أعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يوم الثلاثاء، أن ما يقرب من مئتَي ألف شخص، قرابة عُشر السكان في غزة، فروا من منازلهم منذ بدء التصعيد بين إسرائيل وغزة.

وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية يانس ليركا إن «عدد النازحين تصاعد بشكل كبير عبر قطاع غزة، إذ وصل إلى 187.500 شخص منذ السبت، ولجأ معظمهم إلى المدارس»، ومن المتوقع أن يزداد عدد النازحين مع استمرار الصراع.

وقال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية إن الهجمات على المرافق الصحية في القطاع بلغت 13 هجوماً منذ عطلة نهاية الأسبوع، وقال إن الإمدادات الطبية المخزنة هناك استهلكت بالفعل.

وقالت المتحدثة باسم الأونروا «تمارا الرفاعي» للصحفيين إن النزوح استمر «بشكل جماعي»، وفي حين أن الوكالة تنعم بخبرة كبيرة في تحويل مدارسها إلى ملاجئ، فإن حجم الأزمة كان «مفزعاً»، على حد وصفها.

النزوح الجماعي طال الجانب الإسرائيلي أيضاً بسبب المخاوف المتعلقة بالسلامة والأضرار التي لحقت بالممتلكات المدنية.

لكن مع استمرار الصراع، قرر وزير البنية التحتية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قطع كل إمدادات المياه والكهرباء عن قطاع غزة، ليضطر عدد أكبر من المدنيين إلى النزوح القسري.

بشكل عام، غالباً ما يفر النازحون من منازلهم لأسباب تتشابه مع اللاجئين، لكنهم ليسوا لاجئين، فالنازحون لم يعبروا الحدود الدولية طلباً للجوء، وبالتالي ينظر إليهم القانون على أنهم تحت حماية حكوماتهم الوطنية، حتى لو كانت هذه الحكومات هي من دفعهم للفرار.

معدلات النزوح القسري عالمياً

في نهاية عام 2022، نزح 108.4 مليون شخص في جميع أنحاء العالم قسراً لأسباب مختلفة كالاضطهاد والصراعات والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والأحداث التي تؤدي لاضطراب الأمن العام بشكل كبير.

ويمثل هذا العدد زيادة قدرها 19 مليون شخص مقارنة بنهاية عام 2021، وهو ما يزيد على عدد سكان دول بأكملها كالإكوادور أو هولندا أو الصومال، وهي الزيادة الأكبر على الإطلاق المسجلة بين عدة سنوات متتالية، وفقاً لإحصاءات المفوضية الأوروبية بشأن النزوح القسري.

ويضطر أكثر من شخص واحد من كل 74 شخصاً على وجه الأرض إلى الفرار أو النزوح قسرياً.

خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، استمر النزوح القسري في الارتفاع، وبلغ الرقم العالمي للنازحين نحو 110 ملايين شخص في مايو أيار 2023، ما يعني أن خيار الصراع والحرب أصبح أسرع وأكثر انتشاراً، وانخفض اللجوء إلى إيجاد حلول.

النزوح في أوكرانيا هو الأعلى في 2022

أدت الصراعات المستمرة إلى زيادة النزوح القسري في جميع أنحاء العالم.

خلق الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير شباط 2022 واحدة من أسرع وأكبر عمليات النزوح منذ الحرب العالمية الثانية، في نهاية عام 2022، إذ بلغ إجمالي عدد النازحين في أوكرانيا 11.6 مليون شخص، بما في ذلك 5.9 مليون داخل بلادهم و5.7 مليون شخص فروا إلى البلدان المجاورة وخارجها.

النزوح الداخلي في سوريا

سجلت سوريا أكبر عدد للنازحين داخل البلاد بمعدل بلغ 6.8 مليون شخص. وهذا يعني أن واحداً من كل ثلاثة سوريين كان نازحاً داخل البلاد في نهاية عام 2022 بعد أكثر من عقد من الصراع.

وفي إفريقيا وآسيا، استمر الصراع وانعدام الأمن كما هو الحال في الكونغو وإثيوبيا وميانمار، إذ نزح أكثر من مليون شخص في كل بلد على حدة.

النزوح بسبب الكوارث الطبيعية.. أحدثها زلزال أفغانستان

بالإضافة إلى النزاع والعنف، ينزح المواطنون داخل بلدانهم بسبب الكوارث، خلال 2022، تم الإبلاغ عن 32.6 مليون نازح داخلي بسبب الكوارث، مع بقاء 8.7 مليون شخص نازحين في نهاية عام 2022، وفقاً لمركز مراقبة النزوح الداخلي.

كما شكل النزوح الداخلي المرتبط بالكوارث أكثر من نصف جميع حالات النزوح الجديدة في عام 2022.

وهذا العام، ضربت الزلازل مناطق عدة حول العالم، منها أفغانستان التي بلغت قوة زلزالها 6.3 درجة، ما أسفر عن مقتل نحو 2400 شخص حتى لحظة كتابة هذا التقرير، وقدّر مكتب الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة عدد المنازل المدمرة في المنطقة بـ100 في المئة من المنازل.

تشير التقديرات إلى أن أكثر من 12 ألف شخص قد تأثروا في خمس مناطق في مقاطعة هرات، كما نزحت عدة مئات من الأسر إلى عاصمة المقاطعة، والتي تسمى أيضاً هرات.

الميزانية الاقتصادية للنزوح على البلدان المضيفة

تتم استضافة ما يصل إلى 76 في المئة من النازحين قسراً في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، ما يشكل ضغطاً على موارد المجتمعات المضيفة، ويعتمد بقاؤهم على توفر المساعدات المقدمة من السلطات والمجتمعات المحلية والمنظمات الإنسانية الدولية.

وغالباً ما يواجه اللاجئون وطالبو اللجوء والمهاجرون والنازحون داخلياً تحديات اقتصادية تتعلق بوصولهم إلى المأوى والغذاء والخدمات الأساسية الأخرى، وفي المقابل تحمل الدول المضيفة على عاتقها مسؤوليات اقتصادية إضافية.

في عام 2021، خصصت المفوضية الأوروبية معظم ميزانيتها الإنسانية البالغة 1.4 مليار يورو للمشاريع التي تلبي احتياجات النازحين قسراً والمجتمعات المحلية.

وقالت المفوضية الأوروبية إن الدول الـ46 الأقل نمواً في العالم تمثل أقل من 1.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، لكنها استضافت أكثر من 20 في المئة من جميع اللاجئين.

وأضافت المفوضية في تقريرها السنوي أن تمويل النزوح ودعم الدول المضيفة ظل غير كافٍ لعام 2022 وينطبق الشيء نفسه حتى الآن على هذا العام، وتتوقع المفوضية أن تنفق 10.2 مليار دولار لمساعدة ما يصل إلى 117.2 مليون نازح ومشرد في 134 دولة ومنطقة حول العالم بنهاية عام 2023.