يشهد العالم تحولاً جذرياً في طريقة العمل ونماذج الأعمال بفضل التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، الذي بلغ ذروته في أواخر 2022 مع إطلاق تطبيق «تشات جي بي تي» المدعوم بالذكاء الصناعي التوليدي، ومع هذا التطور المتلاحق، تسعى الحكومات والشركات والأفراد لتقييم أثر تلك التقنيات المتطورة على أدائها.
وفي حين تتوقع مؤسسة الاستشارات الأميركية الرائدة «ماكنزي» أن تسهم أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في زيادة أرباح الشركات حول العالم بـ2.6 – 4.4 تريليون دولار، تتوقع مؤسسة برايس ووتر هاوس زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأكثر من 15 تريليون دولار بحلول 2030 بفضل هذه التكنولوجيا.
زيادة الإنتاجية
بحسب تقرير ماكنزي.، يساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي الشركات على زيادة الإنتاجية، وتحسين التواصل مع العملاء، وصناعة محتوى إبداعي لأغراض المبيعات والتسويق، وصياغة أكواد البرمجيات القائمة على معالجة اللغات الطبيعية، بالإضافة لتحليل البيانات الضخمة واقتراح الحلول.
وبذلك يتفوق الجيل الحالي من تقنيات الذكاء الاصطناعي على الجيل السابق بنحو 15 – 40 في المئة فيما يتعلق بتعزيز الإنتاجية، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا المعدل مع زيادة تبني الشركات حول العالم لهذه التقنيات الحديثة.
وتوقع التقرير أن تحقق قطاعات البنوك والتكنولوجيا المتطورة والعلوم الطبيعية الاستفادة الأكبر، على سبيل المثال، من المتوقع أن ترتفع أرباح القطاع المصرفي بنحو 200 – 340 مليار دولار سنوياً بفضل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
لكن ذلك لا يعني أن القطاعات الأخرى لن تستفيد أيضاً، إذ يُتوقع ارتفاع أرباح قطاع التجزئة والسلع الاستهلاكية بـ400 – 600 مليار دولار سنوياً نتيجة تطبيق هذه التكنولوجيا المتطورة.
وتوقعت ماكنزي أن يسهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في زيادة إنتاجية العاملين بـ0.1 – 0.6 بالمئة سنوياً حتى عام 2040، وإذا تم دمجه بالتقنيات الحديثة الأخرى، فيمكنه إضافة 0.2 – 3.3 بالمئة أخرى لمعدل الإنتاجية.
فهذه التقنيات لديها القدرة على أتمتة العديد من العمليات التي تستهلك 60 – 70 بالمئة من وقت الموظفين، مثل كتابة رسائل البريد الإلكتروني والرد على استفسارات العملاء، بل إن الجيل الحالي من تقنيات الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على التحاور مع العملاء واستخلاص نتائج من تلك المحادثات، وبالتالي يمكنها دعم الأدوار الوظيفية الأكثر تعقيداً والأعلى أجراً.
الحاجة إلى مهارات جديدة
يتوقع تقرير ماكنزي أن تتم أتمتة نصف أنشطة العمل الحالية على مستوى العالم بين عامي 2030 و2060، على أن تختلف وتيرة الأتمتة من شركة لأخرى.
وتحتاج الشركات في هذه المرحلة إلى إعادة تقييم نموذج العمل الحالي، وتحديد العمليات الأكثر توافقاً مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، والأهم من ذلك هو تدريب الموظفين على مهارات جديدة تتيح لهم التعامل بكفاءة مع تلك التقنيات، لأن التعامل مع التكنولوجيا الحديثة يتطلب مجموعة مختلفة من المواهب والمهارات.
وبحسب توقعات المنتدى الاقتصادي العالمي، قد تؤدي أدوات الذكاء الاصطناعي إلى استبدال 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025 لكنها في الوقت ذاته ستسهم في خلق 97 مليون وظيفة جديدة. والمطلوب هنا هو تأسيس جيل جديد من الكفاءات المزودة بمهارات القرن الـ21.
أكبر فرصة تجارية في القرن الـ21
توقع تقرير منفصل لشركة الخدمات المهنية الرائدة «برايس ووتر هاوس كوبرز» أن يسهم الذكاء الاصطناعي في زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو15.7 تريليون دولار بحلول عام 2030، أي ما يتجاوز الناتج المحلي الحالي للصين والهند مجتمعين.
ويرى التقرير الذي وصف الذكاء الاصطناعي بأنه أكبر فرصة تجارية في القرن الـ21، أن 45 في المئة من هذه الزيادة ستأتي من تطوير المنتجات لتصبح أكثر جودة وأقل سعراً مع الوقت، ما يعزز الطلب الاستهلاكي بشكل كبير.
ومن المتوقع أن تحقق الصين الاستفادة الأكبر، إذ سيسهم الذكاء الاصطناعي في زيادة الناتج المحلي الصيني بأكثر من 26% (7 تريليونات دولار) بحلول 2030، تليها أميركا الشمالية بـ14.5 في المئة (3.7 تريليون دولار).