يتوقع محللون اقتصاديون أن يستمر معدل التضخم السنوي في مصر في التباطؤ خلال الأشهر المقبلة، رغم تعويم الجنيه وانخفاض سعره بنسبة تصل إلى 60 في المئة منذ إعلان قرار التعويم.

وعزوا تلك التوقعات إلى تأثر معدل التضخم بما يُعرف بسنة الأساس (أو طريقة حساب التضخم)، مشيرين أيضاً إلى أن الأسعار الحالية في السوق المصرية كان يتم تقديرها بناءً على سعر الدولار في السوق الموازية، والذي كان يفوق نظيره في السوق الرسمية بفارق كبير.

وفي محاولة لغلق الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية، أقرت مصر مؤخراَ خفضاً في سعر الجنيه مقابل الدولار، وهو أحد الشروط المتفق عليها ضمن اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، في الوقت نفسه، رفع الصندوق قيمة القرض المقدم لمصر إلى 8 مليارات دولار.

وخسر الجنيه المصري نحو 60 في المئة من قيمته خلال تداولات الأمس ليسجل نحو 49.57 جنيه وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري، مقابل 30.9 جنيه قبل قرار التعويم.

وتعليقاً على تلك الخطوة، قال حسن عبدالله، محافظ البنك المركزي المصري، في مؤتمر صحفي أمس، إن البنك المركزي لم ولن يستهدف سعر صرف محدداً، لكنه يستهدف كبح التضخم.

تباطؤ التضخم مع استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه

يتوقع بنك جيه بي مورغان أن يقفز معدل التضخم الشهري في مصر إلى 4 في المئة في فبراير شباط قبل أن يتباطأ في وقتٍ لاحق من العام، ليفسح المجال لخفض الفائدة.

وعادة ما تستخدم البنوك المركزية أسعار الفائدة ضمن أدوات السياسة النقدية للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، إذ يؤدي رفع الفائدة إلى الحد من معدلات الشراء وتشجيع المستهلكين على ادخار أموالهم في البنوك.

و قرر البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة بواقع ست نقاط مئوية، خلال اجتماع استثنائي للجنة السياسات النقدية أمس، في محاولة منه للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة.

وزاد معدل التضخم في مصر لمستويات قياسية العام الماضي بلغت 38 في المئة قبل أن يعاود التراجع، وإن ظل ضمن مستويات قياسية.

وتتوقع ريهام الدسوقي، استشاري الاقتصاد والاستثمار، أن يواصل التضخم اتجاهه الهبوطي متأثراً بسنة الأساس، قبل أن يتباطأ معدل الهبوط مع استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه.

وأضافت أن بعض الأسعار قد تشهد انخفاضاً -كما الحال في أسعار مواد البناء- لكنها استبعدت انخفاض أسعار المواد الغذائية حتى يستقر سعر الدولار في البنوك وتزداد الحصيلة الدولارية.

وتشير توقعات لبنك الاستثمار فاروس إلى استمرار مسار تراجع التضخم، في ضوء تأثير سنة الأساس الذي بدأ في الربع الأول من عام 2024.

وأوضح تقرير صادر عن البنك أن سعر الفائدة الحقيقي -الفارق بين سعر الفائدة ومعدل التضخم- قد يكون له تأثير إيجابي في الجولة الثانية من الضغوط التضخمية، أي الضغوط الناتجة عن تسارع الطلب على السلع نظراً لوجود توقعات باستمرار ارتفاع التضخم.

سعر الدولار في السوق الموازية

ووفقاً لجيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن سعر الجنيه الرسمي لم ينخفض بشكلٍ حاد عما كان عليه قبل اتفاق صفقة رأس الحكمة، وهو ما يعني أن التضخم مستمر في التباطؤ في مصر.

وكان سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية قد لامس حاجز 70 جنيهاً خلال الأسابيع الماضية، إلّا أنه عاد للتراجع عند حدود 41 جنيهاً قبل قرار خفض الجنيه.

ويعتقد بنك فاروس أن قدراً كبيراً من السلع تم تسعيرها بالفعل بسعر مرتفع للدولار، ما يعني أن جزءاً كبيراً من تأثير خفض الجنيه انتقل بالفعل إلى الأسواق.

ولا يتوقع سوانستون تراجعاً في معدل التضخم ضمن نطاق التضخم المستهدف للبنك المركزي البالغ 7 في المئة (بزيادة أو نقصان 2 في المئة) هذا العام.

وكان البنك المركزي المصري قد توقع أمس أن يؤدي القضاء على السوق الموازية للصرف الأجنبي إلى خفض التوقعات التضخمية وكبح جماح التضخم.

وتوقع أن يتبع التضخم العام مساراً نزولياً على المدى المتوسط، بعد الانحسار التدريجي للضغوط التضخمية المقترنة بتوحيد سعر الصرف.