يوم بعد يوم، يزداد الإقبال على السيارات عديمة الانبعاثات وفي مقدمتها السيارات الكهربائية، لكن اقتناء هذا النوع من المركبات يكون صعباً للغاية في المناطق التي تفتقر البنية التحتية المطلوبة لمحطات الشحن.

وقد تصبح سيارة (ستيلا تيرا) الحل المثالي لتلك المشكلة، إذ تعتمد السيارة ذات اللون الأخضر الكاكي على الألواح الشمسية المدرجة فوق سطحها المائل لشحن بطاريتها الكهربائية، ما يعني أنها تستطيع القيادة لمسافات طويلة مدعومة بالكامل بأشعة الشمس، لتصبح بذلك أول مركبة للطرق الوعرة تعمل بالطاقة الشمسية بنسبة مئة بالمئة.

ويعود الفضل في هذا الاختراع، الذي يُعد الأول من نوعه في العالم، لفريق من طلاب جامعة (أيندهوفن للتكنولوجيا)، ومن أهم مزاياها أنها ستساعد على الربط بين المناطق النائية التي تتسم بضعف كفاءة الطرق وشبكات الكهرباء، كما يمكنها المساعدة على نقل المعونات للأماكن الصعبة في أوقات الطوارئ، بحسب ثيم بوسمان، مدير الفعاليات بالفريق.

نقلة نوعية في شحن السيارات الكهربائية
تركت سيارة (ستيلا تيرا) انطباعاً جيداً في المغرب

سرعة السيارة

واختبر الفريق السيارة في أنحاء المغرب في وقت سابق من هذا الشهر، إذ قطع مسافة تزيد على 1000 كيلومتر (621 ميلاً) بين الساحل الشمالي للبلاد والصحراء الكبرى في الجنوب.

وعن سبب اختيار المغرب كوجهة لاختبار السيارة، قال بوسمان «يتمتع المغرب بتنوع كبير في التضاريس وأشكال سطح الأرض»، مضيفاً أنه جرى اختبار السيارة «على كل أنواع الأسطح التي يمكن أن تواجهها السيارة في أثناء سيرها».

وتبلغ السرعة القصوى للسيارة على الطريق 145 كيلومتراً (90 ميلاً) في الساعة.

وفي الأيام المشمسة، يبلغ نطاق بطاريتها نحو 710 كيلومترات (441 ميلاً) على الطرق الممهدة مقابل 550 كيلومتراً (342 ميلاً) على الطرق الوعرة، اعتماداً على طبيعة السطح. وفي الظروف الغائمة، يقل المدى بنحو 50 كيلومتراً، بحسب الفريق.

وأشار بوسمان إلى أن السيارة أثبتت خلال الرحلة أنها أكثر كفاءة بنسبة الثلث مما كان متوقعاً، وأن تصميمها خفيف الوزن يجعلها أقل عرضة للتعثر على الأراضي الوعرة وأقل ضغطاً على نظام التعليق بالسيارة.

طريقة شحن مبتكرة للسيارات الكهربائية
اختبر الفريق السيارة في المغرب لتنوع تضاريسها، وقطع مسافة تزيد عن 1000 كم بين الساحل الشمالي والصحراء الكبرى في الجنوب

الابتكار الشمسي

في العادة، تكون السيارات الكهربائية الرياضية أثقل وزناً من نظيرتها العادية، وبالتالي تتطلب بطاريات أكبر وأثقل لتشغيلها.

ويقول بوسمان «بينما يعتمد سوق السيارات الرياضية حالياً على تطوير الطرازات السابقة، فإننا نبدأ حقاً من الصفر ونصمم كل شيء بأنفسنا».

كان تقليل وزن السيارة أمراً ضرورياً، وركز الفريق المكون من 22 طالباً، على تصميم كل عنصر بأعلى درجة من الكفاءة، وبالفعل نجحوا في تخفيف وزن السيارة إلى 2645 رطلاً (1200 كغم) فقط، أي أقل بنحو 25 في المئة من متوسط السيارات الرياضية متوسطة الحجم.

ويضيف بوب فان جينكل، المدير الفني لشركة (ستيلا تيرا)، أن التصميم الديناميكي الهوائي يقلل من معدل السحب ويستخدم مواد مركبة تجمع بين القوة وخفة الوزن.

وأوضح فان جينكل أن إحدى فوائد الألواح الشمسية الموجودة في الأعلى هي إمكانية استخدام بطاريات أصغر حجماً بكثير لأن الشحن يتم أثناء القيادة.

وأشار إلى أن سائقي السيارات الرياضية التي تعمل بالطاقة الشمسية يمكنهم السفر على الطرق الوعرة دون الحاجة إلى نقاط شحن، ويتمتعون بالحرية للذهاب إلى أي مكان يريدون، وقد يكون العائق الوحيد أمامهم هو إيجاد مكان للنوم أثناء الرحلات الطويلة.

لكن (ستيلا تيرا) قدّمت حلاً لتلك المشكلة أيضاً، إذ تعتمد في تصميمها على فكرة شاحنة التخييم التي تعمل بالطاقة الشمسية والتي جرى إنتاجها سابقاً في الجامعة ذاتها، وحرص المصممون على أن تكون عناصر السيارة جميعها متعددة الاستخدامات وقابلة للتكيف مع الرحلات الطويلة التي تستغرق أياماً عدة.

على سبيل المثال، تضم السيارة مقاعد قابلة للإمالة بالكامل لتحويلها إلى ما يشبه السرير، وفي وضعية الوقوف، يمكن تمديد الألواح الشمسية لتحقيق أقصى قدر من الشحن، مع إمكانية استخدامها كمظلة في الوقت نفسه.

وأوضح بوسمان أن الفريق صمم أيضاً محولات ألواح شمسية عالية الكفاءة، والتي يأمل بأن تفيد صناعة الطاقة الشمسية على نطاق أوسع.

سيارة قائمة على فكرة شاحنة التخييم
السيارة قائمة على فكرة شاحنة التخييم لتناسب احتياجات الرحلات الطويلة

أداء مثالي على الطرق الوعرة

وبعد الكشف عن النموذج الأولي لـ(ستيلا تيرا) في سبتمبر أيلول، سافر الفريق إلى المغرب لاختبار السيارة الرياضية على مجموعة من التضاريس الوعرة، حيث انطلق من طنجة، ومر عبر سلسلة جبال الريف الوعرة، حيث كان الصعود والهبوط السريع بمثابة اختبار لتحمل السيارة في أول تحدٍ لها على الطرق الوعرة.

وبالتوجه جنوباً عبر مدينة فاس، اختبر الفريق السيارة على المسارات الجبلية في ميدلت -إحدى أعلى المدن في المغرب- وأنهى رحلته في الصحراء الكبرى، متحدياً (ستيلا تيرا) على مسارات رملية أكثر مرونة.

في وقت مبكر من الرحلة، تعرض الفريق لمشكلة فنية نتيجة تعطل نظام التوجيه، لكنهم تمكنوا من العثور على قطع غيار جديدة وإصلاح السيارة في ورشة محلية.

وأوضح بوسمان أن أهم ما يميز الرحلة كان التنوع الهائل في التضاريس وأشكال سطح الأرض التي سارت فوقها السيارة خلال الرحلة، فقد كانت كل ساعة من القيادة مختلفة تماماً عن سابقتها، ما سمح للفريق باختبار الكثير من ظروف الطريق، بالإضافة للاستمتاع «بالرحلة المذهلة» في المغرب، على حد تعبيره.

لم تتأثر الرحلة بالزلزال المدمر الذي ضرب المغرب في أوائل سبتمبر أيلول، لكن في ظل التداعيات الكبيرة التي خلفتها الكارثة على البلاد، قرر فريق ستيلا تيرا توحيد جهوده مع الصليب الأحمر في حملة تمويل جماعي لمساعدة المتضررين.

(CNN – ريبيكا كيرنز ومارك توتون)