بعد اختيارها من قبل مشروع مشترك بين شركتي هيونداي الكورية الجنوبية وإل جي لإنشاء مصنع بطاريات سيارات في جاوة الغربية، تتطلع إندونيسيا الآن إلى تعزيز الاستثمارات للمنافسة على أن تصبح مركزاً إقليمياً للسيارات الكهربائية بمنطقة جنوب شرق آسيا.

وعندما افتتح المصنع الذي تبلغ قيمته 1.1 مليار دولار في يوليو تموز 2024، قال الرئيس آنذاك جوكو ويدودو إن مثل هذه الاستثمارات ستجعل أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا «لاعباً عالمياً مهماً» في سلسلة توريد السيارات الكهربائية.

وقال الرئيس التنفيذي للعمليات في فرع هيونداي الإندونيسي، فرانسيسكوس سويرجوبرانوتو «إن هذا يظهر أننا مستعدون لدعم رغبة الحكومة في أن نصبح مركزاً لجنوب شرق آسيا».

ولكن في حين أن البلاد تفتخر باحتياطيات النيكل الأكبر في العالم، أشار المحللون إلى أنها لا تزال تواجه معركة بسبب ضعف قدرتها على المعالجة والتكرير، والمخاوف البيئية وارتفاع أنواع البطاريات الأخرى.

كما أن أمامها طريقاً طويلاً لتقطعه أمام منافستها تايلاند، التي قال بنك كرونجسري إنها تمتلك حصة سوقية تبلغ 78.7 في المئة من مبيعات السيارات الكهربائية في جنوب شرق آسيا بدءاً من أوائل عام 2023، تليها إندونيسيا بنسبة 8 في المئة.

خطوات على طريق الريادة

كشفت الحكومة الإندونيسية عن عدد من الحوافز لتعزيز سوق السيارات الكهربائية، تشمل الإعفاء الضريبي الذي عزز المبيعات وشهد دخول موجة من العلامات التجارية الرئيسية إلى سوق إندونيسيا البالغ عددها 280 مليون نسمة، بما في ذلك بي واي دي الصينية وفين فاست الفيتنامية.

وأظهرت بيانات اتحاد السيارات الإندونيسي أنه قد بيعت أكثر من 23 ألف سيارة تعمل بالبطاريات للتجار بين يناير وأغسطس من هذا العام، مقارنة بـ17 ألف سيارة في عام 2023 بأكمله.

وبموجب اللوائح التي كشفت عنها الحكومة العام الماضي، فإن السيارات الكهربائية المستوردة إلى إندونيسيا معفاة من الرسوم الجمركية حتى عام 2025، إذا التزمت الشركات ببناء مرافق الإنتاج وإنتاج عدد من السيارات في البلاد يماثل ما تستورده بحلول نهاية عام 2027.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن شركة صناعة السيارات الصينية (ولينغ) أعلنت الشهر الماضي عن خطة لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية في مصنعها بإندونيسيا بحلول نهاية عام 2024.

وقال المسؤول لدى «بي واي دي» في إندونيسيا، لوثر بانجايتان «نرى إمكانات هائلة لشراء السيارات الكهربائية في إندونيسيا مقارنة بالدول الأخرى في آسيا».

من جانبه قال المسؤول الحكومي الذي غادر في الفترة الانتقالية لإدارة الرئيس برابو سوبيانتو الأسبوع الماضي، رحمت كيمودين، إن مفتاح استراتيجية جاكرتا هو جذب شركات صناعة السيارات قبل إنشاء مصانع في أماكن أخرى.

وأشار رحمت أيضاً إلى احتياطيات النيكل في إندونيسيا باعتبارها صانعاً للفارق، قائلاً «من الممكن إنشاء صناعة بطاريات في إندونيسيا، وهذا ما لا تملكه تايلاند وفيتنام».

تحديات تلوح في الأفق

في حين تهدف إندونيسيا إلى أن تصبح واحدة من أكبر ثلاثة منتجين لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم، فإن الاستثمار في هذا القطاع لا يزال صغيراً نسبياً.

وأظهرت بيانات وزارة الاستثمار الإندونيسية أن الاستثمار الحقيقي في قطاع النيكل بين عامي 2020 وسبتمبر 2024 بلغ 514.8 تريليون روبية (33.3 مليار دولار) و19.14 تريليون روبية في قطاع بطاريات السيارات الكهربائية.

ولفت الباحث في معهد تنمية الاقتصاد والمالية، أندري ساتريو نوجروهو، إلى أن السياسات التحفيزية «ليست مؤيدة للنيكل» لأن جميع شركات صناعة السيارات حصلت على الحوافز نفسها.

فيما أشارت المديرة التنفيذية لمعهد إنرجي شيفت للأبحاث، بوترا أدهيجونا، إلى أن فائض المعروض العالمي من البطاريات قد يجعل من الصعب على إندونيسيا جذب المزيد من الاستثمار.

وقال رئيس المشروع المشترك -بي تي إتش إل آي جرين- هونغ وو بيونغ، إنه في حين أن إندونيسيا تتصدر احتياطيات النيكل العالمية، فإنها ستستورد المواد اللازمة للمصنع الجديد بما في ذلك النيكل المعالج من كوريا الجنوبية والصين بسبب افتقارها إلى الصناعات ذات الصلة.

كما يحذر علماء البيئة من أن تعدين النيكل هو أحد الأسباب الرئيسية لإزالة الغابات في إندونيسيا، في حين أضاف المحللون أن ظهور بطاريات ليثيوم فوسفات الحديد الرخيصة، المعتمدة على نطاق واسع في الصين، يمكن أن يضر الطلب.

ومع ذلك، لا يزال وو بيونغ متفائلاً بالمستقبل، وقال «هذا المصنع والنظام البيئي مهمان للغاية لمستقبل إندونيسيا.. في المستقبل القريب، ستأتي المواد من إندونيسيا لصنع خلية بطارية، ولتصنيع المركبات الكهربائية».

وأضاف أن «إندونيسيا تنمو كل عام بنحو خمسة في المئة، وسوف تنمو سوق السيارات أيضاً».

(أ ف ب)