أدى إضراب 185 ألفاً من العاملين في شركة « يو بي إس» الأميركية للشحن قبل 25 عاماً إلى توقف عمليات «عملاق» النقل اللوجستي، فبعد أن استمر الإضراب لمدة 15 يوماً، أدى إلى خفض عمليات تسليم الطرود، وإغراق خدمات البريد الأميركي و«فيديكس»، وإلحاق الضرر البالغ بالعديد من الشركات في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وفي الوقت الراهن، يهدد أكثر من 340 ألف عامل بالشركة، وتمثلهم نقابة «تيمسترز»، بالإضراب لتحسين الأجور وساعات العمل وظروف العمل إن لم تتوصل المحادثات بين الشركة والنقابة إلى اتفاق، وإن حدث الإضراب فسيكون هذا أكبر إضراب لشركة واحدة في تاريخ الولايات المتحدة.

وفي حال تطبيق التوقف عن العمل، فسيتزامن القرار مع بدء موسم تسوق المستلزمات الدراسية، واستعداد تجار التجزئة لذروة فترة الإجازة في وقت لاحق من العام.

إضراب النقابة ضد شركة «يو.بي.إس» بعد قرارها تسريح عدد من العمالة عام 1997. فرانس برس

إلى أي مدى سيتضرر القطاع اللوجستي؟

يتوقع خبراء الشحن اللوجستي أن إضراب «يو بي إس» إن كان قصير الأمد، لن يكون له وقع مدمر كما حدث في عام 1997 لأن الأمور تغيرت على مدى الربع قرن الأخير، فعلى سبيل المثال هناك المزيد من بدائل الشحن.

ولكن إذا استمر الإضراب أكثر من أسبوع، وفقاً للخبراء، فسينتج عنه رفوف فارغة، وأسعار مرتفعة، وتسليم أبطأ لطرود العملاء.

وفي أسوأ السيناريوهات، قد يتسبب إضراب «يو بي إس» طويل المدى في حدوث اضطرابات كبيرة في شبكة سلسلة التوريد الأميركية.

ما الخيارات اللوجستية المتاحة؟

الشاحنون لديهم خيارات أكثر من المتاح في عام 1997، إذ ازدهرت «فيديكس» وشركات نقل إقليمية عدة منذ ذلك الحين، ولم تكن عمليات «أمازون» اللوجستية موجودة في ذلك الوقت.

وكذلك تبنت «وولمارت» و«تارجت» وغيرهما من تجار التجزئة تسليم شحنات عملائهم في الأميال الأخيرة للشحنات، لتقدم لهم خيارات الشراء والتسلم عبر الإنترنت بالكامل، أو استلام طرودهم من المتاجر القريبة، وكذلك قدمت شركة «أوبر» خدمات توصيل الطرود مؤخراً.

قالت رئيسة شركة «لوجستيك تريندز آند إنسايتس»، وهي شركة أبحاث لسلاسل التوريد، كاثي روبرسون «كان أكبر درس مستفاد من هذا الإضراب هو التنويع».

أول إضراب عمّالي وطني في تاريخ «يو بي إس» للشحن البالغ 90 عاماً. فرانس برس

تباطؤ الاقتصاد وتراجع العديد من المستهلكين عن شراء السلع التقديرية مثل الإلكترونيات والملابس؛ ما يعني أن الطلب ليس مرتفعاً كما كان في وقت سابق من جائحة كوفيد، ولا يحتاج تجار التجزئة أيضاً إلى زيادة مخزون مستلزمات العودة للدراسة، في الواقع العديد من الشركات أمنت بضائع أكثر من المطلوب في الوقت الحالي.

وانخفضت إيرادات «يو بي إس» بنسبة 6 في المئة في الربع الأول مقارنةً بالعام السابق، وكانت الشركة قد أعلنت في أبريل نيسان الماضي أنها تتوقع «أن يظل الحجم تحت الضغط».

قالت روبرسون «إذا نظرت إلى السوق ككل، فلا أحد يتوقع انتعاشاً بعد الآن، ومن منظور اقتصادي سيكون لدينا موسم ذروة هادئ للغاية».

وكانت «فيديكس» وشركات شحن أخرى قد نبهت الشاحنين منذ أشهر كي يبتعدوا عن «يو بي إس» لتجنب أي تأخير جراء الإضراب.

الآثار الاقتصادية للإضراب المحتمل

توصل «يو بي إس» نحو ربع الطرود الأميركية الإجمالية إلى وجهتها النهائية، وفقاً لشركة «بيتني باوز» العالمية للشحن والخدمات اللوجستية، ولا توجد سعة كافية في السوق لاستبدالها، كما أن نصيبها من الشحنات أكبر مما يشير إليه هذا الرقم، نظراً لأن العديد من الطرود التي تسلمها خدمة البريد الأميركية هي أيضاً تنقل بواسطة «يو بي إس».

بشكل عام، تعاملت «يو بي إس» مع متوسط 18.7 مليون طرد محلي يومياً في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام.

اتفاق مرجح لتجنب الخسائر

يتوقع خبراء اللوجستيات بشكل عام تجنب إضراب طويل الأمد، لما له من آثار مدمرة على الشركات والاقتصاد، إذ إن كلا الجانبين لديه الكثير ليخسره في حالة النزاع الطويل.

وتوصل مفاوضو «يو بي إس» من طرف، ومفاوضو النقابة من جهة أخرى إلى اتفاقٍ مبدئي هذا الأسبوع بشأن مسألة حاسمة، وهي تركيب مكيفات الهواء -تدريجياً- في أسطول سياراتها الكامل المكون من 95 ألف شاحنة توصيل.

وقال الزميل في معهد سلسلة التوريد بجامعة تينيسي والمدير التنفيذي السابق لشركة «يو بي إس» آلان أملينج إن «احتمالات الإضراب مرتفعة كما كانت منذ عام 1997، لكنها لا تزال أقل من 50 في المئة».

(ناثانيال مايرسون– CNN)