بالنسبة لشركة خسرت 33 مليار دولار منذ عام 2019، فإن إضراباً يوقف تقريباً إنتاج منتجها الرئيسي هو آخر ما تحتاج إليه.. لكن هذه هي حقيقة الحال لشركة بوينغ المتعثرة في صناعة الطائرات.

مدة الإضراب ستحدد مدى جدية المشكلات التي تواجه بوينغ، إذا استمر الإضراب لمدة أسبوع أو نحو ذلك، فلن يكون له تأثير كبير على الشركة التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في الديون وانخفاضاً في تصنيفها الائتماني في محاولة لتغطية الخسائر على مدى السنوات الخمس الماضية.

كان آخر إضراب عام 2008 قد كلف بوينغ 1.2 مليار دولار من صافي الدخل، وإذا استمر هذا الإضراب عدة أشهر، كما حدث في توقفات العمل السابقة، فقد يكون له تأثير مماثل.

قال الرئيس التنفيذي بريان ويست للمستثمرين يوم الجمعة، بعد ساعات من بدء الإضراب «الإضراب سيؤثّر على الإنتاج والتسليمات والعمليات وسيلحق الضرر بجهودنا للتعافي».

لدى بوينغ طريق طويل نحو الربحية، بغض النظر عن مدة الإضراب، فهي محدودة في معدل بناء طائرات 737 ماكس، حيث تشرف إدارة الطيران الفيدرالية على جهود تحسين جودة خط التجميع، كما أن الطائرة التالية المخطط لها، 777X، التي تعتبر مفتاحاً لعودة الشركة إلى الربحية، واجهت مشكلات في رحلاتها التجريبية وتأخرت سنوات في الحصول على شهادة صلاحية للطيران لنقل الركاب، ولم يكن لدى بوينغ الأموال اللازمة لتطوير طراز جديد لخدمة السوق، وتراجعت مبيعاتها كثيراً خلف منافستها إيرباص.

لذلك، على الرغم من أن الإضراب قد يكون سيئاً لبوينغ، فإن لديها العديد من المشكلات الأخرى التي يجب التعامل معها.

عامل رئيسي لصالح بوينغ هو أنها جزء من احتكار عالمي مزدوج مع إيرباص.

بوينغ وإيرباص هما المصنعان الوحيدان للطائرات التجارية ذات الحجم الكامل، والطلب على الطائرات قوي مع قائمة انتظار طويلة لسنوات.

إذا ألغت شركة طيران طلباً مع بوينغ ووضعت طلباً مماثلاً مع إيرباص، فستظل في قائمة الانتظار لسنوات، وبمجرد أن تطلب شركة طيران طرازاً معيناً من الطائرات، فإنها تصبح ملتزمة باستخدام ذلك الطراز، حيث إن امتلاك طراز منافس من الشركة المصنعة الأخرى يزيد من تكاليف التشغيل بشكل كبير، لذلك حتى مع المشكلات المالية التي قد تؤدي إلى انهيار شركة أخرى، فإن بوينغ لن تذهب إلى أي مكان.

الإضراب قد يستمر فترة طويلة

من المتوقع أن تُستأنف المفاوضات بين بوينغ والنقابة والوسطاء الفيدراليين في وقت مبكر من هذا الأسبوع.

وعلى الرغم من أن الجانبين يقولان إنهما يريدان التوصل إلى اتفاق لإنهاء التوقف عن العمل، فإن تاريخ العلاقات العمالية في بوينغ، والرفض الساحق للاتفاق المبدئي، يشيران إلى أن الإضراب قد يستمر فترة طويلة.

كانت الشركة قد قدمت عرضاً لـ33 ألف عامل في مصانعها النقابية في ولاية واشنطن وبعض مراكز الأجزاء الأخرى لمدة أربع سنوات، مع زيادات في الأجور بنسبة لا تقل عن 25% خلال مدة الاتفاق، بما في ذلك زيادة فورية بنسبة 11%، وزيادات على أساس تكاليف المعيشة التي قد ترفع الأجور أكثر، وزيادة في المساهمات في حسابات التقاعد 401(k)، وخفض حصة الموظفين من أقساط التأمين الصحي.

وصفت بوينغ هذا العرض بأنه أفضل عقد قدمته على الإطلاق للنقابة، كما وصفت قيادة النقابة العقد بأنه الأفضل الذي تفاوضت عليه مع الشركة.

لكن 96% من الأعضاء الذين صوّتوا على الاتفاق يوم الخميس رفضوه وبدؤوا الإضراب بعد ساعات قليلة.

استمر الإضراب عام 2008 لأكثر من ثمانية أسابيع، وعلى الرغم من أن بوينغ قد لا تخسر مبيعات من هذا الإضراب، فإن التأخير في التسليمات سيضر بتدفقاتها النقدية المتضررة بالفعل، حيث يأتي معظم الأموال التي تتلقاها من مبيعات الطائرات عند تسليمها.

أشارت وكالتا التصنيف الائتماني «فيتش» و«موديز» يوم الجمعة إلى أن تخفيض تصنيف بوينغ إلى مرتبة «السندات الرديئة» بات متوقعاً الآن.. وكانت وكالة «ستاندرد آند بورز» قد أشارت بالفعل إلى أن هذا التخفيض مرجح حتى قبل الإضراب.

القدرة على تحمل التكاليف المتزايدة

قالت بوينغ إنها ملتزمة بإيجاد اتفاق جديد يكون مقبولاً لدى أعضاء النقابة.

وعلى الرغم من الخسائر المستمرة التي تعاني منها الشركة، فإنها ستكون قادرة على تحمل التكاليف المتزايدة.

ويرجع جزء من ذلك إلى أن تجميع الطائرة يمثل فقط نحو 15% من تكلفتها، وفقاً لريتشارد أبولافيا، مدير في شركة الاستشارات الجوية AeroDynamic Advisory.

تذهب معظم التكاليف إلى دفع موردي قطع الطائرات، من الأنظمة الإلكترونية إلى المقاعد إلى الهيكل نفسه، وتشمل الـ15% التي تنفقها بوينغ جميع التكاليف، من المواد الخام إلى تشغيل المصانع إلى العمالة؛ وبالتالي فإن دفع أجور العمال البالغ عددهم 33 ألفاً يشكل نسبة صغيرة جداً من التكلفة الإجمالية للطائرة.

قال أبولافيا «كان بإمكانهم مضاعفة أجور الجميع، ولم يكن ليحدث فرق كبير».

هذا أحد الأسباب التي جعلت العمال على خطوط الاعتصام يرفضون عرض بوينغ بسرعة، على الرغم من أنه بدا سخياً للوهلة الأولى.. لم يحصل أعضاء النقابة على زيادات كبيرة في الأجور لمدة 16 عاماً، وأجبروا على التخلي عن مزايا مثل خطة التقاعد التقليدية أو تعرضوا للتهديد بفقدان وظائفهم النقابية لصالح مصانع غير نقابية كانت بوينغ تفكر في إنشائها.

تم إجبارهم على تقديم تلك التنازلات في وقت كانت الشركة تحقق فيه أرباحاً، وليس خلال فترة ضائقتها المالية الحالية.

قال جيم بلومر، موظف في بوينغ يبلغ من العمر 28 عاماً في رينتون، واشنطن، لشبكة KING-TV التابعة لـCNN من خطوط الاعتصام خارج المصنع الذي ينتج طائرات 737 ماكس: «إذا كانت بوينغ تدعي أننا الأفضل في الصناعة، فعليها أن تعاملنا على هذا الأساس»، وأضاف «إذا كانت تكلفة الطائرة 180 مليون دولار، فإن نسبة تكلفة العمالة ضئيلة جداً».

(كريس إيزيدور CNN)