على الرغم من اتساع الفجوة بين سعر الدولار مقابل الجنيه في مصر بالسوق الموازية والبنوك الرسمية، لا تزال الحكومة المصرية تثبت السعر الرسمي للدولار قرب 31 جنيهاً، في حين تتصاعد توقعات المحللين بخفض قريب للجنيه.

ففي حين يشهد السعر الرسمي استقراراً في البنوك المصرية منذ مارس آذار الماضي، يُتداول سعر الدولار في السوق الموازية بين 52 و53 جنيهاً بحسب متعاملين تحدثوا لـ«CNN الاقتصادية».

وتنعكس هذه الفجوة الكبيرة على تحركات العقود الآجلة للجنيه المصري مقابل الدولار لأجل عام، إذ سجلت أعلى مستوياتها على الإطلاق في 2 يناير كانون الثاني الجاري مسجلة 53 جنيهاً مقابل الدولار الواحد قبل أن تتراجع إلى أقل من 52 جنيهاً، وفقاً لبيانات ريفينيتيف.

والعقود الآجلة هي عقود مالية يتم تداولها بأجل محدد وسعر مستقبلي للعملة، وتتداول العملة بهذا السعر تحوطاً من تراجع قيمتها في المستقبل.

ولجأت مصر في العامين الماضيين (2022 و2023) لتعويم الجنيه جزئياً في إطار اتفاقها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد.

ماذا تنتظر مصر لخفض سعر الجنيه؟

تنتظر مصر الحصول على شريحة جديدة من قرض صندوق النقد الدولي قبل الإعلان عن أي تحرك في سعر الدولار، وفقاً لما أوضحه جيمس سوانستون الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لـ«CNN الاقتصادية».

وهو ما تراه غادة طلعت، الخبيرة الاقتصادية بأحد مكاتب الاستشارات المالية المصرية، أمراً منطقياً لأن مصر تحتاج إلى إتاحة السيولة الدولارية المناسبة التي تمكنها من التحكم في السوق الموازية وتوفير احتياجات المستوردين من العملة الصعبة.

ومنذ مارس الماضي كان على مصر تخطي المراجعة الأولى لقرضها مع صندوق النقد الدولي، إلا أن الطرفين لم يتوصلا لاتفاق بشأن موعد المراجعة بسبب عدم التزام الحكومة بتنفيذ شروط القرض والتي تتضمن تحرير سعر عملتها وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية.

زيادة التدفقات الدولارية قبل خفض العملة

وكان مصدر مسؤول بوزارة المالية المصرية قد صرّح لـ«CNN الاقتصادية» بأن الحكومة تعمل مع الصندوق على صياغة اتفاق يضمن لمصر زيادة قيمة القرض من ثلاثة إلى عشرة مليارات دولار وأنها تتطلع للانتهاء من المراجعة خلال الربع الأول من عام 2024.

وفي هذه الحالة، يتوقع سوانستون أن تلجأ مصر لاتخاذ إجراءات مماثلة لما حدث في أكتوبر تشرين الأول 2022 عندما قررت خفض سعر الجنيه ورفع الفائدة، موضحاً أن هذه الإجراءات من شأنها زيادة ثقة المستثمرين وفتح الباب لتمويلات من قنوات أخرى.

وقال «قد يكون اتفاق مصر مع صندوق النقد غير كافٍ لتغطية احتياجاتها التمويلية، لكنه سيسهم في مزيد من التدفقات المالية».

وبحسب غادة طلعت فإن مصر عليها اتخاذ عدة إجراءات استباقية تضمن مزيداً من التدفقات الدولارية قبل خفض الجنيه مجدداً مثل زيادة الصادرات وتقليل الواردات وخفض الاعتماد على الدولار.

وأشارت إلى أن مصر بدأت بالفعل إصدار سندات بعملات أخرى غير الدولار مثل الين واليوان، وتوقعت أن تُجري مصر تعديلاً على سعر عملتها خلال الربع الأول من العام الجاري، مشيرة إلى أن خفض العملة لا بد ألّا يزيد على 20 في المئة من قيمتها.

وتشير معظم توقعات المحللين الأخيرة إلى أن مصر قد تلجأ لخفض سعر الجنيه في أعقاب الانتخابات الرئاسية، ما يمهد الطريق لاستئناف اتفاقها مع صندوق النقد الدولي.