تواصل الحرب الروسية الأوكرانية ضراوتها يوماً تلو الآخر، متجاوزة ساحات الحروب وتنتقل إلى ضرب المصالح الاقتصادية لكلا البلدين، وهو ما ستكون له آثار سلبية تمتدُ خارج كييف وموسكو لتصل إلى مدنٍ أخرى حول العالم نظراً لمكانة الدولتين على خريطة الاقتصاد الدولي.
اشتعلت ضراوة الحرب الاقتصادية بين البلدين في 17 يوليو تموز الماضي، حينما أخطرت روسيا، الأمم المتحدة وتركيا وأوكرانيا بأنها لن تجدد اتفاق الحبوب عبر البحر الأسود، الذي يمثّل أهمية شديدة لكلٍّ من أوكرانيا والعديد من الدول النامية.
تنبع أهمية اتفاق الحبوب من مكانة أوكرانيا كواحدة من أكبر مصدري عباد الشمس والذرة والقمح والشعير في العالم.
الأمم المتحدة: الجوع بديل لاتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسودضرب مخازن الحبوب
يهدد القرار الروسي الإمدادات الغذائية لعدد من دول الشرق الأوسط وإفريقيا التي تعتمد بشكلٍ كبير على الحبوب الأوكرانية.
وأسهم اتفاق حبوب البحر الأسود الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا في يوليو تموز من العام الماضي، في تصدير نحو 33 مليون طن من الحبوب الأوكرانية التي شملت الذرة، وزيت عباد الشمس، والقمح، وغيرها.
كما تراجعت أسعار الغذاء العالمية بنحو 20 في المئة نتيجة لذلك، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
إلى جانب إلغاء اتفاقية الحبوب، تشن روسيا هجوماً على الموانئ والبنية التحتية لأوكرانيا، وهو الأمر الذي أدانته الأمم المتحدة بشدة محذرة من أنها قد تسبب أضراراً لا يمكن التغلب عليها للقطاع الزراعي في أوكرانيا، وقد تزيد من حدة الجوع لأفقر سكان العالم.
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في أوكرانيا دينيس براون في بيان، «زرتُ ميناء إسماعيل اليوم وصدمت لرؤية مستوى الدمار الذي خلفته الضربات الروسية على منشآت تخزين الحبوب في 2 أغسطس آب».
وفقًا لبراون، «كانت آلاف الأطنان من الحبوب التي تضررت كافية لإطعام ما يقرب من 66 مليون شخص في يوم واحد».
مخاطر تهدد تدفقات النفط
أثار انسحاب روسيا من الاتفاقية غضب أوكرانيا التي لجأت لسلاح الطائرات البحرية بدون طيار لشن هجوم ضد السفن الروسية -التجارية والبحرية على حد سواء في البحر الأسود- ما يفتح جبهة جديدة في الحرب التي استمرت 18 شهراً.
يوم الجمعة الماضي، تعرضت سفينتان روسيتان -سفينة بحرية وناقلة وقود- في شرق البحر الأسود لهجوم بواسطة طائرات أوكرانية بدون طيار، وهو ما أدّى إلى إصابتهما بأضرار جسيمة.
وتعهد متحدث باسم وزارة الخارجية الروسية بأن الهجمات الأوكرانية «لن تُترك دون رد»، قائلاً إن الهجوم على ناقلة وقود هدد أرواح المدنيين وكارثة بيئية.
تصاعُد الحرب الاقتصادية بين البلدين قد يمثّل خطورة على تدفقات النفط العالمية، إذ تحتل روسيا المرتبة الثانية كأكبر مُصدر للنفط في العالم بعد المملكة العربية السعودية، وتعاني بالفعل من الآثار السلبية للعقوبات الغربية على إنتاجها النفطي التي دخلت حيز التنفيذ في ديسمبر كانون الأول من العام الماضي كرد فعل على هجومها العسكري على أوكرانيا في فبراير شباط 2022.
وتنتج روسيا أقل بقليل من عشرة ملايين برميل من النفط يومياً، أي ما يعادل نحو عشرة في المئة من الطلب العالمي على الخام الأسود، كما تصدّر نحو ثمانية ملايين برميل يومياً.
رغم تراجع المشترين.. روسيا تستهدف تصدير 55 مليون طن من الحبوب سنوياً