منذ عام 1983، سعى أعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» بقيادة المملكة العربية السعودية لدعوة روسيا للانضمام للمجموعة؛ سعياً لاستقرار أسواق النفط والمحافظة على السعر المناسب للبرميل.

وأواخر عام 2016، تكللت الجهود بالنجاح لتنضم روسيا أخيراً إلى تحالف «أوبك+»، لتجلب معها الثقل المطلوب لموازنة أسواق النفط، فضلاً عن قيمة إضافية بدأت تتبلور مع غياب استثمارات الشركات النفطية الأجنبية خصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية والتزام الإدارات المتعاقبة بالاستثمار في الطاقة البديلة والتركيز على الرياح والطاقة الشمسية.

حافظ التحالف الروسي-السعودي الاستراتيجي على خفض معدلات إنتاجه من النفط ما أبقى المعروض عند معدلات مناسبة.

والأهم من انضمام روسيا كان التزامها الدقيق والمطلق مع قرارات دول «أوبك+» بخفض معدل إنتاجها، فتعهّدت بخفض إنتاجها بمعدل 500 ألف برميل في اليوم في الشهر الماضي، ثم أتبعته بـ300 ألف برميل هذا الشهر.

هذا التفاهم والتناغم بين روسيا والمنظمة، وتنسيقها الدوري المتميز مع المملكة العربية السعودية أسهما في ارتفاع سعر النفط إلى أكثر من 85 دولاراً للبرميل – أكثر من 90 دولاراً للبرميل من خام برنت و86 دولاراً للخام الأميركي في معاملات اليوم – الذي يشكّل على ما يبدو النطاق السعري المطلوب لمعظم الدول النفطية خصوصاً الرياض لتغطية نفقاتها ومصاريفها على موازنتها السنوية ومشاريعها العملاقة.

كما حافظ التحالف الروسي-السعودي الاستراتيجي على خفض معدلات إنتاجه من النفط؛ ما أبقى المعروض عند معدلات مناسبة على الرغم من تدفق كميات إضافية من النفط الصخري من الولايات المتحدة التي تجاوز إنتاجها أكثر من 12.5 مليون برميل يومياً، يُضاف إلى ذلك الزيادات القادمة من كندا والبرازيل.

توصل أعضاء المجموعة منذ فترة إلى قناعة بأن السعر المطلوب للنفط حالياً ومستقبلاً هو المعدل الذي يغطي ويحمي الميزانية العامة للدول الأعضاء.

ومدّدت السعودية – وكذلك روسيا – خفضها الطوعي الإضافي لإنتاج النفط عند مليون برميل في اليوم الواحد حتى نهاية العام.

وللتأكيد على تحالفهما الحيوي، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالاً هاتفياً مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أشادا فيه بمستوى التعاون الكبير بين منتجي النفط في «أوبك+».

وتوصل أعضاء المجموعة منذ فترة إلى قناعة بأن السعر المطلوب للنفط حالياً ومستقبلاً هو المعدل الذي يغطي ويحمي الميزانية العامة للدول الأعضاء، أو ما يُسمى بالسعر التعادلي لتغطية مصاريف استثماراتهم النفطية من البحث والتنقيب.

ويصل السعر التعادلي للمملكة لتغطية ميزانيتها لهذا العام إلى 80 دولاراً، في حين يصل السعر التعادلي الحالي لروسيا إلى 114 دولاراً بعد أن كان عند 64 دولاراً قبل الحرب في أوكرانيا.

مساهمة وانضمام روسيا عزز مكانة المنظمة النفطية لتصبح تكتلاً قادراً على حماية أسعار النفط.

وقد لا يصل النفط عند المعدل الروسي المطلوب، لكن بفضل جهود التنسيق بين دول «أوبك+» من الصعب تصور هبوط أسعار النفط كثيراً عن النطاق الحالي مع قدوم فتره الشتاء وعدم وفرة النفط الخام الحمضي (عالي الكبريت) من دول المنظمة سواء السعودية أو الكويت التي بدأت مصافيها المحلية والخارجية باستهلاك أكثر من 1.8 مليون برميل يومياً، ليتبقى أقل من مليون برميل من النفط الخام للتصدير الخارجي.

وأثبت استقرار سوق النفط على الرغم من الاضطرابات السياسة والمالية في العالم أن مساهمة وانضمام روسيا قد عزز مكانة المنظمة النفطية لتصبح تكتلاً قادراً على حماية أسعار النفط بما يعزز الاستقرار الداخلي لدولها ويخدم مصالحها فكسبت روسيا وربحت «أوبك+».

* كامل عبد الله الحرمي محلل مستقل ومستشار في شؤون النفط يتمتع بأكثر من ثلاثين سنة من الخبرة، ترأس شركة (Q8) في لندن، ذراع قطاع التجزئة لمؤسسة البترول الكويتية، وهو عضو مجلس إدارة سابق في «بوبيان للبتروكيماويات» وعدة شركات أخرى، وقد حضر وشارك في عدة اجتماعات رسمية لمنظمة «أوبك».

** الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر «CNN الاقتصادية».