على هامش مشاركته في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، أكد وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني الجزائري علي عون أن آفاق تعزيز التعاون الصناعي الجزائري الروسي «كبيرة ومتنوعة»، وبشكل أخص في مجالات صناعة الأدوية وصناعة الحديد والصلب.
وتُقدم تصريحات عون نظرة ملموسة عن التوجهات المستقبلية للتعاون الصناعي الجزائري الروسي، إذ أكد وزير الصناعة الجزائري على الفرص الكبيرة المتاحة لتعزيز التعاون مع روسيا، خاصة في مجال تصنيع الأدوية، وأشار إلى التطور الكبير الذي وصلت إليه روسيا في هذا المجال، وبالأخص في تصنيع الأدوية المضادة للسرطان.
وبعد أن نوَّه إلى التطور الكبير الذي وصلت إليه روسيا في مجال الصناعة الدوائية، خصوصاً في تصنيع الأدوية المضادة للسرطان، أكد الوزير أنه سيكون هناك شراكة جزائرية روسية لتصنيع المواد الأولية لأدوية السرطان، وفقاً لوكالة الأنباء الجزائرية.
كما لفت الوزير كذلك إلى «التطور الكبير» الذي حققته الجزائر في تصنيع بلورات الأنسولين، والواضحة بشراكة عُقدت بين مجمع «صيدال» وشريك روسي، موضحاً أن هذا المشروع الذي وضع حجر الأساس له قبل أيام، سيدخل حيز الإنتاج أواخر عام 2025.
وفي تصريحات سابقة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير شباط الماضي، قال إن العلماء الروس يقتربون من إنتاج لقاحات فعالة للشفاء من مرض السرطان.
وأضاف «نقترب من إنتاج لقاحات لمرضى السرطان وجيل جديد من الأدوية المعدلة للمناعة، إذ تم تسجيل إجمالي 530 دواءً محلياً في عام 2023 بفضل العلماء والأطباء»، كما تحدث عن «الاستعداد لمواجهة أي تحديات، بما في ذلك التهديد بتفشي أوبئة عالمية جديدة»، خلال الجلسة العامة لمنتدى «تقنيات المستقبل» في موسكو، فكيف تبدو صناعة وتطوير الأدوية هناك؟
أداء الصناعات الدوائية في روسيا
في 2023، أنتجت شركات تصنيع الدواء الروسية ما قيمته 716.5 مليار روبل أو نحو 8 مليارات دولار أميركي من الأدوية الصيدلانية الجاهزة، بزيادة 7.2 في المئة على عام 2022، وفقاً لبيانات آر إن سي فارما الروسية (RNC Pharma).
ولكن من الناحية المادية، أنتجت روسيا 4.09 مليار عبوة دواء في 2023، بانخفاض 2 في المئة عن العام الماضي، كما حقق قطاع تصنيع الأدوية نمواً بنسبة 1.2 في المئة فحسب العام الماضي.
ونما تصنيع الأدوية العلاجية بنسبة 3 في المئة العام الماضي، بينما انخفض تصنيع الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية بنسبة 6.2 في المئة عن 2022.
بحسب صحيفة «كوميرسانت» الروسية، بلغ حجم سوق الأدوية في روسيا في 2023 أكثر من 2.3 تريليون روبل.
ولكن على الرغم من التوسع الذي تحققه روسيا في مجال صناعة الأدوية، تمثل حقيقة استيراد روسيا أغلب مستلزمات الإنتاج في هذا القطاع من الخارج، وعلى الأخص من الهند والصين، تحدياً مستمراً.
سوق المواد الخام لصناعة الأدوية
وجدت «آر إن سي فارما» أن 76.7 في المئة من المواد الخام الواردة إلى روسيا في عام 2021 جاءت من الهند والصين و19.7 في المئة منها جاءت من دول الاتحاد الأوروبي.
واستوردت روسيا ما مجموعه 15,800 طن من المواد الصيدلانية بقيمة 195.4 مليار روبل روسي، ما يعادل 2.2 مليار دولار، في 2021، وقد اكتسبت الاستراتيجية الوطنية لإحلال الواردات في البلاد أهمية متزايدة بسبب تحديات عام 2022.
ومؤخراً، تسعى روسيا إلى أن تصبح مستقلة عن استيراد الأدوية والأجهزة الطبية والمعدات، لا سيما بعد انسحاب العديد من شركات صناعة الأدوية من روسيا على خلفية حربها مع أوكرانيا؛ إذ صدقت الحكومة الروسية في أبريل نيسان 2024 على خطة قومية لمواصلة تطوير قطاع الصناعات الدوائية الروسية، تمتد حتى 2030، وتشمل أكثر من أربعين إجراء في مختلف النواحي، وعلى الأخص تعديل قانون رسوم تسجيل الأدوية وبرنامج حوافز التصنيع المحلي في قطاع الدوائيات.
وكانت روسيا تبنت برنامجاً طموحاً لتطوير هذا القطاع في الفترة من 2013 إلى 2020، تحت مسمى «فارما 2020»، بهدف توطين إنتاج الكثير من الأدوية والمستحضرات الطبية، وعلى الأخص الأدوية ذات الأهمية الحيوية لحياة المواطنين.
وأنتجت 380 شركة في روسيا أدوية علاجية في عام 2023، بزيادة 28 شركة فحسب على عام 2022، وجاءت تلك الزيادة الضئيلة على الرغم من تعليق عدد من الشركات المصنعة أنشطتها هناك، وعلى رأسها شركة «غلاكسو سميث كلاين» البريطانية.
وأوقفت العديد من شركات صناعة الأدوية استثماراتها مؤقتاً أو قلصت أعمالها في روسيا، بما في ذلك الشركات الأميركية «ميرك آند كو» وشركة «فايزر» و«إيلي ليلي» و«أب في»، بالإضافة إلى «نوفارتيس» السويسرية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي المقابل، من المتوقع أن تنمو سوق الأدوية الأميركية من 846.7 مليار دولار في عام 2022 إلى 1.3 تريليون دولار بحلول عام 2030، وهو ما يمثل معدل نمو سنوي مركب بنسبة 5.36 في المئة خلال الفترة ذاتها.