مصدرة أميركية.
تسبب الإضراب في مشكلات وتسريح العديد من العمال لدى العديد من موردي بوينغ البالغ عددهم 10 آلاف، والذين ينتشرون في جميع الولايات الخمسين.
تُقدِر بوينغ مساهمتها السنوية في الاقتصاد الأميركي بنحو 79 مليار دولار، وتدعم 1.6 مليون وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر، ولديها 150 ألف موظف أميركي، بما في ذلك المضربون.
وأظهر أحدث تقرير شهري لوزارة العمل أن 44 ألف وظيفة تأثرت بالإضراب في أكتوبر، ولم يقتصر الأمر على 33 ألف مضرب، بل وأيضاً العمال في شركة بوينغ ومورديها الذين لم يشاركوا في الإضراب ولكن تم تسريحهم مؤقتاً حيث أوقف الإضراب تصنيع الطائرات التجارية في شركة الطيران العملاقة بالكامل.