سلطت خطة الصين الدفاعية لعام 2024 الضوء على حقيقة ما تنفقه الدولة على القطاع العسكري، إلا أن تحليلات مؤسسات بحثية كشفت أن حجم الإنفاق العسكري الصيني الحقيقي قد يكون أعلى بكثير مما تنشره التقارير الرسمية.
وأعلنت الحكومة الصينية يوم الثلاثاء الإبقاء على هدف الإنفاق العسكري في موازنة عام 2024 عند 7.2 في المئة، بما يتماشى مع العام السابق، ما يعني تخصيص نحو 1.67 تريليون يوان (230.60 مليار دولار) للإنفاق العسكري.
وعلى الرغم من أن هذا الرقم هو أعلى من مستهدف عام 2022، فإن تقريراً أخيراً لمعهد «واتسون للشؤون الدولية والعامة»، قال إن أرقام الإنفاق العسكري الرسمية في الصين عام 2022 أخفت بعض الحقائق.
واستشهد تقرير «واتسون» بأن المستهدف الرسمي للإنفاق العسكري في الصين بلغ 7.1 في المئة عام 2022 أي أقل من مستهدف هذا العام البالغ 7.2 في المئة أو ما يعادل 230.5 مليار دولار، في حين قدرت التحليلات السنوية من المؤسسات المستقلة نطاق الإنفاق العسكري الصيني من 292 إلى 476 مليار دولار في هذه الفترة.
ويرى الخبراء لدى «واتسون» أن الأرقام الرسمية لا تضع في اعتبارها الإنفاق على البحث والتطوير العسكري، وبعض المشتريات، والقوات شبه العسكرية وخفر السواحل، بل تعتمد بشكل رئيس على الإنفاق المباشر على الأسلحة والذخائر والمعدات الأخرى.
حصة الإنفاق العسكري من الناتج الإجمالي
على الرغم من أن الصين تعتبر ثاني أكبر دول العالم في الإنفاق العسكري، فإن نسبة الإنفاق تمثل نحو 1.6 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ما يجعلها أعلى من ألمانيا واليابان فقط.
على جانب آخر، تأتي روسيا على رأس القائمة مع إنفاق يمثل 4.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري)، يليها الولايات المتحدة والهند مع حصص بنحو 3.5 في المئة و2.4 في المئة على الترتيب.
الإنفاق العسكري بين الصين وأميركا
تتصاعد التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين كل حين وآخر، وتظهر جزيرة تايوان على رأس الخلافات بين الطرفين، إذ تدعم أميركا استقلال الجزيرة، في حين ترى الصين أنها جزء من أراضيها، ما يعزز حاجة دائمة بين الطرفين لإثبات قوتهما العسكرية استعداداً لأي تصعيد مستقبلي.
وكشف أحدث تقدير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) أن مستوى الإنفاق العسكري الأميركي البالغ 876.94 مليار دولار في 2022 مثل ثلاثة أضعاف ما أنفقته الصين بالكامل في العام ذاته عند نحو 291.96 مليار دولار.
ومن بين التحليلات التي تضع القوة الشرائية في الصين كعامل مؤثر على التقديرات، يرى بحث «بيتر روبرتسون» في جامعة أستراليا الغربية أيضاً تفوق الإنفاق الأميركي على الصيني إذ قدر إنفاق الولايات المتحدة عند 806 مليارات دولار مقابل 476 مليار دولار من الصين في عام 2021، أي نحو 59 في المئة فقط من إجمالي الإنفاق الأميركي.
وعلى الرغم من تفوق الولايات المتحدة في معظم مقاييس القوة العسكرية الرئيسة، من القدرة القتالية البحرية، إلى أعداد طائرات النقل والطائرات المقاتلة المتقدمة، إلى أعداد الأسلحة النووية، فإن دراسة «واتسون» لفتت إلى موقع الصين الجغرافي في غرب المحيط الهادئ، حيث تتمتع الصين بميزة جغرافية عززت قدراتها بشكل كبير مقارنة بما كانت عليه قبل بضعة عقود.
لذلك، حذرت الدراسة من أن المزيد من الإنفاق العسكري الأميركي لمواجهة الصين لن يؤدي إلى قدر أكبر من الأمن، مشيرة إلى أن الحرب بين الصين والولايات المتحدة بشأن وضع تايوان ستأتي بتكلفة باهظة لجميع الأطراف المعنية، وربما تتصاعد إلى مواجهة نووية.
وضع الصين من الإنفاق العسكري العالمي
تغيرت خريطة الإنفاق العسكري العالمية بين عامي 2021 و2022، ويُعزى ذلك إلى حد كبير إلى الحرب في أوكرانيا التي بدأت في فبراير شباط 2022.
وشكلت أكبر 15 دولة من حيث الإنفاق العسكري في عام 2022 مجتمعة 82 في المئة من الإنفاق العسكري العالمي، أو 1842 مليار دولار، بحسب بيانات (سيبري).
وزادت روسيا، على سبيل المثال، إنفاقها بما يقدر بنحو 9.2 في المئة لتنتقل من المركز الخامس إلى ثالث أكبر منفق في العالم في عام 2022، في حين دخلت أوكرانيا ضمن المراكز الـ15 الأولى لأول مرة (في المرتبة 11) بعد زيادة بنسبة 640 في المئة في الإنفاق.
ولكن ظلت الولايات المتحدة على رأس القائمة واستحوذت على نحو 39 في المئة من الإنفاق العسكري العالمي، يليها الصين مع حصة بلغت 13 في المئة، في حين بلغت حصة روسيا نحو 3.9 في المئة.