وجدت شركة إنفيديا، عملاق صناعة الرقائق الذكية التي كانت لفترة وجيزة الشركة الأكثر قيمة في العالم، نفسها فجأة في وضع غير مألوف.

شهدت الشركة أسوأ يوم في تاريخ سوق الأوراق المالية من حيث الخسارة في القيمة السوقية الإجمالية، يوم الثلاثاء الماضي، حيث أدى انخفاض سعر سهمها بنسبة 9.5 في المئة إلى خفض قيمة الشركة بمقدار 279 مليار دولار، وهو ما يتجاوز بكثير الرقم القياسي السابق البالغ 240 مليار دولار الذي سجلته شركة ميتا في عام 2022.

لوضع هذا الانخفاض المذهل في السياق، فإن 27 شركة فقط على هذا الكوكب تساوي قيمتها ما خسرته إنفيديا يوم الثلاثاء، إن القيمة المتبخرة التي تبلغ 279 مليار دولار تساوي أكثر من جميع أسهم بعض أكبر الشركات الأميركية، بما في ذلك ماكدونالدز وشيفرون وبيبسي.

وخسر الرئيس التنفيذي جينسن هوانغ، الذي يعد أكبر مساهم فردي في إنفيديا، 10 مليارات دولار من ثروته يوم الثلاثاء بسبب الانخفاض الحاد الذي شهدته إنفيديا.

كانت الشركة في حالة انحدار منذ 18 يونيو، بعد أن تجاوزت قيمتها 3.3 تريليون دولار لتسجل أعلى قيمة لأي شركة عامة، ولكن مع بدء الاقتصاد الأميركي بإظهار بعض علامات التوتر تشكك المستثمرون في تقييمات إنفيديا وغيرها من أسهم الذكاء الاصطناعي شديدة الارتفاع، ويشعر متداولو الأسهم بالقلق من أن الضعف المحتمل في الاقتصاد قد يجعل الشركات تفكر مرتين قبل الاستثمار المحفوف بالمخاطر في التكنولوجيا الواعدة.

على الرغم من إعلان الشركة عن تحقيق أرباح ضخمة الأسبوع الماضي فإن التوقعات الضعيفة لأداء الشركة لباقي العام خيبت آمال المستثمرين الذين كانوا يبحثون عن المزيد من الارتفاع، فانخفض السهم.

انخفضت قيمة إنفيديا بأكثر من 20 في المئة منذ ذروتها في 18 يونيو، وانخفضت قيمة مايكروسوفت، التي راهنت بشكل كبير على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بنسبة 12 في المئة من ذروتها الأخيرة.

وانخفضت أسهم شركة TSMC، أكبر منافس لشركة إنفيديا في صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي، بنسبة 18 في المئة منذ منتصف يوليو.

في الوقت نفسه عانت شركة إنتل، التي كانت ذات يوم أكبر شركة لصناعة الرقائق في العالم، من انخفاض بنسبة 59 في المئة في سعر سهمها هذا العام، وتواجه هذه الشركة تحدياً ضخماً في محاولتها إعادة تشكيل قدراتها للدخول في لعبة الذكاء الاصطناعي.

مشكلات قانونية محتملة

تواجه شركة إنفيديا مجموعة مختلفة من المشكلات، إذ أفادت التقارير بأن الحكومة تحقق معها بشأن انتهاكات محتملة لمكافحة الاحتكار.

ويرجع جزء كبير من الانخفاض الحاد يوم الثلاثاء بسبب إرسال وزارة العدل الأميركية استدعاءً لممثلي الشركة، كجزء من تحقيق في مكافحة الاحتكار، وفقاً لبلومبرغ.

ورفضت وزارة العدل التعليق بشكل مباشر على تحقيق محتمل في مكافحة الاحتكار، وأوضحت إنفيديا بعد ظهر الأربعاء إنها لم تتلقَ استدعاءً من وزارة العدل، وقال متحدث باسم الشركة في بيان «وزارة العدل الأميركية لم تقم باستدعائنا، ومع ذلك نحن سعداء بالإجابة عن أي أسئلة قد تكون لدى الجهات التنظيمية حول أعمالنا».

وتلاحق إدارة بايدن عمالقة التكنولوجيا، حيث أطلقت تحقيقات ووجهت اتهامات ضد أبل وغوغل وأمازون وغيرها من الشركات، ومن غير الواضح ما إذا كانت إدارة كامالا هاريس أو دونالد ترامب ستواصل هذه القضايا، لكنهما انتقدا شركات التكنولوجيا لأسباب مختلفة خلال حملتيهما.

وخسرت إنفيديا 1.7 في المئة أخرى يوم الأربعاء، ومع ذلك لا يزال المتفائلون بالذكاء الاصطناعي يؤمنون بشركة إنفيديا، إذ يظل السهم مرتفعاً بنسبة 118 في المئة هذا العام ويبلغ تقييمه السوقي 2.7 تريليون دولار، في المركز الثالث خلف أبل ومايكروسوفت.

قال الرئيس التنفيذي جينسن هوانغ، الأسبوع الماضي، إن الطلب على أحدث رقائق الذكاء الاصطناعي «بلاكويل» «يتجاوز العرض بكثير»، وحتى مع نمو المنافسة، فإن الطلب على رقائق إنفيديا ينمو أيضاً.

والاستثمارات تؤتي ثمارها -حتى الآن على الأقل- كما يدعي هوانغ، الذي يرى أن الأشخاص الذين يستثمرون في البنية التحتية لشركة إنفيديا يحصلون على عوائد فورية، بسبب الرواج الهائل لمنتجاتها.

لهذا السبب يعتقد المتفائلون مثل دان إيفز من «ويدبوش» أن انخفاض أسهم إنفيديا يمثل فرصة للشراء، وقال إيفز يوم الثلاثاء في مذكرة للمستثمرين «لقد غيرت إنفيديا المشهد التكنولوجي والعالمي إذ أصبحت وحدات معالجة الرسوميات الخاصة بها النفط والذهب الجديدين في مشهد تكنولوجيا المعلومات».