شهدت أسعار الذهب تقلبات كبيرة خلال عام 2024 بسبب التوترات الاقتصادية والسياسية العالمية، ومع إقبال المستثمرين على الذهب كملاذ آمن، وصلت الأسعار إلى مستويات قياسية قبل أن تستقر مع تغير توقعات السياسة النقدية للبنك الفيدرالي الأميركي.
ومع ذلك، تشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع أسعار الذهب في عام 2025 نتيجة التوترات الجيوسياسية، وزيادة الطلب من البنوك المركزية، وتأثير السياسات النقدية على الأسواق المالية العالمية.
وقال عبدالله الأموي مدير قسم الأبحاث في «مودرن كابيتال» في تصريحات خاصة لـ«CNN الاقتصادية» إن قفزات الذهب في 2024 مردها إلى الطلب الاستهلاكي القوي من الهند والصين، فضلاً عن مشتريات البنوك المركزية التي تواصلت للعام الثالث على التوالي والتي بدأت منذ 2022.
وأوضح الأموي أن كل العوامل اجتمعت لتخدم ارتفاع أسعار الذهب في 2024 بما في ذلك التوترات الجيوسياسية في نقاط الصراع بالشرق الأوسط وتصاعد الحرب وتداعياتها بين روسيا وأوكرانيا.
أسعار الذهب في 2024
وارتفع سعر أونصة الذهب عالمياً بنسبة 25 في المئة منذ بداية العام، مسجلاً أعلى مستوى تاريخي عند 2790 دولاراً في أكتوبر الماضي.
ومع ذلك، شهد المعدن الأصفر انخفاضاً بنسبة 3.4 في المئة في نوفمبر، و2 في المئة إضافية خلال ديسمبر حتى الآن، وفقاً لتحليل غولد بيليون لسوق الذهب العالمي.
وأثار التراجع الأخير في أسعار الذهب تساؤلات حول مستقبل تحركاته في عام 2025، وما إذا كان سيواصل الارتفاعات القياسية التي حققها في 2024، ويجيب على ذلك تحليل جديد من غولد بيليون أبرز التوقعات بشأن اتجاه سوق الذهب في العام المقبل.
توقعات أسعار الذهب 2025
ويتوقع مجلس الذهب العالمي أن يشهد الذهب ارتفاعاً أقل في أسعاره خلال عام 2025 بعد المستويات القياسية التي حققها في 2024.
ويرجع هذا التباطؤ المتوقع إلى عوامل مثل النمو الاقتصادي والتضخم، كما قد تؤثر الحروب التجارية المحتملة في ولاية ترامب الثانية وتعقيدات أسعار الفائدة على النمو الاقتصادي، ما قد يقلل الطلب على الذهب، فقد تدعم سياسات ترامب الاقتصاد المحلي، لكنها قد تثير قلق المستثمرين على المستوى العالمي.
وتوقع تقرير حديث من بنك غولدمان ساكس في ديسمبر 2024 أن ترتفع أسعار الذهب إلى 3000 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2025.
وأشار التقرير إلى أن هذا الارتفاع قد يحدث رغم احتمال استمرار قوة الدولار الأميركي، مع تراجع أسعار الفائدة من البنك الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى، إلى جانب زيادة الطلب من البنوك المركزية العالمية، كما أن التوترات الجيوسياسية المستمرة تعزز جاذبية الذهب كملاذ آمن.
ورفع سيتي بنك توقعاته لأسعار الذهب، متوقعاً أن يصل سعر الأونصة إلى 3000 دولار خلال عام 2025.
وأرجع البنك هذه التوقعات إلى الضغوط الاقتصادية على الولايات المتحدة، الأزمات المستمرة في الشرق الأوسط، وزيادة مشتريات البنوك المركزية من الذهب.
من جانبه، تبنى جي بي مورغان نظرة أكثر تحفظاً، حيث يتوقع أن يصل متوسط سعر الذهب إلى 2600 دولار للأونصة خلال عام 2025، مع إمكانية تجاوز هذا المستوى في وقت مبكر.
ويستند هذا التوقع إلى السياسات النقدية المتوقعة، انخفاض التضخم، وزيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن.
العوامل الاقتصادية التي تتحكم بالذهب
ويُشير التقرير إلى عدة عوامل اقتصادية من شأنها التأثير في حركة الذهب خلال 2025، وهي:
السياسات النقدية للبنوك المركزية: مثل خفض أسعار الفائدة واتباع سياسة التيسير النقدي، تعزز أسعار الذهب بشكل كبير، نظراً لأنها تقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، الذي لا يقدم عائداً مباشراً لحائزيه.
التوترات الجيوسياسية: مثل الأوضاع المضطربة في منطقة الشرق الأوسط وتصاعد الأزمات في مناطق أخرى كفرنسا وكوريا الجنوبية، تدعم الطلب المتزايد على الذهب كملاذ آمن.
مشتريات البنوك المركزية من الذهب: وفقاً لتقارير مجلس الذهب العالمي، شهدت البنوك المركزية العالمية زيادة ملحوظة في مشترياتها من الذهب خلال عام 2024 حتى نهاية نوفمبر، فقد بلغ حجم مشتريات البنوك منذ بداية العام وحتى نهاية الربع الثالث 694 طناً، وهو ما يعادل المستويات التي تم تسجيلها في عام 2022.
الإدارة الاميركية الجديدة: مع تولي الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب بداية 2025، هناك توقعات بفرض رسوم جمركية جديدة وتطبيق سياسات ضريبية قد تسهم في زيادة التضخم، وبالتالي تدعم مستويات الدولار الأميركي، الذي وصل إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من عامين في ديسمبر.
من جهة أخرى، أشار البنك الفيدرالي الأميركي في آخر اجتماعاته هذا العام إلى نيته تقليل عمليات خفض الفائدة في عام 2025، وهو ما قد يدفع الدولار الأميركي لمزيد من الصعود ويؤثر سلباً على أسعار الذهب.
ويُشير تقرير غولد بيليون إلى أن هناك عدة عوامل تدعم حركة الذهب نحو الصعود في العام المقبل وتسجيل مستويات تاريخية جديدة، ومع ذلك، هناك عوامل أخرى قد تحد من مكاسب المعدن الأصفر، ما سيؤدي إلى استمرار ارتفاعه ولكن بوتيرة أقل مقارنة بعام 2024 الذي شهد أداءً استثنائياً للذهب.