أتذكر تلك الحيلة المعروفة عن ملابسك الضائعة، ويمكن فقط للأم أن تجدها من مخبئها، يبدو أن الأمر كذلك فيما يتعلق بالأموال، قد يكون الأمر غريباً خاصة عندما يكون نشاطك المهني مختلفاً تماماً عن حياة الأم العملية، لكن سواء كانوا يعلموننا بنشاط عن الشؤون المالية، أو نلاحظ فقط كيف يتعاملون مع أعمال الحياة، يمكن للأمهات أن يؤثرن بشكل كبير على حياتنا المالية، فعندما يتعلق الأمر بالأموال، الأم خير من يعلم.
عن هذه الأمور، سألت رويترز عدداً قليلاً من قادة الأعمال عن أفضل نصيحة مالية حصلوا عليها من أمهاتهم.
أرجع مؤسس وكبير مسؤولي الاستثمار لشركة «آريال إنفستمينتس» جون روجرز جونيور، سر نجاحه المالي إلى كل الدروس التي عملتها إياه أمه، قائلاً «كانت أمي نائبة المدعي العام، وكانت رائدة في الخدمة في مجالس إدارة الشركات، اعتدت الذهاب معها لحضور اجتماعات مجلس الإدارة، مثل (موبيل) و(كونتينينتال بنك)، كنت أبلغ آنذاك 22 أو 23 عاماً، وأتبعها فقط، كان لذلك تأثير كبير على تفكيري، حول مجالس الإدارة كوسيلة لبناء علاقات مدى الحياة».
وأضاف «عندما كنت مراهقاً، كانت أمي تشجعني على التحدث مع ستايسي آدامز، وهو من أوائل سماسرة البورصة الأميركيين في شيكاغو، إذ كان يوضح لي كيفية إجراء بحث حول الشركات، وكيفية البحث عن المعلومات في المكتبة، والنشرات الإخبارية التي يجب أن أقرأها، لم أتعلم الكثير عن الاستثمار فحسب؛ لكنني اتبعت خطاه حتى أصبحت سمساراً للأوراق المالية».
وفي عمر الرابعة والعشرين، بدأ جون شركة «آريال» عام 1983، وأوضح في حديثه «أعطتني أمي كل الأموال النقدية السائلة التي تملكها، كانت أهم مستثمر مبكر في الشركة؛ لأنها كانت تتمتع بهذه الروح السخية وأرادتني أن أكون ناجحاً، كنت محظوظاً للحصول على دعمها، وأنا سعيد لأنه اتضح أنه استثمار جيد لها».
من جهتها، أفادت المؤسس والعضو المنتدب لشركة «كليو كابيتال» سارة كونست، بأن أمها شجعتها على عدم إهدار الطعام أو الملابس التي بالكاد ترتديها.
وقالت «إن التركيز على إعادة الاستخدام وتعظيم القيمة تعتبر طريقة رائعة للتحكم في أموالك، يمكنك الاحتفاظ بسيارة لمدة عام إضافي، وشراء العناصر المستعملة أو بيعها، فضلاً عن التمسك بالأشياء التي ستحتاج إليها في المستقبل».
وأضافت «لا يمكننا دائماً التحكم في مقدار الأموال التي نحققها، ولكن يمكننا التحكم في تعظيم قيمة الأشياء التي لدينا بالفعل».
أما مؤسس مجموعة « فيرجن»، ريتشارد برانسون، فقد أكد أنه مدين بحياته المهنية لأمه، قائلاً «ذات يوم في أواخر الستينيات، رأت أمي قلادة ملقاة على الطريق بالقرب من شاملي غرين وأخذتها إلى مركز الشرطة، وعندما لم يطالب أحد بالقلادة بعد ثلاثة أشهر، أخبرتها الشرطة أنها تستطيع الاحتفاظ بها، أتت أمي إلى لندن لتبيع القلادة، وأعطتني المال، ولولا هذا المبلغ الذي بلغ نحو 100 جنيه استرليني، لم أكن لأبدأ (فيرجن)».
وأضاف «الأهم من ذلك، أن أمي هي من رسخ القيم فينا، والتي كانت أكثر قيمة لنجاح الأعمال من أي مبلغ في البداية، لقد علمتني أهمية العمل الجاد، لطالما شاهدتها تعمل على مشروع ما، كانت مبدعة لا تعرف الخوف أو الاستسلام، لقد كانت رائدة أعمال بحق قبل أن ينتشر هذا المفهوم عالمياً».
وعن كواليس العمل وتفاصيل التعامل مع الموظفين، تلك الأمور التي تعتبر حجر الأساس لنجاح عمل رائد الأعمال، قال برانسون «لقد أوضحت أمي لي أيضاً أهمية معاملة الناس بالطريقة التي تتمنى أن يعاملوني بها، والتي كانت دائماً جزءاً كبيراً من طريقة عملنا في (فيرجن)، لقد أوضحت لي كيفية الموازنة بين العمل والاسترخاء».
بدورها، قالت المديرة المالية للرابطة الوطنية لكرة القدم، كريستين دورفلر «كانت أمي معلمة في مدرسة ابتدائية لمدة أربعين عاماً، الآن هي تبلغ من العمر 76 عاماً، وما زالت تدرس بالطاقة نفسها والعاطفة والحماس الذي كانت تفعله خلال حياتها المهنية المبكرة».
وأضافت «كانت أمي فخورة بشكل لا يصدق بكسب لقمة العيش، وألهمني فخرها واستقلاليتها بالرغبة في الحصول على وظيفة خاصة بي».
وعن أفضل نصيحة مالية، قالت «حثتني أمي على البدء في التفكير في الأموال منذ سن مبكرة، لقد علمتني أن التوفير ليس من السابق لأوانه أبداً، وأن تطوير عادة إدارة أموالك بحكمة أكثر أهمية من مقدار المال لديك، كما شجعتني أنا وأختي على تخصيص القليل من المال دائماً للعناية بأنفسنا، كانت تلك دروساً حكيمة أتدرب عليها وأقدرها باستمرار».