بينما تسعى دول العالم أو بدأت بالفعل في خفض أسعار الفائدة من مستويات قياسية، فاجأت كل من اليابان و تركيا العالم برفع الفائدة، وكان الأمر حدثاً استثنائياً في طوكيو فهذه المرة الأولى التي يرفع فيها بنك اليابان الفائدة منذ عام 2007.

في تركيا الوضع مختلف فالتضخم المتسارع دفع البنك المركزي إلى زيادة الفائدة من 45 في المئة إلى 50 في المئة لتصل إلى أعلى معدل لها منذ أكثر من 20 عاماً، لكنه ليس الأعلى في العالم، فأين يوجد أعلى سعر فائدة في العالم؟

غانا

في المرتبة الخامسة تأتي دولة غانا بمعدل فائدة يبلغ 29 في المئة، هذا يأتي بعدما خفض البنك المركزي في غانا الفائدة بمئة نقطة أساس في شهر يناير كانون الثاني الماضي.

تراجع الاقتصاد وارتفاع التضخم بالإضافة إلى حجم الديون الضخم، تسببا في تردي الأوضاع الاقتصادية في غانا.

وتكافح الدولة المنتجة للكاكاو والذهب والنفط في غربي إفريقيا للخروج من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ فترة طويلة اتسمت بضغوط تمويل حادة وانخفاض في عملتها السيدي وارتفاع في التضخم.

وتقوم بإعادة هيكلة ديونها بدعم من برنامج قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.

تركيا

في المرتبة الرابعة تأتي تركيا بمعدل فائدة يبلغ 50 في المئة وفقاً لأحدث قرارات البنك المركزي الصادر في مارس آذار.

ودفع ارتفع التضخم وتسجيله 76 في المئة في فبراير شباط 2024 البنك المركزي إلى رفع الفائدة بعدما أبقى عليها دون تغيير الشهر الماضي بعد سلسلة متواصلة من الزيادات.

وتستهدف تركيا خفض التضخم من خلال اتباع سياسات متشددة، بالإضافة لسعيها لتعزيز الاقتصاد عبر إبرام اتفاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي.

فنزويلا

في المرتبة الثالثة تأتي دولة فنزويلا بمعدل فائدة يبلغ 58 في المئة، فتردي الأوضاع الاقتصادية أجبر الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية على رفع أسعار الفائدة.

وبينما كان متوسط سعر الفائدة في فنزويلا بين عامي 1998 و2022 يبلغ نحو 24 في المئة، فإن التضخم المتسارع أجبر الدولة على زيادة الفائدة إلى مستويات قياسية.

وفي أكتوبر تشرين الثاني 2023 سجلت فنزويلا أعلى نسبة للتضخم في العالم، إذا ارتفعت كلفة الخدمات والمعيشة بواقع 317 في المئة.

وعانت الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية من تضخم مفرط استمر لأربع سنوات، ففي عام 2021 سجلت فنزويلا تضخماً تراكمياً بلغ 686.4 في المئة، وفقاً للبنك المركزي.

الأرجنتين

في المرتبة الثانية تأتي الأرجنتين بمعدل فائدة يبلغ 80 في المئة، ويأتي هذا بعدما خفض البنك المركزي الفائدة بنحو 20 نقطة مئوية إذا كانت في السابق تبلغ 100 في المئة.

وكان معدل التضخم في الأرجنتين قد ارتفع في فبراير شباط 2024 إلى أكثر من 276 في المئة، ليخالف توقعات استطلاع رأي رويترز التي رجحت أن يتجاوز التضخم 282 في المئة.

عام 2023 شهد ارتفع التضخم السنوي في الأرجنتين إلى 211.4 في المئة وهو أعلى معدل منذ 32 عاماً، ومقارنة بمستوى 95 في المئة في عام 2022، هذا الارتفاع الكبير في التضخم أجبر بيونس آيرس على المحافظة على معدلات فائدة قياسية .

زيمبابوي

تأتي في المرتبة الأولى الدولة صاحبة أعلى معدل فائدة في العالم، زيمبابوي، إذ يبلغ سعر الفائدة نحو 130 في المئة.

وتعاني زيمبابوي هي الأخرى من التضخم المفرط وفي يونيو حزيران 2023 ارتفع معدل التضخم السنوي في أسعار الأغذية بنسبة 256 في المئة.

وتعود الزيادة الكبيرة في أسعار الغذاء إلى عدم استقرار سعر صرف العملة وضعفها، وسط ضخ العملة على نطاق واسع.

ورغم تطبيق العديد من التدابير والسياسات في عام 2023 لكبح ارتفاع الأسعار فإن التضخم واصل منحاه التصاعدي، الأمر الذي حمل تبعات كارثية على القدرة الشرائية لدى المواطنين في زيمبابوي.

هذه ليست أول مرة تواجه فيها زيمبابوي تضخماً مفرطاً، ففي عام 2008 خرج التضخم عن السيطرة لدرجة أن البنك المركزي أصدر عملة نقدية بقيمة 10 تريليونات دولار زيمبابوي.

ثم تخلت الحكومة عن العملة المحلية واعتمدت الدولار الأميركي والراند الجنوب إفريقي عملةً رسمية، لكن في عام 2019 أعادت الحكومة استخدام الدولار الزيمبابوي الذي تراجعت قيمته بشكل سريع.

لماذا ترفع الدول الفائدة؟

ترفع البنوك المركزية معدل الفائدة في محاولة منها للسيطرة على التضخم الذي يمكن أن تكون له تبعات قاسية على الاقتصاد حال استمراره لفترة طويلة.

وارتفاع أسعار الفائدة يجعل الاقتراض أكثر تكلفة ويشجع على الادخار، وعندما يكون الدين أكثر تكلفة، فإن هذا بدوره يمكن أن يؤثر على طلب المستهلكين على السلع والخدمات، فضلاً عن الاستثمار في الأعمال التجارية، وهذا يمكن أن يساعد في تهدئة التضخم عندما يتجاوز الطلب العرض.

فهدف البنوك المركزية هو خفض الطلب الاستهلاكي ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار والسيطرة على التضخم.

فالمهمة الرئيسية للبنوك المركزية هي ضمان استقرار الأسعار، وهذا يعني أنهم بحاجة إلى السيطرة على التضخم والانكماش.

ويعمل الانكماش -عندما تنخفض الأسعار بشدة- على ركود الاقتصاد وتغذية البطالة، لذا فإن البنوك المركزية تحدد هدف التضخم الإيجابي المعتدل -عادة نحو 2 في المئة- لتشجيع النمو التدريجي المطرد.

ولكن عندما يبدأ التضخم في الارتفاع، يصبح البنك المركزي في ورطة عميقة.

فالتضخم المفرط من الممكن أن يؤدي بسرعة إلى تحطيم الفوائد التي جنيت في سنوات الرخاء، وتآكل قيمة المدخرات الخاصة، والتهام أرباح الشركات الخاصة وتصبح الفواتير صراعاً شاقاً على الجميع.