في عصر معدلات التضخم المرتفعة، شهدت المنتجات -بدءاً من تلك الموجودة في محلات البقالة وحتى السيارات الجديدة- ارتفاعات حادة في الأسعار، لكن التلفزيون، كونه أحد أهم العناصر في غرف المعيشة حول العالم، تمكَّن من تجنب تلك الارتفاعات حتى أصبح أقل تكلفة مع مرور الوقت.
في مارس آذار 1973، روّجت شركة (آر سي إيه كوربوريشن) للإلكترونيات لتلفزيون ملون جديد بسعر منخفض في صحيفة نيويورك تايمز، إذ بلغ سعره آنذاك 379.95 دولار أميركي لموديل مقاس 15 بوصة، وهو ما يعادل 2694.32 بالقيمة الحالية للدولار.
اليوم، يمكنك الحصول على تلفزيون مقاس 32 بوصة، أي أكثر من ضعف مقاس تلفزيون آر سي إيه المعلن عنه عام 1973، بأقل من 100 دولار.
لماذا انخفضت أسعار التلفزيونات الجديدة؟
أسهمت عوامل عدة في انخفاض أسعار التلفزيونات؛ بعضها يتعلق بالتصنيع، وأخرى بالتسويق؛ إذ أدت زيادة المنافسة وزيادة كفاءة عملية الإنتاج، بالإضافة إلى قوة جذب المستهلكين على العروض إلى رخص الأسعار، في المتاجر التقليدية مثل (بيست باي) و(تارغت)، ومتاجر التجزئة عبر الإنترنت مثل (أمازون)، تباع بعض أجهزة التلفزيون مقاس 55 بوصة بإجمالي أقل من 250 دولاراً.
ولكن العامل الأهم من ذلك، والذي يدرُّ إيرادات مربحة للغاية لمصنعي التلفزيون، هو بيع معلومات عن المستخدمين، معظم مصنعي التلفزيون يعملون كوسطاء بيانات، ويستفيدون من المعلومات التي يجمعونها من عملائهم المتصلين بالإنترنت.
شاشات تلفزيون مسطحة بتقنيات حديثة وسعر أقل
تغيرت استخدامات أجهزة التلفزيون وكذلك طبيعة مظهرها، فما كان لعقود من الزمن يشبه قطعة ضخمة من الأثاث، أصبح الآن جهازاً نحيفاً يشبه اللوحة السوداء اللامعة التي يمكن أن تعلق على الحائط، بل أصبحت بعض النماذج الحالية مصممة لتبدو كأنها إطار صورة.
ومع تغير المواد المستخدمة في تصنيع أجهزة التلفزيون، تغيرت كذلك عملية التصنيع، أحد أكبر التحسينات التي طرأت على تلك العملية هو تطور علمي يُسمى (ماذر غلاس)، وهو ما ساعد على إنتاج شاشات تلفزيون أكبر من أي وقت مضى.
وقال مستشار صناعة تكنولوجيا المستهلك في شركة سيركانا لأبحاث السوق، بول غانيون، إنه بمرور الوقت، اكتشف مصنعو التلفزيون كيفية خفض تكاليف الإنتاج عن طريق استخراج شاشات متعددة من طبقة واحدة كبيرة من الزجاج (تقنية ماذر غلاس) بدلاً من إنتاج كل شاشة بشكل فردي.
وأضاف غانيون أن «أسهل طريقة لخفض التكلفة هي صنعها من قطعة زجاج أكبر، ولذلك السبب لم ترتفع أسعار الأجهزة مع ازدياد مقاس شاشات التلفزيون».
لكن تلك التصميمات الجديدة لها جانب سلبي أيضاً؛ إذ ازداد خطر سقوط أو كسر التلفزيونات الحديثة نظراً لكونها أصبحت أرق سمكاً وأخف وزناً، وانتشرت مراجعات العملاء على الإنترنت التي ترثي حال أجهزة التلفزيون ذات الشاشة المسطحة الهشة.
المنافسة محتدمة في سوق تصنيع التلفزيونات
على مدار السنوات القليلة الماضية، دخلت شركات جديدة السوق الأميركية بعروض منخفضة التكلفة نسبياً، ما زاد من المنافسة بين صناع التلفزيون القدامى، وتصنف الشركتان الصينيتان (تي سي إل) و(هايسنس) أجدد المنضمين والأكثر شعبية للسوق الأميركية، إذ بدأت (تي سي إل) في بيع أجهزة التلفزيون في الولايات المتحدة عام 2014، ودخلت هايسنس السوق في عام 2015، وكلتاهما تنمي من حصتها في السوق في جميع أنحاء العالم.
وجعلت التطورات الحديثة في عملية التصنيع المنافسة أسهل، ما أدى إلى انخفاض الأسعار في السوق، وبمرور الوقت، إلى انخفاض هوامش الربح للمصنعين أيضاً.
هل كل أجهزة التلفزيون رخيصة؟ ولماذا؟
ليست كل أجهزة التلفزيون رخيصة، عادة لا تتضمن عروض الخصم تلك الطرازات التي تحتوي على المميزات الباهظة، مثل مكبرات الصوت المدمجة ثلاثية الأبعاد، ودقة عرض فور كيه، وتقنيات المدى الديناميكي العالي لضبط الألوان وتباين مستوى السطوع وغيرها، والتي قد تصل أسعارها لآلاف الدولارات.
19 مليون عام من مشاهدة المحتوى الرقمي
في العقد الماضي، شهدت صناعة التلفزيون تحولاً كبيراً، إذ تتجه أعداد متزايدة من الأميركيين للمحتوى الرقمي بدلاً من التقليدي، وأصبح أغلب اعتمادهم في الترفيه منصب على منصات البث الرقمي، مثل نتفليكس وماكس وديزني بلس.
وفقاً لتقرير التسويق السنوي لشركة نيلسن، شاهد الأميركيون ما يزيد على 19 مليون عام من محتوى البث الرقمي خلال عام 2022 فقط.
ولذلك، بات من الصعب الحصول على تلفزيون لا يدعم الوصول إلى محتوى البث بسهولة، وتُسمى هذه التلفزيونات الحديثة المتصلة بالإنترنت تلفزيونات «ذكية».
(سامانثا ديلويا – CNN)