تدرس الشركات الكبرى، مثل «جيه بي مورغان» و«غولدمان ساكس»، رفع توقعاتها لأسعار النفط في ظل المكاسب القوية التي يحققها الخام الأسود منذ بداية الشهر الجاري.

ففي بداية العام، كانت الغالبية العظمى من المحللين والبنوك الاستثمارية تتوقع تجاوز النفط حاجز الـ100 دولار، لكن تأرجح أسعار النفط، بسبب مخاوف الركود الاقتصادي، دفعهم لمراجعة توقعاتهم مرة أخرى.

والآن، تدرس المؤسسات نفسها تعديل توقعاتها مرة أخرى للأسعار في ضوء الأداء القوي للخام الأسود مؤخراً، إذ يبدو أن تقديراتها السابقة للعرض والطلب لم تكن بالدقة الكافية.

بالنسبة للمتداولين، هناك سؤال واحد فقط يحتاجون للإجابة عنه: هل ستقفز أسعار النفط فوق 100 دولار، في ظل الارتفاعات القياسية لأسعار الخام على مدار ستة أسابيع متتالية؟

عوامل مؤثرة في الأسعار

يوجد العديد من العوامل التي تؤثر في اتجاه أسعار النفط، أهمها قوانين العرض والطلب.

شهدت أسعار النفط بعض الفترات المتقلبة خلال جائحة كورونا، عندما انخفض سعر بعض المشتقات النفطية إلى ما دون مستوى صفر دولار لأول مرة في التاريخ.

وقع هذا الحدث غير المسبوق في الوقت الذي توقف فيه العالم تقريباً عن العمل والإنتاج، ما نتج عنه فائض هائل في الإمدادات النفطية.

على الرغم من أن هذا الحدث كان فريداً من نوعه، فإنه قدم درساً مهماً لمنتجي النفط الذين كانوا يلعبون حينها دوراً أقل لضبط الأسعار.

وأتحدث هنا عن دول «أوبك بلس» التي تتحكم بشكل مباشر في الإمدادات النفطية، والتي أصبحت أكثر نشاطاً عقب الجائحة، خاصةً بعد التأثير المدمر الذي خلفته الأزمة.

وأجبر انهيار الطلب دول «أوبك بلس» على اتخاذ إجراءات جذرية لإعادة الاستقرار للأسعار ومنع المزيد من الاضطرابات.

فقد أدركوا أخيراً أن الكلمات وحدها لا تكفي للسيطرة على السوق؛ وأنهم يحتاجون لدعم السوق بأفعال ملموسة.

وهذا التحول الكبير في النهج لم يُعِد الثقة في سوق النفط فحسب، بل عزز أيضاً نفوذ وقوة دول «أوبك بلس» في جميع أنحاء العالم.

الأسعار الحالية

سجلت أسعار برنت والنفط الخام مكاسب قياسية على مدار ستة أسابيع متتالية، وفي الأسبوع الماضي اقترب خام برنت من أعلى مستوى له على الإطلاق هذا العام مسجلاً 88.98 دولار، وجاء الارتفاع في أعقاب إعلان السعودية، أكبر مُنتج للنفط بين دول أوبك، الأسبوع الماضي تمديد الخفض الطوعي للإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً حتى نهاية سبتمبر أيلول.

في الوقت نفسه، لفتت المملكة إلى أن الباب لا يزال مفتوحاً لمزيد من قرارات تمديد الخفض.

وفي خطوة مشابهة، أعلنت روسيا أنها ستبدأ في خفض صادراتها النفطية بمقدار 300 ألف برميل يومياً الشهر المقبل، والتي ترى أنها خطوة إيجابية من شأنها دفع أسعار النفط العالمية فوق 100 دولار.

ومع ذلك، يجب على المتداولين الحذر بشأن مدى التزام روسيا بهذا القرار نظراً لتاريخها في عدم الامتثال.

وبغض النظر عن مدى التزام روسيا، فإن الجهود المشتركة للمملكة العربية السعودية وروسيا للحد من إنتاج النفط تشير إلى سوق جديد يتحول فيه التركيز إلى شيء واحد فقط، وهو تقليص المعروض.

مع تحسن البيانات الاقتصادية في أكبر اقتصاد في العالم، الولايات المتحدة، يعتقد معظم المتداولين أن الفترات الأسوأ قد ولت بالفعل.

وهذا يعني أن الطلب على النفط سيشهد اتجاهاً إيجابياً، مدعوماً بتخفيضات الإنتاج الحالية من قبل دول «أوبك»، ويمكننا بالفعل رؤية العجز الحالي في سوق النفط، إذ قد يتراوح بين 1.5 مليون و1.8 مليون برميل يومياً الشهر المقبل.

ووفقاً لبيانات مخزون النفط الخام الأميركي الأخيرة، فقد سجل المخزون أكبر انخفاض له منذ أكثر من 10 سنوات.

وفي ظل الوضع الحالي والتخفيضات الطوعية للإنتاج، أتوقع أن يصل عجز المعروض النفطي لشهري يوليو تموز وأغسطس آب إلى نحو 2.2 مليون برميل يومياً

توقعات الأسعار

رفعت المملكة العربية السعودية بالفعل سعر النفط بالنسبة للمشترين الآسيويين، وهناك مسار واضح يشير إلى احتمال ارتفاع أسعار النفط.

كما قامت المملكة بمد التخفيضات الطوعية لدعم جهودها لخفض عجز الميزانية، وهو ما يمكن تحقيقه حال ارتفاع أسعار النفط.

من المُرجح أن يرتفع سعر خام برنت فوق 100 دولار للبرميل؛ لكن البيانات الاقتصادية الصينية تمثل أكبر التحديات أمام هذه التوقعات.

ويستقر مؤشر مديري المشتريات الصيني في منطقة الركود حالياً، ما قد يمثل التهديد الأكبر أمام الارتفاع الحالي للأسعار، خاصة إذا استمرت البيانات الاقتصادية الصينية في التدهور.

ومن المتوقع أن تستمر أسعار النفط بالقرب من مستوى 80 دولاراً مع سقف سعر يقارب 90 دولاراً.

يُظهر الرسم البياني التالي مستوى المقاومة عند 101 دولار بينما يُقدر «المتوسط المتحرك البسيط لمدة 200 يوم» بنحو 73 دولاراً، ومن المرجح أن ينخفض السعر إلى هذا المستوى إذا لم تمدد أوبك تخفيضات الإنتاج الطوعية بشكل أكبر من المعلن عنه.

توقعات أسعار النفط

* نعيم إسلام متداول سابق في صناديق التحوط ولديه أكثر من 15 عاماً من الخبرة في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية. عمل إسلام مع «بنك أوف أميركا» في مجال تداول الأسهم، ومع «بنك نيويورك» في تداولات صناديق التحوط، وهو خبير متخصص في تقنيات البلوكتشين والأصول التقليدية، ومؤسس ورئيس قسم المعلومات في (Zaye Capital Markets) المتخصصة في تقديم الأبحاث حول الأصول التقليدية والرقمية، كما شارك في تأسيس (Compare Broker).

**الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر «CNN الاقتصادية».