على الرغم من أن قرار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بتثبيت أسعار الفائدة في اجتماعه هذا الأسبوع أقرب إلى الأمر الواقع، فإن حشداً متزايداً من خبراء الاقتصاد، ومن بينهم نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق، آلان بليندر، والحائز جائزة نوبل، بول كروجمان، يحثّون البنك المركزي الأميركي على خفض أسعار الفائدة الآن وليس في اجتماع سبتمبر أيلول.

وتذهب أغلب التوقعات إلى أن اجتماع سبتمبر المُقبل سيشهد تخفيض أسعار الفائدة.

وتساءل بليندر في مقاله في صحيفة وول ستريت جورنال هذا الأسبوع «لماذا ننتظر؟» ولكن هناك حجة قوية بالقدر نفسه يمكن طرحها للإجابة عن السؤال وهي «لماذا لا ننتظر؟»

يرى بليندر وعدد من خبراء الاقتصاد إنه إذا كان الفيدرالي يتجه بالفعل إلى خفض أسعار الفائدة في غضون شهرين على أي حال، فيتعين على محافظ البنك المركزي أن يفعل ذلك في أقرب وقت ممكن وليس آجلاً لأن السياسة النقدية تتسم ببطء التأثير وتباينه، وبعبارة أخرى يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يشعر الاقتصاد كله بتأثير إجراءات الاحتياطي الفيدرالي.

لقد رفع الفيدرالي أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى منذ أكثر من عقدين من الزمان لإعادة التضخم إلى هدف البنك المركزي البالغ 2 في المئة، بعد أن ارتفع إلى أعلى مستوى له في 40 عاماً عام 2022.

ولا يزال التضخم أعلى من المستهدف، ولكن بفارق ضئيل، لذا فإن ترك أسعار الفائدة مرتفعة فترة أطول على أمل أن يساعد ذلك على خفض التضخم قليلاً قد يضر بالاقتصاد أكثر من دعمه.

هل بدأ الاقتصاد بالتضرر؟

يرتفع معدل البطالة ببطء، وتستغني بعض الصناعات عن عدد أكبر من العمال مقارنة بعدد العمال الجدد، وبدأت شهية المستهلكين للإنفاق تضعف في الأشهر الأخيرة، وإن كانت ما زالت كافية لمعدلات معقولة من الاستهلاك.

ولكن إذا استمر كل هذا فقد يضعف الاقتصاد بشكلٍ أكبر، ولكن الوضع بعيد كل البعد عن الانكماش والركود.

لقد نما الاقتصاد بمعدل سنوي بلغ 2.8 في المئة في الربع الثاني من هذا العام، متجاوزاً توقعات خبراء الاقتصاد، في حين استمر التضخم في التراجع، ورغم الارتفاع البطيء في معدل البطالة، يواصل أصحاب العمل توظيف أكثر من 100 ألف عامل شهرياً، وهذا مزيج إيجابي نادر تاريخياً.

ماذا لو لم يخفّض الفيدرالي أسعار الفائدة هذا العام؟

يحافظ كبير خبراء الاقتصاد في شركة أبولو غلوبال، تورستن سلوك على توقعاته السابقة بأن الاحتياطي الفيدرالي لن يخفّض أسعار الفائدة على الإطلاق هذا العام، وقال لشبكة CNN «يتعين علينا الانتظار لنرى ما إذا كان الاتجاه الهبوطي للتضخم سيستمر، ومع نمو الوظائف القوي والإنفاق الاستهلاكي القوي، نعتقد أن توقعات السوق لحدوث تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام خاطئة».

يتفق مع هذا الرأي الخبير الاقتصادي بجامعة سنترال فلوريدا، شون سنيث، إذ يرى أنه من السابق لأوانه البدء بخفض أسعار الفائدة الآن، وقال في مذكرة يوم الثلاثاء «مع أداء الاقتصاد بشكل أقوى من المتوقع، لا يبدو أن هناك حاجة مُلحّة لخفض أسعار الفائدة»، وإذا كان الأمر متروكاً له، فلن يبدأ سنيث بخفض أسعار الفائدة «حتى عام 2025».

كل الأعين متعلقة بسبتمبر

أرسل مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر من إشارة إلى أن سبتمبر سيكون هو الشهر الذي سيخفّضون فيه أسعار الفائدة أخيراً، ولكن لا ينبغي لأحد أن يُصاب بالأرق بسبب موعد اتخاذ القرار، يوليو أو سبتمبر أو الانتظار حتى نوفمبر أو ديسمبر، ما دام الاقتصاد مستقراً.

قال العضو بمجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، كريستوفر والر، في وقت سابق من هذا الشهر، إن موعد أول خفض لأسعار الفائدة، «لا يهم حقاً ما لم تحدث صدمة كبيرة تضرب الاقتصاد في ذلك الوقت».

على سبيل المثال، إذا قرر بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة في اجتماعه هذا الشهر، ودخلت إيران في حرب مباشرة مع إسرائيل، ما يتسبب في ارتفاع أسعار الطاقة، وبالتالي زيادة التضخم، فهذا يضغط على قرارات البنك المركزي المقبلة.

وأضاف والر أنه من غير المجدي أن نلعب لعبة «ماذا لو؟» دون صدمة مثل هذه، لكن والر أقر بأن التوقيت مهم للمستثمرين الذين يراهنون على الخطوة التالية التي قد يتخذها بنك الاحتياطي الفيدرالي، «ولكن عليهم الاهتمام بلعبة الاقتصاد ككل، وليس مجرد تحرك واحد في اللعبة».