قد تتعرض الولايات المتحدة لأزمة سوق السندات المشابهة لما حدث في المملكة المتحدة قبل 18 شهراً، حيث أدت الأزمة إلى ارتفاع عائدات السندات البريطانية، وفقاً لهيئة الرقابة المالية المستقلة التابعة للكونغرس.

ويأتي هذا التحذير القوي من مكتب الميزانية بالكونغرس في الوقت الذي تواصل فيه ديون الحكومة الأميركية تحطيم الأرقام القياسية، ما يزيد المخاوف بشأن العبء الذي يفرضه على الاقتصاد ويؤثر سلباً على التصنيف الائتماني للبلاد.

قال فيليب سواجل، مدير مكتب الميزانية في الكونغرس، لصحيفة فايننشال تايمز إن ديون الحكومة الأميركية، التي تقدرها وزارة الخزانة بنحو 35 تريليون دولار، تسير في مسار «غير مسبوق».

وأشار سواجل إلى الخطر الذي واجهته بريطانيا إبان رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس، عندما حدث رد فعل من السوق على إجراء حاول صناع السياسة هناك اتخاذه، في إشارة إلى رد الفعل العنيف من قبل المستثمرين ضد خطط التخفيضات الضريبية غير الممولة التي أجبرت تروس على الاستقالة بعد 45 يوماً فقط من توليها المنصب.

غير أن الولايات المتحدة لم تصل إلى هذه المرحلة بعد، بحسب سواجل، الذي أضاف أن أسعار الفائدة المرتفعة تزيد من تكلفة السداد للدائنين لتصل الفائدة إلى تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2026.

أزمة السندات البريطانية.. عبرة للديون الحكومية

ويشكّل تراجع سوق السندات البريطانية في سبتمبر أيلول من عام 2022 «عبرة» لما يمكن أن يحدث عندما يرفض المستثمرون خطة الحكومة لاقتراض المزيد.

وحدثت موجة بيع حادة على السندات الحكومية البريطانية والجنيه الاسترليني كردة فعل لخطط تروس آنذاك لإصدار المزيد من الديون من أجل دفع تكاليف التخفيضات الضريبية، وارتفعت معدلات الرهن العقاري وتكاليف الاقتراض الأخرى مع مطالبة المستثمرين بأقساط أعلى بكثير لحيازة ديون المملكة المتحدة.

وفي نهاية المطاف، اضطر بنك إنجلترا إلى التدخل، فتعهد بشراء السندات الحكومية «بأي حجم تقتضيه الضرورة».

وقال ديف رامسدن، أحد كبار المسؤولين في بنك إنجلترا آنذاك «إذا استمر الخلل في السوق أو تفاقم، فسيكون هناك خطر جسيم على الاستقرار المالي في المملكة المتحدة»، محذراً من أن ذلك سيؤدي إلى انخفاض تدفق الائتمان إلى الاقتصاد الحقيقي.

الديون الأميركية تتجه لمزيد من الارتفاع

ارتفعت ديون الحكومة الأميركية في عهد الجمهوريين والديمقراطيين في السنوات الأخيرة، وتضخمت بسبب التخفيضات الضريبية للرئيس السابق دونالد ترامب في عام 2017 والتحفيز الوبائي في عهد الرئيس جو بايدن.

ولطالما حذر الاقتصاديون لسنوات من أن الديون قد تصل إلى مستويات عالية بشكل خطير، وفي أغسطس آب الماضي جردت وكالة فيتش الولايات المتحدة من تصنيفها الائتماني الممتاز (AAA)، محذرةً من تزايد عبء الديون الحكومية المرتفعة.

وقد يكون هناك المزيد من الاقتراض في المستقبل إذا أعيد انتخاب ترامب رئيساً للبلاد في نوفمبر تشرين الثاني المقبل، فقد تعهد ترامب بتمديد تخفيضاته الضريبية لعام 2017، وتحدث أيضاً عن خفض معدل الضريبة على الشركات من 21 في المئة حالياً إلى 15 في المئة، وقال ترامب الشهر الماضي في حفل التكريم الذي أقامه اتحاد المحافظين السود في ولاية ساوث كارولينا إنه سيقوم بأكبر تخفيض ضريبي في التاريخ.

وكانت التخفيضات الضريبية التي خططت لها تروس بمثابة أكبر التخفيضات في بريطانيا منذ 50 عاماً، وتضمنت خفض المعدل الأعلى لضريبة الدخل إلى 40 في المئة من 45 في المئة.

وارتفعت تكاليف الفائدة في الولايات المتحدة بنحو 39 في المئة إلى 659 مليار دولار في السنة المالية 2023، التي انتهت في 30 سبتمبر أيلول الماضي، مقارنة بالعام السابق عليه، وفقاً لبيانات وزارة الخزانة.

(هنا زيادي – CNN)