يُعد رمز إعادة التدوير، الذي يتكون من حلقة مكونة من ثلاثة أسهم، شعاراً معروفاً على نطاق واسع يدل على جهودنا لحماية البيئة، ويوجد الشعار على مواد التعبئة والتغليف إذ أصبح رمزاً لتفانينا في تحقيق الاستدامة، ومع ذلك، إذا ما تمعّنا بدقة فإننا نجد أن ما وراء ذلك الأمر ليس صديقاً للبيئة كما نعتقد

.

وبينما نعمل بجد على فصل الزجاجات عن الورق المقوى، هناك جبل هائل من النفايات، أغلبها من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، والتي تتزايد بشكل خطير، بشكل لا يمكن السيطرة عليه.

من المهم أن نفهم أن إعادة التدوير في حد ذاته ليس أمراً معيباً، لكن تبرز المشكلة عندما نعتمد عليها كثيراً ونثق بها إلى درجة الهوس، إذ يبعدنا هذا الهوس بإعادة التدوير عن القضايا الأكثر أهمية ألا وهي الاستهلاك المفرط وإنتاج النفايات، فنحن ننتج أكثر من اللازم، ونستهلك أكثر من الحاجة، ونهدر الكثير.

هناك حقيقة يجب أخذها بعين الاعتبار، أنه تم إعادة تدوير تسعة في المئة فقط من البلاستيك حول العالم، وهذه ليست مجرد إحصائية، بل إنها انعكاس لأولويات في غير محلها.

صورة من إعداد نهلة نبيل بواسطة الذكاء الاصطناعي
صورة من إعداد نهلة نبيل بواسطة الذكاء الاصطناعي

ما هي القضية الجوهرية إذاً؟

كان الغرض من إعادة التدوير أن تكون استراتيجية احتياطية، وليست استراتيجية للمواجهة، لقد كان ذلك هو الحل عندما كان التخفيض وإعادة الاستخدام خارج المعادلة، ومع ذلك، فقد قمنا بالترويج له كحل أساسي، وحجبنا ما هو أكثر فاعلية ألا وهو التخفيض وإعادة الاستخدام، هذه المبادئ ليست مجرد مصطلحات بيئية؛ بل هي أساس الاقتصاد الدائري، حيث يتم تصميم المنتجات لتدوم طويلاً، ومخصصة لدورات حياة متعددة.

إدارة النفايات الصلبة حول العالم

فيما يخص التخفيض، علينا التفكير إذا كنا نحتاج حقاً إلى أحدث الأجهزة أو إكسسوارات الموضة، أم أنها مجرد رغبة عابرة.

تُعنى إعادة الاستخدام بالإبداع والابتكار من خلال تشجيعنا على استكشاف استخدامات بديلة للأشياء، وإطالة عمرها الافتراضي بما يتجاوز الغرض الأصلي.

إن الطريق نحو الاستدامة الحقيقية يتجاوز السياسات والشركات، إنه يقترب من المستوى الصغير بدءاً من اختياراتنا الفردية، من المنتجات التي نشتريها وحتى تلك التي نتخلص منها.

وأخيراً، من المهم أن نتحمل المسؤولية عن أفعالنا وأن نعيد تنظيم تركيزنا، بينما تظل أهمية إعادة التدوير، إلا أننا بحاجة إلى دعم قضية التخفيض وإعادة الاستخدام، فالاستدامة ليست اتجاهاً عابراً، بل هي أسلوب حياة، وسلسلة من القرارات الواعية والمستنيرة.

إن الطريق إلى غدٍ أكثر اخضراراً ممهد بخياراتنا اليوم، فالكرة في ملعبنا، فهل نحن على مستوى التحدي؟

* نهلة نبيل هي خبيرة في الاستدامة والبيئة والحوكمة البيئية والاجتماعية ولها خبرة تزيد على عقدين من الزمن في هذا المجال، وهي متخصصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي مؤلفة ومعلمة، ويمكّن عملها المنظمات الحكومية وكذلك الأفراد من اتخاذ قرارات صديقة للبيئة من أجل مستقبل أكثر اخضراراً.

** الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر «CNN الاقتصادية».