منذ نحو عامين، كان التضخم الجامح محور الأحداث، لذلك ازدادت المحاولات الحثيثة التي بذلتها البنوك المركزية لعكس مساره، ومع حرب البنوك المركزية على شبح التضخم، يبدو أن العالم شارف على الوصول إلى فصل جديد من هذه الرواية الاقتصادية.
في الوقت الحالي، وصلت أسعار الفائدة لارتفاع ملحوظ، ما أسهم في ارتفاع قروض المنازل وأسعار بطاقات الائتمان وغيرها من القروض.
وقد أدى هذا إلى انخفاض التضخم؛ ولكن أسعار الفائدة المرتفعة دمرت قطاع الإسكان في أميركا، التي تسير على خطى أسوأ عام لها منذ عام 1993، كما أدى ذلك إلى تباطؤ نمو الوظائف، وأبقى الأسهم في نمط ثبات لمدة 23 شهراً.
من جهته، توقع بنك الاحتياطي الفيدرالي أن تكون أسعار الفائدة أقل بكثير خلال العام المقبل مما هي عليه الآن، ما يعني إمكانية خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات في 2024.
وبالطبع، سيشكل هذا المسار العكسي لأسعار الفائدة، آثاراً متباينة على المستهلكين والشركات والمستثمرين.
سيناريو خفض الفائدة
وفي حالة خفض أسعار الفائدة، فمن المرجح أن تنخفض أسعار القروض العقارية، التي كانت تحوم حول أعلى مستوى لها منذ عقدين بنسبة تقترب من 8 في المئة، كما يمكن أن يصبح إقراض الشركات أرخص، ما يحرر أرباح الشركات ويجعل الأسهم أكثر جاذبية، ولهذا السبب ارتفع مؤشر داو جونز إلى مستوى قياسي يوم الأربعاء وكان مؤشر ستاندرد آند بورز 500 يقترب من الرقم القياسي الذي سجله في بداية عام 2022.
ومن خلال رفع أسعار الفائدة على الإقراض، تحاول البنوك المركزية مثل بنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي إبطاء اقتصاداتها للخروج من التضخم، إلا أن هذه السياسة تسببت في تقييد معايير الإقراض ما دفع الاقتصاد إلى ركود محتمل.
على الرغم من أن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول قال في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء إننا بعيدون كل البعد عن سيناريو الهبوط الحاد، فإن التحول إلى أسعار الفائدة المنخفضة يمكن أن يساعد في تخفيف الضربة التي تلقاها الاقتصاد الأميركي.
وأضاف أن خفض أسعار الفائدة في العام المقبل من شأنه أن يشير أيضاً إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يعتقد أنه فاز في معركته الصعبة ضد التضخم، وهي معركة كان عازماً على الفوز بها لدرجة أنه رفع أسعار الفائدة بأسرع وتيرة في التاريخ.
خفض أسعار الفائدة مارس المقبل
قال محللو بنك غولدمان ساكس في مذكرة للعملاء يوم الأربعاء إنهم يتوقعون أن يبدأ خفض أسعار الفائدة في مارس آذار، ويستمر طوال فصل الربيع، كما عززوا توقعاتهم للنمو الاقتصادي الأميركي نتيجة لتفاؤل مجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء في ختام اجتماع السياسة الذي استمر يومين.
كانت المرة الأخيرة التي خفض فيها بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة عندما كان الاقتصاد يتباطأ في أواخر عام 2019، ومرة أخرى في أعقاب جائحة «كوفيد-19»، عندما أدى الإغلاق العالمي إلى أعمق ركود في التاريخ الأميركي.
وقبل ذلك، خفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي، أسعار الفائدة خلال الأزمة المالية العالمية.
لذا، فعلى الرغم من تفاؤل المستهلكين، فمن المهم أن نلاحظ أن هناك مخاطر قد تترتب على خفض أسعار الفائدة أيضاً.