أعلنت الولايات المتحدة، يوم الثلاثاء، عن مبادرة لتشكيل قوة متعددة الجنسيات لحماية الملاحة في البحر الأحمر، في أعقاب سلسلة من الهجمات التي شنتها قوات الحوثي اليمنية على السفن المارة بتلك المنطقة الحيوية.
وكشف وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، أن بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا من بين الدول المشاركة في العملية الأمنية الدولية في البحر الأحمر، وذلك في أثناء زيارته للبحرين التي تضم مقر قيادة البحرية الأميركية في الشرق الأوسط.
مبادرة (حارس الازدهار) وحماية حرية الملاحة
وسيقوم التحالف المكون من عشر دول بدوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن المجاور، بهدف ضمان حرية الملاحة لكل البلدان، وتعزيز الأمن والازدهار الإقليميين.
وتعليقاً على المبادرة التي أُطلق عليها اسم (حارس الازدهار)، قال أوستن إن اعتداءات الحوثيين «المتهورة» تمثل «تحدياً دولياً وتتطلب عملاً جماعياً»، داعياً جميع الدول إلى المساهمة في القوة المشتركة.
ولم يتضح بعدُ عدد الدول الأخرى التي ترغب في الانضمام لجهود السفن الحربية الأميركية في مقاومة الهجمات الحوثية خلال الأيام الأخيرة، بدءاً من إسقاط طائرات وصواريخ المتمردين حتى مساعدة السفن التجارية التي تتعرض للهجوم.
وكانت جماعة الحوثي التي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في اليمن قد أطلقت خلال الشهر الماضي وابلاً من الطائرات المسيرة والصواريخ على السفن الدولية المارة عبر البحر الأحمر، فيما وصفته بأنه «رد على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة الذي تحكمه حماس».
ولا يمكن الجزم في الوقت الحالي بمدى قدرة المبادرة الأميركية على حماية الملاحة في البحر الأحمر، خاصة بعد تأكيد جماعة (أنصار الله) الحوثية مواصلة عملياتها التي وصفتها بـ«المشروعة» في المنطقة، محذرة من عواقب توسيع الصراع.
وقال المتحدث باسم الجماعة، محمد عبدالسلام، إن «عمليات اليمن البحرية تهدف لمساندة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والحصار على غزة وليست استعراضاً للقوة ولا تحدياً لأحد».
تأثير الهجمات على قناة السويس والتجارة العالمية
أجبرت الهجمات الأخيرة شركات شحن كُبرى على تغيير مساراتها البحرية، ما أثار المخاوف بشأن الاضطرابات المستمرة في الملاحة الدولية.
وفي هذا الأسبوع، بدأت الهجمات تؤثر سلباً على التجارة العالمية، إذ أدت إلى تعطيل طريق تجاري رئيسي يربط أوروبا وأمريكا الشمالية بآسيا، عبر قناة السويس.
وتعد قناة السويس التي يبلغ طولها 192 كيلومتراً (120 ميلاً) أسرع طريق تجاري بحري بين آسيا وأوروبا، إذ تفصل القناة بين القارتين، إفريقيا وآسيا، وهي أقصر ممر مائي بين أوروبا والمناطق المطلة على المحيطين الهندي والهادئ.
تعد قناة السويس من أكثر طرق الملاحة استخداماً في العالم، وهي أحد المسارات الجغرافية السبعة التي حددتها إدارة معلومات الطاقة الأميركية كنقاط بالغة الأهمية لتجارة النفط العالمية، كونها أكثر عرضة للاختناقات الملاحية وهجمات القراصنة.
وبحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، تدفق نحو 9.2 مليون برميل يومياً من النفط عبر قناة السويس وخط أنابيب سوميد في النصف الأول من 2023، وهو ما يمثل نحو 9 في المئة من الإمدادات العالمية.
ومرَّ عبر القناة نحو 4 في المئة من واردات الغاز الطبيعي المسال العالمية المقدرة بـ391 مليون طن في عام 2023 حتى الآن.
كما تمثل إيرادات الرسوم التي يدفعها أصحاب السفن مصدراً مهماً لدخل الاقتصاد المصري، وسجلت مستوى قياسياً بلغ 9.4 مليار دولار في العام المنتهي 30 يونيو حزيران.
كم يكلف استبدال قناة السويس بطريق رأس الرجاء الصالح؟
يمكن للقناة أن تستوعب أكثر من 60 في المئة من إجمالي أسطول الناقلات العالمي عند أقصى تحميل، وأكثر من 90 في المئة من ناقلات البضائع، ويمكنها أيضاً استيعاب جميع ناقلات الحاويات وناقلات السيارات وسفن البضائع العامة.
فعلى سبيل المثال، يمكن للسفينة التي تحمل الخام السعودي من الخليج العربي أن تصل إلى روتردام بقطع مسافة 6436 ميلاً بحرياً إذا عبرت قناة السويس، وفي حال استبدالها بطريق رأس الرجاء الصالح الذي يمر حول إفريقيا، ستزيد مسافة الرحلة إلى 11169 ميلاً بحرياً، ما يزيد من تكلفة ومدة الشحن على ملاك السفن.
وفي سياق متصل، أعلنت هيئة قناة السويس أنه منذ 19 نوفمبر تشرين الثاني حتى 17 ديسمبر كانون الأول، غيرت 55 سفينة مسارها عبر رأس الرجاء الصالح، بينما مرت 2128 سفينة عبر القناة في الفترة ذاتها.
وأكد رئيس الهيئة، أسامة ربيع، يوم الأحد انتظام حركة الملاحة بالقناة موضحاً أن الهيئة تتابع عن كثب التوترات الجارية في البحر الأحمر وتدرس مدى تأثيرها على حركة الملاحة بالقناة.
وكانت العديد من الشركات الكبرى -مثل شركة النفط البريطانية العملاقة (بي بي) وأكبر شركة شحن للحاويات في العالم ( إم إس سي)- قد أعلنت مؤخراً تجنب العبور بقناة السويس مع تصعيد الحوثيين هجماتهم المسلحة.