الجنيه والتضخم والدولار والذهب والتعويم، والتحوط والدين والفائدة، أصبحت كلها أرقاماً أكثر منها كلمات في الحياة اليومية للكثير من المصريين، يدخلونها في معادلة أو معضلة لتخرج لنا في نهاية عامنا الحالي بنتيجة جديدة، وهي تحوط المصريين عن طريق الدين، إذ إن تآكل الجنيه المصري وارتفاع التضخم إلى مستويات غير مسبوقة جعلا من مدخرات المصريين أصولاً شديدة التطاير، ومع صعوبة الحصول على الدولار أو الأصول العقارية لصعوبة تسيلها، دخل الكثير من المصريين إلى سوق الذهب منذ عامين للتحوط من كل ما يعصف بهم.
انخفاض سعر الجنيه يدفع لشراء الذهب بالتقسيط
لكن مع الارتفاع الشديد في أسعار المعدن الأصفر بسبب انخفاض قيمة الجنيه، أصبح الادخار فيه يتطلب ضخ الكثير من السيولة، فبدأ المصريون يشترون الذهب بالتقسيط لحفظ القيمة التي تتغير مع كل تخفيض للجنيه المصري، ومن هنا بدأت شركات التمويل الاستهلاكي إتاحة بيع الذهب بالتقسيط، فقامت شركة كونتكت للتمويل الاستهلاكي بالإعلان عما سمته «جنيه كونتكت الذهبي» وهي شراكة مع منصة منجم لبيع المعادن الثمينة.
وأعلنت كونتكت ومنجم عن تثبيت سعر القسط عند 2500 جنيه للجنيه الذي يزن ثمانية جرامات، وتثبيت سعر قسط ربع الجنيه الذهبي عند 620 جنيهاً، وبحسبة بسيطة تبلغ الفائدة على عملية البيع هذه نحو 37 في المئة.
يقول عمر الفقي العضو المنتدب لشركة (كونتكت كريدي تك) في لقاء مع «CNN الاقتصادية» إن هدف كونتكت من هذه العملية «هو جذب فئة جديدة من المستهلكين وتحويل المنتج أو القرض الاستهلاكي إلى قرض استثماري، حيث إن مشتري الذهب سيربح على المدى الزمني، وبالتالي يقتل ثمن الفائدة التي سيقوم بدفعها مع كل قسط».
أما منصة منجم لبيع المعادن الثمينة، التي لم يصل نشاطها الفعلي في بيع الذهب في مصر إلى عام، فقد نجحت في بيع نحو 70 كيلوجراماً من الذهب، بينما كانت تخطط قبل انطلاق عملياتها لبيع 20 كيلوجراماً فقط من المعدن الأصفر في العام الأول من نشاطها.
بيع الذهب بأجزاء بسيطة لجذب صغار المدخرين
سامح الترجمان، الرئيس التنفيذي لشركة فولفينغ القابضة والمالكة لمنصة منجم، قرر طرح تقسيم الذهب على هيئة أسهم، وكان الترجمان يشغل منصب رئيس البورصة المصرية في منتصف سنوات حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وقال الترجمان في لقاء مع «CNN الاقتصادية» إن سياسة منجم تتلخص في «استهداف صغار المدخرين في السوق المصرية عن طريق بيع حصص صغيرة تصل أحياناً لعُشر الجرام، أو عشرة ميللي بألفاظ تجار الذهب، حتى يصل صاحب الحساب لوزن صحيح يقوم بعدها باستلام ذهبه إذا ما أراد الحصول عليه».
وهؤلاء هم من يذهبون على منصة منجم لتقسيط الذهب «لأنهم يتمكنون من تثبيت سعره وقت الشراء ومن ثم الحصول عليه ثم يقومون بعد ذلك بالسداد على أقساط، ليتمكنوا من الحفاظ على مدخراتهم، فأرباحهم عند ارتفاع سعر الذهب بعد أي تخفيض محتمل للعملة المحلية ستمتص مبلغ الفائدة الذي سيقومون بتسديده مع كل قسط».
وقروض التمويل الاستهلاكي أصبحت منتجاً شديد الرواج في مصر منذ نحو عامين لحماية عملائه عن طريق التحوط بالدين على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة.
وبلغ حجم سوق التمويل الاستهلاكي نحو 24.4 مليار جنيه في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، بحسب إحصائيات هيئة الرقابة المالية، وهي الجهة المختصة بالرقابة على الأنشطة المالية غير المصرفية، لأن مبالغ التمويل ارتفعت بنسبة 48.5 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وتشير بيانات الهيئة كذلك إلى ارتفاع عدد المستفيدين من هذه القروض إلى نحو مليوني شخص في مصر مقابل 1.56 مليون شخص في الفترة نفسها من العام الماضي.
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وصل التضخم في مصر إلى 35.8 في المئة في أكتوبر تشرين الأول الماضي.
في النهاية نجحت منجم في تحقيق 40 في المئة من مبيعاتها بفضل عمليات قام بها عملاء التمويل الاستهلاكي، أما الفقي فأعرب عن أن كونتكت ستطرح منتجات تمويلية أخرى ذات طبيعة استثمارية في الفترة المقبلة بعد تجربة بيع الذهب بالتقسيط.