على الرغم من العقبات التي يواجهها الاقتصاد الصيني، وتملصه من فخ الركود الاقتصادي بصعوبة، فإن عملة الصين قد تدفع ثاني أقوى اقتصادات العالم إلى بارقة أمل جديدة، خاصة بعدما تخطت اليورو في عمليات تمويل التجارة العالمية.
اتجهت الشركات العالمية إلى الأسواق الصينية، التي تصدر كميات قياسية من السندات المقومة باليوان الصيني، مع ارتفاع نسب القروض، لتستفيد من أسعار الفائدة المنخفضة على عملة الصين مقارنةً بارتفاع تكاليف التمويل في أماكن أخرى.
تجمع الشركات والبنوك مبالغ نقدية قياسية من خلال سندات اليوان الصادرة في الصين المعروفة باسم سندات الباندا، وسندات ديم سوم الصادرة في هونغ كونغ.
هل يمكن تدويل اليوان؟
أدى الارتفاع الكبير في اقتراض الشركات العالمية من البنوك إلى تجاوز عملة الصين لليورو، ليصبح اليوان ثاني أكبر عملة تستخدم في تمويل التجارة العالمية، ما يوفر دفعة لطموحات بكين لتدويل اليوان.
تقول فيونا ليم، كبيرة استراتيجيي العملات الأجنبية في (مايبانك)، إن الاندفاع العالمي للاقتراض من الصين أمر غير بديهي، ويأتي في الوقت الذي يتجنب فيه المستثمرون ثاني أكبر اقتصاد في العالم بسبب المخاوف بشأن التوترات الجيوسياسية وضعف النمو.
جمعت الشركات الأجنبية مثل شركة صناعة السيارات الألمانية بي إم دبليو، وكريدي أغريكول، إضافة إلى الوحدات الخارجية للشركات الصينية رقماً قياسياً يقدر بنحو 125.5 مليار يوان (ما يعادل نحو 17.33 مليار دولار) من بيع سندات الباندا خلال الفترة من يناير كانون الثاني إلى أكتوبر تشرين الأول، ليشكل قفزة بنسبة 61 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
من جهته، جمع البنك الوطني الكندي مليار يوان من بيع سندات الباندا لمدة ثلاث سنوات بعائد يبلغ 3.2 في المئة في أواخر الشهر الماضي.
كما وصل إصدار سندات الديم سام في هونغ كونغ إلى مستوى قياسي، إذ ارتفع بنسبة 62 في المئة مقارنةً بالعام الماضي ليصل إلى 343 مليار يوان خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري.
بالنسبة لبكين، فإن الحصة المتزايدة من عملة الصين في التمويل العالمي تمثل إحدى أولوياتها الرئيسية في مجال التدويل، على الرغم من أن النشاط الأخير يبدو أنه كان موجهاً للاستخدام المحلي.
وحفزت البنوك على إقراض الشركات الخارجية وسمحت باستخدام اليوان على نطاق أوسع خارج الصين، وقال بنك الشعب الصيني في تقرير الشهر الماضي إن سندات الباندا تعمل بشكل مطرد على تعزيز وظيفة اليوان كعملة تمويل.
وقفزت حصة اليوان كعملة عالمية في تمويل التجارة إلى 5.8 في المئة في سبتمبر أيلول من 3.91 في المئة في بداية العام، متفوقاً على اليورو للمرة الأولى، وفقاً لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك.
ويهيمن نظام المدفوعات الدولي على حركة خطابات الاعتماد، وهي شكل من أشكال التمويل القصير الأجل الذي يعمل على تسهيل التجارة.
هل يمكن الاحتفال بتفوق عملة الصين عالمياً؟
يشير المحللون إلى الاستخدام والتداول المحدودين لسندات اليوان الدولية حتى الآن، ويقولون إنه من السابق لأوانه الترويج للتدويل.
قالت مجموعة فولكس فاغن الألمانية لصناعة السيارات لوكالة رويترز إنها ستستخدم عائدات سندات الباندا الافتتاحية البالغة 1.5 مليار يوان في أعمالها البرية في الصين.
وتعتزم مجموعة مرسيدس بنز أيضاً استخدام عائدات سندات الباندا لدعم أعمال تأجير السيارات في الصين.
وقال مارك ويليامز، كبير الاقتصاديين الآسيويين في (كابيتال إيكونوميكس)، إن تدويل اليوان لا يسير على ما يرام كما قد توحي الأرقام الرئيسية.
وتتفق معه ليم من (مايبانك) أيضاً قائلة «يجب أن نميز بين المعاملات عبر الحدود التي تتم بين الصين وهونغ كونغ مقابل الصين وبقية العالم».
وفي إطار تمويل التجارة والمدفوعات، يقتصر استخدام اليوان إلى حد كبير على الدول النامية الصديقة للصين، مثل تلك التي تنضم إلى مبادرة الحزام والطريق.
(رويترز)