أوروبا تسابق الزمن لإطلاق أقمار صناعية لتقليص الاعتماد على أميركا

أوروبا تسابق الزمن لإطلاق أقمار صناعية لتقليص الاعتماد على أميركا(شترستوك)
أوروبا تسابق الزمن لإطلاق أقمار صناعية لتقليص الاعتماد على أميركا(شترستوك(
أوروبا تسابق الزمن لإطلاق أقمار صناعية لتقليص الاعتماد على أميركا(شترستوك)

يتسابق ميناءان فضائيان صغيران في أقصى شمال السويد والنرويج لإطلاق أول أقمار صناعية من أوروبا القارية إلى الفضاء، في الوقت الذي تسعى فيه المنطقة إلى تقليل اعتمادها على اللاعبين الأميركيين.

دفعت سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب «أميركا أولاً» والحرب في أوكرانيا، أوروبا إلى تعزيز قدراتها المستقلة في مجالات متنوعة، بما في ذلك الدفاع والعمليات الفضائية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ووسط مخاوف من أن يحد إيلون ماسك -حليف ترامب السابق- من وصول أوكرانيا إلى أقمار ستارلينك السبعة آلاف التابعة لشركة سبيس إكس، والتي تُعد حيوية لاتصالات البلاد، سارعت أوروبا إلى إيجاد بدائل.

في عام 2024، نفذت الولايات المتحدة 154 عملية إطلاق لأجهزة إلى المدار، بينما نجحت أوروبا في ثلاث عمليات فقط، ومن أصل 143 مليار دولار من الاستثمارات العامة العالمية في مشاريع الفضاء العام الماضي، لم تُمثل أوروبا سوى 10 بالمئة، وفقاً لدراسة أجراها الاتحاد الأوروبي.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

كما أن التوجه نحو الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض -وهي أقل تكلفة وتوفر اتصالات أفضل، ولكنها تحتاج إلى نشرها بأعداد أكبر لتعظيم التغطية- يطرح تحديات جديدة.

يقدر تقرير صادر عن غولدمان ساكس أنه من الممكن إطلاق 70 ألف قمر صناعي في مدار أرضي منخفض خلال السنوات الخمس المقبلة، أي بزيادة قدرها عشرة أضعاف.

قال أندريوس كوبيليوس، المفوض الأوروبي للدفاع والفضاء، لرويترز «لقد خسرنا المنافسة مع إيلون ماسك وبالتأكيد نحتاج إلى امتلاك إمكانيات إطلاق ذاتية (خاصة بنا)، لهذا السبب، يُعد تطوير إمكانيات الإطلاق في القارة الأوروبية، في كل من السويد والنرويج، أمراً بالغ الأهمية».

يقع ميناء الفضاء الأوروبي الوحيد في غيانا الفرنسية، بأميركا الجنوبية، على بُعد نحو 7 آلاف كيلومتر من باريس، وقد أطلقت أوروبا بنجاح صاروخها الجديد أريان 6 من هناك في وقت سابق من هذا العام، بعد أكثر من 10 سنوات من تشغيله، وبعد خمس سنوات من الموعد المخطط له أصلاً.

ورغم قدرته على حمل حمولة أكبر لكل صاروخ مقارنةً بصاروخ فالكون 9 من سبيس إكس، فإن صاروخ أريان 6 غير قابل لإعادة الاستخدام وتكلفة إطلاقه أعلى، كما أنه لا يكفي لتلبية الاحتياجات التجارية والعسكرية لأوروبا في السنوات القادمة، وهنا يأتي دور موانئ الفضاء الشمالية الناشئة.

بينما يقع مركز إسرانج الفضائي على ارتفاع 200 كيلومتر فوق الدائرة القطبية الشمالية، بالقرب من نقطة التقاء حدود السويد وفنلندا والنرويج وروسيا، وهو فريد من نوعه في أوروبا إذ يوفر 5200 كيلومتر مربع من الأراضي غير المأهولة.

تحيط به المستنقعات والأنهار، وتطل عليه قمم أعلى جبل في السويد المغطاة بالثلوج، وهو قريب من كيرونا، موطن أحد أكبر مناجم خام الحديد تحت الأرض في العالم، ما يوفر سهولة الوصول إلى خطوط السكك الحديدية والمطار.

ويقع مركز إسرانج الفضائي على مقربة من كيرونا، موطن أحد أكبر مناجم خام الحديد تحت الأرض في العالم، ما يوفر سهولة الوصول إلى خطوط السكك الحديدية والمطار.

هذه المنطقة، التي تزيد مساحتها على 3 أضعاف مساحة لندن، لا يتشاركها سوى ميناء الفضاء وقطعان الرنة التابعة لشعب سامي السويدي الأصلي، ما يجعلها مناسبة لاستعادة أجزاء الصواريخ، كما أنها قليلة التلوث الضوئي، ويسهل الوصول إليها من حركة الملاحة الجوية.

قال لينارت بوروما، رئيس مركز إسرانج الفضائي، الذي يعمل به نحو 130 موظفاً، «إنها فريدة من نوعها، إذ تضم مساحة برية واسعة مثل تلك الموجودة لدينا هنا».

تأسس مركز إسرانج، التابع لشركة الفضاء السويدية المملوكة للدولة، عام 1964، وأطلق أول صاروخ تجريبي له -وهو صاروخ بحثي لا يدخل المدار- بعد عامين، وافتتحته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين كأول موقع إطلاق مداري في أوروبا القارية عام 2023.

وتجري الاستعدادات لإطلاق الصواريخ المدارية على قدم وساق، حيث يجري تجهيز مجموعة جديدة من منصات الإطلاق الأكبر حجماً، وحظائر الطائرات، ومرافق البحث.

يمثل هذا المشروع، إلى جانب ميناء أندويا الفضائي، وهو قاعدة على جزيرة في شمال النرويج، أفضل أمل لأوروبا في تأمين وصول مستقل إلى الفضاء في السنوات القادمة، وتمتلك الدولة النرويجية حصة الأغلبية في أندويا، بينما تمتلك شركة كونغسبيرغ الدفاعية حصة 10 بالمئة.

وفي مارس آذار، أجرت أندويا أول إطلاق تجريبي لصاروخ صغير من صنع شركة إيزار إيروسبيس الألمانية الناشئة، قادر على حمل حمولة تبلغ نحو ألف كيلوغرام، وقد حلق الصاروخ لمدة 30 ثانية قبل أن يسقط في البحر، في ما اعتُبر نجاحاً.

قال دانيال ميتزلر، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة إيزار، إن الاهتمام من وزارات الدفاع خلال الأشهر الستة الماضية كان هائلاً، وإن رحلات إيزار قد امتلأت للسنوات القادمة، حتى قبل أول إطلاق مداري ناجح.

وأضاف «بصراحة، أعتقد أن الدافع الأكبر كان انتخاب ترامب مرة أخرى، وبالتالي ربما قدم ترامب للدفاع الأوروبي أكثر مما قدمه أي سياسي أوروبي قبله، لقد خلق ذلك شعوراً كبيراً بالإلحاح»، وتهدف إيزار إلى إجراء أولى الرحلات التجارية العام المقبل.

تمتلك شركة أندويا، التي زارها وفد من الناتو هذا الشهر، ترخيصاً لـ30 عملية إطلاق سنوياً.. لم تحدد إيسرانج هدفاً ثابتاً، ولكنها ستلبي أيضاً حاجة مهمة لحلف الناتو في توفير قدرة إطلاق سريعة.

على عكس أندويا، اختارت إسرانج المعدات الموجودة، حيث وقعت عقوداً مع شركة فايرفلاي الأميركية لتصنيع الصواريخ وشركة بيريجي الكورية الجنوبية، ما يمنحها خيارات متعددة محتملة.

لدى فايرفلاي، التي يُخطط لإطلاقها من إسرانج ابتداءً من عام 2026، خدمة استجابة سريعة تهدف إلى إرسال صواريخ إلى الفضاء خلال 24 ساعة لتلبية الاحتياجات العاجلة، مثل استبدال قمر صناعي معطل.

وقال مسؤول في حلف الناتو لرويترز، شريطة عدم الكشف عن هويته: «أعتقد أن أوروبا بحاجة إلى دراسة جداول زمنية مماثلة أو حتى أكثر صرامة».

يعمل جميع موردي الصواريخ على تطوير صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام جزئياً، ومن المقرر اختبار صواريخ إيزارفي إسرانج.

ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به في جميع المجالات.

وقال بوروما من إسرانج: «يجب أن تكون جميع الأنظمة التقنية جاهزة، وبعد ذلك سيكون هناك الكثير من الاختبارات والتجارب، وفي غضون عام تقريباً من المحتمل أن تكون القاعدة بأكملها جاهزة».

(رويترز)