أعلنت شركة «واتشيباتو»، أكبر مصنع للصلب في تشيلي، عن إغلاق أبوابها يوم الاثنين المقبل، بعد 74 عاماً من بدء تشغيلها، ما يهدد آلاف الوظائف ويضع المدينة الصغيرة تالكاوانو في أزمة عميقة.
كان مصنع «واتشيباتو» يشكل محور حياة مدينة تالكاوانو التي يبلغ عدد سكانها 160 ألف نسمة، وكان له دور كبير في الاقتصاد المحلي منذ تأسيسه في عام 1950، ومع إغلاق المصنع الذي كان ينتج 800 ألف طن من الصلب سنوياً، ستفقد المدينة أكثر من 2700 وظيفة مباشرة، بمن في ذلك موظفو العقود من الباطن، بالإضافة إلى نحو 20 ألف وظيفة غير مباشرة.
وقال فرناندو أوريلانا، الذي أمضى 37 عاماً في المصنع، «عملت في واتشيباتو، وكان والدي وزوجتي أيضاً يعملان هناك، كان لدينا مستوى معيشي جيد، وكان المصنع جزءاً من حياتنا اليومية».
رغم محاولات المصنع مواجهة التحديات، بما في ذلك المطالبة بفرض رسوم إضافية على الواردات الصينية، لم تكن هذه الخطوات كافية، فقد تبين أن الصلب الصيني يُباع بأسعار أقل بنسبة 40% مقارنة بالصلب المحلي، ما أثر بشكل كبير على قدرة المصنع على الاستمرار، ونتيجة لذلك، تراكمت خسائر المصنع منذ عام 2019 لتصل إلى 700 مليون يورو.
وقال خوليو برتران، مدير المصنع، «إنه قرار يؤلمنا بشدة، لكننا على قناعة بأننا فعلنا كل ما بوسعنا».
شهدت أسواق أميركا اللاتينية تدفقاً ضخماً من الصلب الصيني، حيث زادت حصته بنسبة 44% في العام 2023، ما شكل تهديداً كبيراً للمنتجين المحليين. وفقاً لجمعية الصلب في أميركا اللاتينية «ألاسيرو»، ازدادت حصة الصين في السوق العالمية من 15% إلى 54% خلال عقدين فقط.
في مدينة تالكاوانو، لم يكن المصنع مجرد مصدر للوظائف، بل كان أيضاً محوراً للمجتمع، حيث أسهم في بناء مساكن للعمال وتأسيس فريق كرة قدم محلي، والذي أصبح الآن متصدراً للبطولة التشيلية.
عشية الإغلاق، وقّع الموظفون على خطة تسريح تشمل تعويضات إضافية، لكن هذه الخطوة لم تتمكن من تخفيف القلق والإحباط الذي يشعر به الكثيرون، خاصة المقاولين من الباطن الذين لم تشملهم التعويضات.
قال هيكتور ميدينا، رئيس الاتحاد الأول، «لدي 47 عاماً من الخبرة في الشركة، ولم أتخيل أبداً أنني سأكون أحد الأشخاص الذين سيسهمون في إغلاقها».
وأضاف روبرتو هرنانديز (عامل متعاقد) «إنه لأمر فظيع أن تجد نفسك عاطلاً عن العمل فجأة في هذا العمر، أين سأجد عملاً الآن؟».
تشير تقديرات النقابات إلى أن أكثر من نصف العمال المستغنَى عنهم تجاوزت أعمارهم الخمسين، كما كشفت دراسة من جامعة كاثوليكية في تالكاوانو أن إغلاق المصنع سيؤثر على 1090 شركة صغيرة ومتوسطة الحجم في المنطقة.
توقعات تشير إلى أن البطالة سترتفع بنسبة 2.5% إلى 11% وفقاً لدراسة مرصد العمل في المنطقة، وفي ظل هذه الأزمة، من المقرر أن تعلن الحكومة الاثنين عن خطة لدعم الصناعة وتعزيز التوظيف في منطقة بيوبيو، لكن تفاصيلها لم تكشف بعد.
من جانبها، تنوي شركة «واتشيباتو» الإبقاء على بعض الأنشطة غير المرتبطة بصناعة الصلب، مثل استخراج وتسويق الحجر الجيري، في محاولة للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها المدينة.