كشفت دراسة استقصائية أجرتها شركة التحليلات والاستشارات الأميركية «غالوب»، يوم الثلاثاء، أن 36 في المئة فقط من الأميركيين يثقون في رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، وهي أقل نسبة يحصل عليها رئيس للاحتياطي منذ بداية إجراء هذه الدراسة في عام 2001، في حين عبَّر 28 في المئة من المشاركين عن انعدام ثقتهم في رئيس الاحتياطي.

وبالتأكيد فإن فقْد الأميركيين ثقتهم في رئيس الاحتياطي الفيدرالي هو أمر غير مُبَشّر.

ماذا يعني فقدان الثقة في رئيس الفيدرالي؟

لطالما عمل الاقتصاديون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي بجد لرسم صورته كمؤسسة محايدة وبعيدة كل البعد عن النزوات السياسية، والأهم من ذلك التأكيد على فاعلية الاحتياطي في وضع وتنفيذ السياسات المالية، وأسهمت تلك الصورة في زيادة ثقة الأميركيين في قرارات الفيدرالي، فإذا قرر الفيدرالي محاربة معدلات التضخم غير المسبوقة، فسيؤيده الأميركيون مغيرين سلوكهم بشكل يناسب قراراته.

وكان مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي قد أشاروا خلال الاجتماع السابق إلى أن مصداقية الفيدرالي القوية وقدرته على التواصل «أسهمتا بالفعل في تشديد ملحوظ للظروف المالية بشكل يساعد في تقليل ضغوط التضخم عبر تقييد الطلب الكلي».

ولكن التطورات الأخيرة التي طرأت على القطاع المصرفي جعلت ثقة الأميركيين في قرارات الفيدرالي أمراً لا مناص منه لتجنب تداعيات أكثر خطورة، إذ يحتاج الفيدرالي الأميركي أن يصدّق الأميركيون أن البنوك الإقليمية مستقرة.

وقال رئيس استراتيجية الدخل الثابت العالمي في معهد ويلز فارجو للاستثمار، برايان ريلينج، «سيؤدي انخفاض الثقة في قدرة الفيدرالي على تحقيق مستهدفاته مع مرور الوقت، إلى تغيير عادات المستهلك».

انخفاض الثقة

أشار كبير محرري «غالوب» جيفري جونز إلى تزايد قلق الأميركيين بشأن الاقتصاد قائلاً «الأمر الذي يتجلَّى في وجهات نظرهم تجاه المسؤولين عن السياسة الاقتصادية».

وسعى الاحتياطي الفيدرالي إلى إبطاء التضخم عن طريق رفع أسعار الفائدة 10 مرات متتالية خلال أكثر من عام، وعلى الرغم من تراجع معدلات التضخم فإنها لا تزال بعيدة عن المستوى المستهدف للاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المئة.

وقال كبير الاقتصاديين في «دريفاس آند ميلون» فينسينت راينهارت إن الأميركيين لا يفضلون الانشغال بمعدلات التضخم على الإطلاق، مضيفاً أن نقد الأميركيين لباول لا يزال أمراً حميداً، ولكن يمكن أن يقلق باول إذا بدأ الأميركيون في الشك في رسائله، فربما تتراجع ثقة الأميركيين في بالول، لكنهم لا يزالون يعتقدون أنه قادر على الإيفاء بوعوده.

وكان الفيدرالي أشار إلى أنه من المرجّح أن يوقف مسلسل رفع الفائدة في اجتماعه الشهر المقبل، وجاء التسعير في الأسواق متوافقاً مع احتمالية حدوث هذا بنسبة 90 في المئة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

وقال راينهارت «على الفيدرالي أن يكون أكثر يقيناً من أي وقت مضى بشأن إمكانية تحقيق معدل التضخم المستهدف 2 في المئة، قبل تخفيف السياسة». وأضاف أن هذا يعني أن الفيدرالي عليه أن يُبقي على معدلات الفائدة المرتفعة لمزيد من الوقت «ويمكن أن يعاود رفعها من جديد إذا لم تنخفض معدلات التضخم».

مزيد من الاختبارات

ويرى راينهارت أن الفيدرالي بصدد مواجهة اختبار صعب؛ وهو تقييم الأميركيين لرؤيته فيما يخصُّ القطاع المصرفي، إذ قال «ستُظهر الأزمة المصرفية مدى كفاءة الفيدرالي في تولي الكثير من المهام».

نيكول جودكايند (CNN)