ستواجه البنوك حول العالم عاماً صعباً في 2025 مع انخفاض أسعار الفائدة المتوقع، ما سيضغط على أرباحها التي تحققت بفعل موجة رفع الفائدة التي غزت العالم منذ عامين لكبح ارتفاع التضخم.
واستفادت البنوك حول العالم من ارتفاع أسعار الفائدة على مدار عامين، ما دفعها لتحقيق أرباح قياسية عن طريق استثمار أموال المودعين في شراء أدوات دين حكومية بفائدة مرتفعة، بجانب تقديم قروض للعملاء بفوائد كبيرة.
ومنذ عامين بدأت البنوك المركزية حول العالم برفع أسعار الفائدة في محاولة منها للسيطرة على معدلات التضخم التي ارتفعت لمستويات كبيرة.
ويقول تقرير من شركة الاستشارات المالية ديلويت إن الرؤساء التنفيذيين سيستقبلون عام 2025 بمشاعر مختلطة غير متأكدين من الكيفية التي سيتطور بها العام والتي ستعيد تشكيل ثروات البنوك مرة أخرى.
ففي حين تراجعت الضغوط التضخمية وبدأت أسعار الفائدة في الانخفاض فإن النمو الاقتصادي العالمي والصدمات الجيوسياسية المستمرة سوف تثير قلق الرؤساء التنفيذيين.
وبحسب التقرير فإن التكيف مع انخفاض معدل النمو وبيئة منخفضة الفائدة يمثل تحدياً كبيراً وأساسياً، في ظل الرياح المعاكسة على مستوى الاقتصاد الكلي.
توقعات بانخفاض صافي أرباح البنوك الأميركية
وفقاً لتقديرات ديلويت يتوقع أن ينخفض صافي دخل البنوك من الفوائد في عام 2025، إذ ستظل تكاليف الودائع المصرفية مرتفعة نسبياً، ومع انخفاض أسعار الفائدة قد تضطر البنوك إلى إعادة النظر في استراتيجيات دخل الفائدة.
وخلال العامين الماضيين استفادت البنوك الأميركية إذ كانت تستخدم أموال المودعين لديها في الاستثمار في سندات الخزانة الأميركية التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في عوائدها.
وخلال الربع الثاني من 2024 ارتفعت أرباح البنوك الأميركية نحو 71.5 مليار دولار بزيادة قدرها 11.4 في المئة على الربع السابق، وفقاً لبيانات مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية.
وخلال الربع الثاني من 2024 ارتفعت أرباح البنوك الأميركية نحو 71.5 مليار دولار بزيادة قدرها 11.4 في المئة على الربع السابق، وفقاً لبيانات مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية.
وخلّف هذا الاستثمار أرباحاً كبيرة للبنوك الأميركية فمثلاً بنك جي بي مورغان حقق أرباحاً قياسية في عام 2023، بينما ارتفع سهم البنك بأكثر من 24 في المئة، لكن هذه الوتيرة المرتفعة من الأرباح بدأت تتراجع خلال الفترة الماضية ولو قليلاً.
وخفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة في سبتمبر أيلول الماضي بواقع نصف نقطة مئوية في خطوة هي الأولى منذ 4 سنوات.
وتتوقع وكالة فيتش أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الأميركية بمقدار نقطتين مئويتين تراكميتين أخريين حتى يونيو حزيران 2026، ومن المرجح أن تتبعه معظم البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي بتخفيضات مماثلة بسبب ربط أسعار الصرف.
ومع انخفاض الفائدة الأميركية خلال تلك الفترة يتوقع أن يتحسن الطلب على القروض خاصة بالنسبة للقروض العقارية، لكن ديون بطاقات الائتمان وقروض السيارات قد تشهد نمواً بطيئاً إذ يواجه المستهلكون ضغوطاً مالية أكبر.
أرباح البنوك الخليجية في خطر بسبب الفائدة المنخفضة
يشير تقرير لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني نشر أمس إلى أن خفض أسعار الفائدة في الربع الرابع من 2024 والتي ستستمر حتى 2026 ستكون سلبية بالنسبة لأرباح معظم بنوك دول الخليج، بسبب إعادة تسعير الأصول المدرة للفائدة بشكل أسرع من الالتزامات.
ووفقاً لوكالة فيتش فإن فجوة إعادة تسعير الفائدة قصيرة المدى في البنوك الخليجية -باستثناء بنوك الكويت- ستبلغ 6.6 في المئة من إجمالي أصول البنوك في 2023.
وفجوة إعادة تسعير الفائدة هي الفارق بين الأصول المملوكة للبنوك والالتزامات التي سيعاد تحديد أسعارها في غضون مدة زمنية.
وبحسب فيتش فإن الأداء المصرفي الخليجي شهد انتعاشاً قوياً منذ أن بدأت أسعار الفائدة بالارتفاع في عام 2022، لكن رغم ذلك ستتأثر الأرباح سلباً مع تحول دورة الأسعار للانخفاض.
كيف تخرج البنوك من هذا المأزق؟
ينصح تقرير ديلويت البنوك بالتركيز على تعزيز الدخل غير المتعلق بتجارة الفائدة لتعويض التحديات التي تنتج عن تحركات أسعار الفائدة.
ويقدم التقرير عدة استراتيجيات يمكن للبنوك اتبعها لتعزيز دخلها، منها زيادة حجم المعاملات أو العملاء أو دخول أسواق جغرافية جديدة، بجانب تنفيذ استراتيجيات تسعير جديدة للخدمات مثل فرض رسوم على الخدمات المجانية حالياً أو تصميم نماذج تسعير جديدة.
وفي كل الأحوال فإن البنوك قد ترغب في إعادة تقييم استراتيجيات الدخل غير المتصلة بتجارة الفائدة خاصة في الخدمات المصرفية المقدمة للأفراد أو في إدارة الثروات والخدمات المصرفية الاستثمارية وأسواق رأس المال.