قد يمثل الأول من يونيو حزيران 2024 لحظة فارقة في رفاهية الشعب الصيني مع دخول أول قانون للأمن الغذائي في البلاد حيز التنفيذ اليوم السبت، ويهدف القانون إلى تقليص الواردات الغذائية وتحقيق «الاكتفاء الذاتي الكامل» من السلع والحبوب الأساسية.

ويقدم القانون إطاراً تشريعياً للحزب الحاكم والحكومات المحلية والقطاع الزراعي لمساعدتهم في زيادة الإنتاج الزراعي وتقليل الاعتماد على واردات الغذاء؛ إذ تُعد الصين أكبر مستورد للمنتجات الزراعية في العالم.

معالجة المعوقات

تم تمرير قانون الأمن الغذائي الجديد خلال ستة أشهر فقط من اقتراحه، في إشارة إلى حاجة الصين الملحة لمعالجة المشكلات الجذرية التي تعوق زيادة الإنتاج مثل نقص الأيدي العاملة والموارد المائية والأراضي الصالحة للزراعة، فضلاً عن ضعف تبني التكنولوجيا الزراعية الحديثة.

ولتحقيق هذا الهدف، ينص القانون على حماية الأراضي الزراعية ومنع استخدامها لأغراض أخرى، والحفاظ على الموارد النباتية، وتقليل الهدر، وترشيد الاستيراد، واستخدام أحدث التقنيات العلمية في الزراعة لزيادة الإنتاج.

وبموجب القانون، أصبحت الحكومات المركزية والمحلية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن وضع الأمن الغذائي في خططها التنموية والاقتصادية لضمان توفر الإمدادات الغذائية في دولة عانت من تاريخ مؤلم من المجاعات.

الصين أولاً

يرفع القانون الجديد شعار «الصين أولاً»، وينص على وضع خطة وطنية طارئة لتعزيز إنتاج الحبوب ونظام مراقبة للأمن الغذائي، وتشمل قائمة الحبوب التي تسعى الصين لتحقيق الاكتفاء الذاتي منها كلاً من القمح، والأرز، والذرة، وفول الصويا، والحبوب الخشنة كالشوفان والشعير، واتسعت القائمة مؤخراً لتشمل البطاطس.

وتتضمن الخطة أيضاً تعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن الغذائي ودعم تجارة الحبوب العالمية.

وستتعرض الكيانات المخالفة للقانون لغرامات تقدر بين 20 ألف ومليوني يوان، بينما تصل الغرامة للأفراد إلى ما بين 20 إلى 200 ألف يوان.

أكبر مستورد للغذاء

تُعد الصين أكبر مستوردي المنتجات الزراعية في العالم، إذ تكافح البلاد لتأمين الاحتياجات الغذائية لسكانها الذين يمثلون 20 في المئة من إجمالي سكان العالم، في وقت تعاني فيه الدولة الآسيوية من عجز كبير في موارد المياه والأراضي الصالحة للزراعة.

وفي أعقاب جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية، عززت البلاد جهودها لتقليل الاعتماد على الاستيراد، بعد أن تسببت تلك الأزمات في اضطرابات واسعة في سلاسل التوريد العالمية، ما هدد الأمن الغذائي لأكثر من 1.4 مليار صيني.

كما تسعى بكين لتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة التي تُعد ثاني أكبر مصدر للواردات الغذائية الصينية بعد البرازيل، خاصة مع تزايد حدة التوتر مع واشنطن على خلفية العديد من القضايا التجارية والسياسية.

يُضاف إلى ذلك الأحداث المناخية المتطرفة التي تقوض جهود الدولة لزيادة إنتاجها الغذائي، مثل الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد العام الماضي والتي أدت إلى تلف بالغ لمحصول القمح في ذلك العام.

وفي ظل شح المياه والأراضي الزراعية، يرى الخبراء أن مستقبل الأمن الغذائي في الصين يكمن في التقنيات الحديثة مثل المحاصيل المعدلة وراثياً.