تحتل الموارد البشرية مكانة مهمة لنمو أعمال الشركات، فيما تلعب الرواتب دوراً محورياً في الحفاظ على تلك الموارد إلى جانب البرامج التحفيزية والمكافآت من أجل تحقيق العوائد المالية المطلوبة في بيئة أعمال تتزايد فيها وتيرة المنافسة بشكل مطرد.
ومن هذا المنطلق أعدت شركة الاستشارات كوبر فيتش مؤخراً استطلاعاً لقرابة 1000 شركة في الخليج، ركز على نشاط التوظيف، وعدد الموظفين التنظيميين واتجاهات الرواتب في سوق العمل.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن كلاً من السعودية والإمارات لديهما التزام مستمر بالتنوع الاقتصادي والابتكار التكنولوجي في سوق العمل، كما كشف الاستطلاع أيضاً عن رفع نسبة كبيرة من الشركات في كلا البلدين عدد الموظفين، فيما تعتزم غالبية هذه الشركات زيادة الأجور العام المقبل.
وقال تريفور ميرفي المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كوبر فيتش «هذه أخبار إيجابية للباحثين عن عمل، حيث يؤدي الطلب المتزايد على المواهب عادةً إلى ارتفاع الرواتب».
الإمارات.. نمو التوظيف والرواتب
توقعت شركة كوبر فيتش أن ترتفع الرواتب في الإمارات العربية المتحدة بنسبة 4.5 في المئة في عام 2024، لا سيما أن اقتصاد الإمارات شهد توسعاً بنسبة 3 في المئة في عام 2023، مدفوعاً بشكل أساسي بالقطاعات غير النفطية، وفقاً لتحليل معهد سويس ري (Swiss Re).
وأشار الاستطلاع إلى أن 28 في المئة من الشركات المستطلَعة فقط خفضت من أعداد موظفيها خلال العام الجاري، فيما اتبعت النسبة المتبقية (59 في المئة) توسعة في كوادرها العاملة.
وكان القطاع العقاري من أكبر قطاعات التوظيف نشاطاً، لا سيما أن مساهمة المشاريع العقارية المخطط لها أو قيد التنفيذ في الإمارات تناهز 293 مليار دولار، أي خمس (21.6 في المئة) قيمة المشاريع في دول مجلس التعاون الخليجي، وفق إحصاءات غلوبال كوميرشيل ريل إستيت سرفيسس CBRE.
وأشار الاستطلاع إلى أن حجم الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سيلامس عتبة 23 مليار دولار في عام 2024، وسيسهم الذكاء الاصطناعي (AI) بنحو 96 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية العقد الحالي.
وتشير هذه المعطيات إلى زيادة الطلب على المؤهلات والخبرات في مجال التكنولوجيا، وفق ما ورد في التقرير، على الرغم من التأثر المستقبلي لوظائف قطاع النفط والغاز بقرار أعضاء (أوبك+) بالحد من الإنتاج حتى عام 2024.
وأثر اهتمام الإمارات بالرعاية الاجتماعية، كالتأمين ضد البطالة في يناير 2023، إيجاباً على دعم سوق العمل في جميع أنحاء الإمارات.
السعودية.. مشاريع عملاقة
وتوقعت شركة كوبر فيتش أن ترتفع الرواتب في السعودية بنسبة 6 في المئة، نظراً لحجم الإنفاق وتطورات سوق العمل وفق رؤية المملكة 2030.
ووصلت نسبة تسريح الموظفين خلال العام الجاري إلى 30 في المئة، بينما لجأت النسبة المتبقية إلى توسعة فريق عملها.
كما شهد سوق التوظيف في المملكة العربية السعودية مستويات قوية من النشاط، وانخفض معدل البطالة إلى 5.1 في المئة في الربع الأول من عام 2023.
وأشاد التقرير بأعداد النساء المتزايدة في سوق العمل، وتوقع تقرير سابق لـ(ستاندرد آند بورز) أن تعزز هذه المشاركة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بما قيمته 39 مليار دولار بحلول عام 2032.
ولفت التقرير إلى أن التنمية ستستمر في كونها محوراً رئيسياً للمملكة، متوقعاً إحراز تقدم كبير عبر مجموعة المشاريع العملاقة التي قامت بها السعودية مؤخراً.
وأشار التقرير إلى تجاوز القيمة الإجمالية لمشاريع العقارات والبنية التحتية المعلن عنها في المملكة العربية السعودية حدود 1.25 تريليون دولار، وفقاً لشركة الاستشارات العقارية نايت فرانك (Knight Frank).
وتستحوذ سوق المملكة، وفق تقديرات شركة سي بي ار إيه (CBRE)، على ما نسبته 64.5 في المئة من جميع المشاريع المخطط لها حالياً أو الجاري تنفيذها في دول مجلس التعاون الخليجي.
وقال فيليوس دوبيلايتيس، الشريك الإداري في شركة كوبر فيتش، إن تطور محفظة المشاريع العملاقة وتطوير صناعات جديدة مثل المركبات الكهربائية تماشياً مع تحقيق رؤية 2030 السعودية أثرت بشكل إيجابي على التوظيف والأجر خلال العام الماضي.
وأشار التقرير إلى النمو اللافت الذي تتمتع به قطاعات الرياضة والرياضات الإلكترونية في المملكة العربية السعودية، تماشياً مع الأهداف الحكومية الرامية إلى مضاعفة إيرادات الدوري أربعة أضعاف، لتصل إلى 480 مليون دولار بحلول عام 2030.
وكشفت التقرير عن خطط لتطوير «مدينة للرياضات الإلكترونية» بقيمة 500 مليون دولار في الرياض.
وأوصى التقرير بضرورة النظر إلى العوامل التي تتجاوز المكافآت الثابتة مثل المكافآت السنوية والقدرة على العمل عن بعد، مع التشديد على أهمية رفع الأجور للإبقاء على المواهب وجذبها.
نقص المواهب
وكشف التقرير أن أكثر من ربع المشاركين (27 في المئة) في الإمارات والسعودية يتوقعون حدوث نقص في المواهب المتاحة في عام 2024.
ويشكل هذا الأمر مصدر قلق لأصحاب العمل، حيث من المرجح أن يفوق الطلب العرض بشكل كبير، وتتنافس الشركات فيما بينها لاستقطاب والحفاظ على أصحاب المهارات مع ترجيح نمو الاستثمارات وتطوير أساليب مبتكرة.
وشملت الفجوة 10 مهارات يفتقدها السوق، واستحوذت «الإدارة» و«القيادة» و«المبيعات» على المراكز الثلاثة الأولى منها، ما يشير إلى ندرة الأفراد المؤهلين ذوي الخبرة العالية والمدرة للدخل.
ويشهد كلا البلدين تنمية لبرامج الحوافز وبرامج التحقق من المهارات، مع التركيز على الجودة بدلاً من الكمية.