تترقب السياحة في منطقة الشرق الأوسط ما ستسفر عنه حرب غزة، إذ تتوقع نايارا لوبر جينر، مسؤولة قطاع السياحة في شركة كوليرز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المتخصصة في مجال الاستشارات العقارية والفندقية، لـ«CNN الاقتصادية» أن يتأثر النشاط السياحي بأكمله في المنطقة من تداعيات الحرب لتكون عواقبه أكثر حدة في حال استمرت الحرب أكثر من ذلك.

واستقبلت منطقة الشرق الأوسط العام الماضي أكثر من 60 مليون سائح، وهي نسبة تُقدر بـ83 في المئة من مستويات ما قبل جائحة كورونا، وكان من المتوقع أن تعود مستويات السياحة القادمة للمنطقة إلى ما قبل كورونا هذا العام، بحسب بيانات منظمة السياحة العالمية.

وتضم منطقة الشرق الأوسط أكثر من وجهة سياحية كبرى يقصدها ملايين السياح مثل مصر وتونس والإمارات والمغرب.

«التنبؤ بدقة تأثير الصراع الجاري في المنطقة يمثل تحدياً كبيراً، نظراً لعدم اليقين المتأصل في هذا الصراع»، حسبما تقول جينر، وتضيف أن هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية حول الصراع يمكننا من خلالها معرفة مدى تأثر السياحة، أولها صراع يقتصر على إسرائيل وفلسطين، وثانيها سيناريو يمتد فيه الصراع لدول مجاورة، وثالثها سيناريو لتصعيد واسع النطاق يشمل العديد من دول الشرق الأوسط.

ستصبح تداعيات الحرب واضحة على السياحة في منطقة الشرق الأوسط في السيناريو الأول، وستتفاقم حجماً ونطاقاً في السيناريو الثاني، بينما سيشكل السيناريو الثالث عواقب وخيمة على السياحة في المنطقة، وفقاً لجينر.

صراع بين إسرائيل وغزة

في حال اقتصر الصراع على إسرائيل وغزة، تتوقع كوليرز إنترناشيونال انخفاضاً في أعداد الزوار للمنطقة بسبب القيود المفروضة على السفر وإلغاء الرحلات الجوية، وتحديداً في البلدان المجاورة لمنطقة الصراع.

وأوقفت بعض شركات الطيران الكبرى الطيران إلى إسرائيل عقب اندلاع الحرب، بينما نصحت عدة دول أوروبية العديد من رعاياها بتوخي الحذر في الذهاب لوجهات الشرق الأوسط.

وتقول جينر إن الاضطرابات المستمرة في أجزاء من المنطقة تعزز الشعور بانعدام الأمن، ما يدفع السائحين المحتملين لاختيار الوجهات التي يعتبرونها أكثر استقراراً، وهذا الشعور يؤثر على جميع بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

السيناريو الثاني

في هذا السيناريو ستنخرط البلدان المجاورة في الصراع، وهو ما قد يدفع أسعار النفط والغاز للارتفاع، ما يمهد الطريق لارتفاع التضخم والانكماش الاقتصادي، بحسب جينر.

وتقول «سوف تتضخم أيضاً التكاليف المرتبطة مباشرة بالسياحة مثل الوقود، ما يؤثر على النقل الجوي والبحري، وهو من شأنه أن يؤدي إلى رفع التكلفة السياحية ويتسبب في انخفاض في صناعة السياحة».

وفي هذا السيناريو يتوقع أن تنخفض الإيرادات السياحية نتيجة هذه الأوضاع، ما يؤثر على شركات السياحة واقتصاد الدول المتضررة والمجاورة لها.

وسيكون لهذا التراجع آثار بعيدة المدى بالنسبة لدول المنطقة؛ إذ تعد السياحة قطاعاً سريع النمو، وهو مفتاح لتنويع الاقتصاد، بحسب كوليرز إنترناشيونال.

وتعوّل دول مثل مصر على السياحة؛ إذ تعد إيرادات السياحة في مصر مصدراً رئيسياً للعملة الصعبة، وتبلغ مليارات الدولارات سنوياً، وشهدت مصر إلغاء حجوزات جماعية في فنادق منطقة جنوبي سيناء مع اشتعال الصراع بين إسرائيل وغزة.

سياح يتجولون في سوق سياحي بتونس
تونس ضمن أبرز الوجهات السياحية في الشرق الأوسط.

السيناريو الثالث

إذا انتشر الصراع ليشمل أجزاء عديدة من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فستكون التداعيات عميقة تشبه تداعيات السيناريو الثاني، لكن على نطاق إقليمي وعالمي أوسع، بحسب جينر.

وتضيف أن هذا السيناريو يشمل ارتفاع أسعار النفط لمستويات من 150 إلى 250 دولاراً للبرميل مثلما توقع بنك أوف أميركا، ما قد يحفز الاقتصاد العالمي للانكماش.

وسيعوق هذا السيناريو خطط بعض دول المنطقة الطموحة في التوسع في القطاع مثل السياحة في السعودية، بينما سيختار المسافرون المحتملون الذين استقروا في البداية في مناطق النزاع أو المناطق المجاورة ملاذات أكثر أماناً مثل الإمارات.

بينما قد يمتد هذا الشعور أيضاً إلى وجهات أبعد مثل المغرب وتونس التي تعتبر آمنة من خلال الأسواق الخارجية المختلفة، وفقاً لكوليرز إنترناشيونال.