الجمهورية العربية السورية إحدى الدول العربية العشر الأعضاء في منظمة أوابك (منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول) -تتألف من المملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، وليبيا، والجمهورية الجزائرية، ودولة قطر، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والعراق، ومصر- وبالتالي يوجد 6 أعضاء مشتركين مع منظمة أوبك (منظمة الدول المصدرة للبترول).

رغبة سوريا في الانضمام إلى «منظمة أوبك» قبل 20 عاماً

في عام 2004 حضرت سوريا اجتماع «منظمة أوبك» في شهر يونيو بصفة مراقب، بحسب ما نقلته وكالة رويترز، وأعرب حينها وزير النفط والثروة المعدنية السوري عن أمل سوريا في التوسع في عمليات التنقيب عن النفط وزيادة الإنتاج للتمكن من الانضمام إلى عضوية «منظمة أوبك» في المستقبل، حينها كان إنتاج سوريا من النفط قد هبط إلى 440 ألف برميل يومياً، بعد أن وصلت ذروة الإنتاج إلى 624 ألف برميل يومياً في نهاية عام 2002، أما بيانات الإنتاج الحالي فغير واضحة، لكن قد يتراوح حول 95 ألف برميل يومياً، وليس من الواضح أيضاً السوق المستهدفة للتصدير في ظل ضبابية منافذ بيع النفط السوري منذ عام 2011.

فرص سوريا في الانضمام إلى «منظمة أوبك»

هناك دول أعضاء في «منظمة أوبك» غير مستقرة سياسياً، وهناك أعضاء أيضاً تشملهم عقوبات اقتصادية تجعلهم غير مشمولين في اتفاقيات خفض الإنتاج، بل ان هناك ضمن أعضاء أوبك دولة إنتاجها 70 ألف برميل يومياً فقط.

الحروب والعقوبات الاقتصادية والاستقرار السياسي لم تؤثر قط في عضوية أي من أعضاء «منظمة أوبك»، كما أنه في تصوري الشخصي أن تفاصيل حجم الاحتياطيات المحتملة أو القدرة الإنتاجية لم يعد مُحرّكاً مفصلياً أو مطلباً للانضمام إلى «منظمة أوبك»، فمثلاً عادت «جمهورية الجابون» للانضمام إلى «منظمة أوبك» في شهر يوليو عام 2016، بعد 21 عاماً من مغادرتها المنظمة وهي تنتج نحو 177 ألف برميل يومياً، وفي شهر مايو عام 2017 انضمت «جمهورية غينيا الاستوائية» إلى «منظمة أوبك» وهي تنتج 70 ألف برميل يومياً فقط، كما انضمت «جمهورية الكونغو» إلى «منظمة أوبك» في شهر يونيو عام 2018 وهي تنتج نحو 276 ألف برميل يومياً.

وبما أن المنتجين في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى صغار من حيث الإنتاج الإجمالي، فهم حريصون على الانضمام إلى «منظمة أوبك» حتى يتمكنوا من تعزيز إنتاجهم النفطي في المستقبل، وهدفهم من الانضمام هو جذب الاستثمار الأجنبي في المنبع، وهذا ما أوضحته جمهورية الكونغو حين ذكرت أنها تريد الانضمام إلى «منظمة أوبك» حتى تتمكن من زيادة الإنتاج إلى 350 ألف برميل يومياً.

إن إضافة العديد من صغار المنتجين إلى «منظمة أوبك» لن تؤدي إلى زيادة حصة أوبك في السوق بشكل كبير، لكنه سيساعد هذه الدول على دعم اقتصاداتها وتقليص ديونها، كما ستعزز عضوية أوبك من مكانة هذه الدول عالمياً، وهو أمر قد تكافح من أجله بدون مثل هذه المنظمة الدولية البارزة.

عودة الإنتاج في سوريا يتطلب عودة الاستقرار السياسي والأمني

وفقاً لتقرير صادر عن S&P Global Commodity Insights، كانت سوريا في السابق أكبر منتج للنفط والغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط، وكانت تنتج أكثر من 380 ألف برميل يومياً من النفط و300 مليون قدم مكعبة يومياً من الغاز الطبيعي قبل الحرب الأهلية التي بدأت في ربيع عام 2011، ومنذ ذلك الحين، شهدت سوريا انخفاض إنتاجها إلى جزء بسيط من مستويات ما قبل الصراع، ولم تعد البلاد قادرة على تصدير النفط. وبحلول عام 2015، عندما كان تحت سيطرة داعش، انخفض إنتاج النفط الخام إلى 40 ألف برميل يومياً، كما تم تهريب بعض النفط إلى تركيا، لكن حتى هذه الكمية الصغيرة من النفط أكسبت داعش نحو 500 مليون دولار سنوياً، ما جعلها أغنى منظمة إرهابية في العالم، مع هزيمة داعش، انتقلت السيطرة على معظم حقول النفط إلى أيدي القوات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية.

هل نرى عودة ثقة شركات النفط والغاز العالمية إلى سوريا؟

معظم شركات النفط الكبرى غادرت سوريا منذ سنوات، لكن عودة الاستقرار السياسي سوف يكون مُحفزاً لعودتها، خصوصاً مع وجود احتياطيات النفط والغاز، حيث قدرت مجلة النفط والغاز احتياطيات سوريا المؤكدة من النفط بنحو 2.5 مليار برميل في عام 2015، كما ذكرت أن سوريا تمتلك احتياطيات مؤكدة تبلغ 8.5 تريليون قدم مكعبة (Tcf) من الغاز الطبيعي في 2015، النفط الخام في سوريا هو نفط ثقيل في الكثافة وعالي في نسبة الكبريت، ما يعتبر اقتصادياً لمصافي التكرير المتطورة، حيث إنه قبل العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا، كانت مصافي التكرير الأوروبية هي السوق المستهدفة للنفط السوري لأنها كانت مهيأة لمعالجة هذا النفط الخام الثقيل.

د. فيصل الفايق– مستشار في شؤون الطاقة وتسويق النفط ومدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقاً