«عاوز أحافظ على مبلغ 50 ألف جنيه مدخرات بعد تعويم إمبارح.. هل أشتري بيهم دهب؟» سأل محمد هذا السؤال بالعامية المصرية على أحد مجموعات متابعة سوق الذهب على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، نصح أغلب المشتركين في المجموعة محمد بالانتظار لأن سعر الذهب المحلي لا يزال أغلى من السعر العالمي، ما يعني أن ما يطلق عليه في مصر دولار الصاغة كمقوم بأعلى من سعر الصرف الرسمي الذي يظهر على شاشات البنوك بعد التعويم الأخير للجنيه.

سعر دولار الذهب مقوم بأعلى من السعر الرسمي

وبحسب منصة «أي صاغة» العاملة في مجال بيع الذهب والمعادن الثمينة عبر الإنترنت، يتجاوز سعر دولار الصاغة 53 جنيهاً بينما سعر صرف الدولار الرسمي يبلغ 49.47 على موقع البنك المركزي، ويحدد المركزي سعر صرف الدولار بناءً على حساب متوسط سعر صرف البنوك العاملة في مصر.

وتم استخدام سعر دولار الصاغة كأحد الآليات الاسترشادية لتحديد سعر الدولار في مصر في السوق الموازية طوال فترة دامت نحو 20 شهراً توحشت فيها السوق الموازية حتى تسببت في ارتفاع عجز صافي الأصول الأجنبية.

ووصل سعر غرام الذهب عيار 24، الذي صار الأكثر انتشاراً في مصر بسبب الإقبال على شراء السبائك، 3714 جنيهاً في سوق الذهب في مصر، بينما يبلغ سعره إذا ما تم تطبيق سعر الصرف الرسمي 3428 جنيهاً، أي أن الفارق بين السعرين يبلغ 285.7 جنيه، أي أن الذهب يباع بـ5.77 دولار أعلى من السعر العالمي.

ويلجأ المصريون منذ بداية الأزمة الاقتصادية إلى شراء الذهب بغرض التحوط وحماية أموالهم من الموجة التضخمية العنيفة التي تعصف بها، ووصل التضخم إلى ذروته في سبتمبر أيلول الماضي بنسبة وصلت إلى 38 في المئة، وبسبب ارتفاع سعر الدولار في بلد تشكل فيه فاتورة الواردات نحو 85 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

نقص المعروض في سوق الذهب بسبب الارتفاع الكبير في الطلب

التقت «CNN الاقتصادية» بعليّ محمود، موظف شؤون عملاء في أحد البنوك الإسلامية في أحد محلات بيع الذهب في شارع خلوصي في حي شبرا إلى الشمال من وسط القاهرة، قال محمود إنه يحاول «شراء سبيكة صغيرة الوزن للحفاظ على قيمة مبلغ قام بادخاره، ولكنه لا يستطيع أن يجد سبائك في السوق حيث إن كل المعروض قد تم بيعه».

صفوت أحد البائعين أكد لـ«CNN الاقتصادية» أنه «على الرغم من صعوبة التسعير وإيقاف بيع الذهب حتى الخامسة من مساء الأربعاء بسبب قرار تعويم الجنيه، فإن نسبة المبيعات ارتفعت إلى النصف منذ ذلك الوقت، لأن الناس أدركت أن الذهب هو الوسيلة الأكثر أماناً للحفاظ على أموالها».

رفض هاني ميلاد رئيس شعبة الذهب في الغرفة التجارية «ما يسمى بدولار الذهب وأرجع ارتفاع السعر المحلي عن السعر العالمي إلى ازدياد الطلب على الذهب منذ تعويم الجنيه يوم الأربعاء، وأعتقد بشدة أن سعر بيع الذهب سيتساوى مع السعر العالمي مع انخفاض الطلب على الذهب».

ويشهد الإقبال على الذهب رواجاً كبيراً في مصر جعلها تحتل المركز الخامس عالمياً في الطلب على السبائك والعملات الذهبية في عام 2023، بحسب التقرير الأخير للمجلس العالمي للذهب.

ويشهد السعر العالمي للذهب موجة صاعدة تجاوز فيها الذهب 2158 دولاراً للمرة الأولى على الإطلاق، ويتخذ الذهب اتجاهاً صاعداً ومن المتوقع بحسب الخبراء أن يصل سعر الأوقية إلى 2500 دولار قبل نهاية العام.

في النهاية عاد محمود إلى بيته دون شراء السبيكة التي كان يريد الحصول عليها ورفض دفع قيمة السبيكة مقابل الحصول على إيصال من البائع باستلامها حينما ينجح المتجر في توفيرها بسبب «تعارض شكل المعاملة مع الشريعة الإسلامية»، وينص الحديث الشريف على استلام الذهب «يداً بيد»، أما محمد فلا يزال يتلقى النصائح على فيسبوك بالانتظار أملاً في انخفاض السعر ومساواته مع السعر العالمي للمعدن الأصفر.