يُعدّ قطاع التصنيع في المكسيك جذاباً للشركات التي عانت من توقف سلاسل التوريد خلال فترة الجائحة أو تلك التي ترغب في تقليل الاعتماد على التجارة بين الولايات المتحدة والصين وسط حالة من عدم اليقين الجيوسياسي.

ومع انفصال سلاسل التوريد الأميركية عن الصين، تبرز أهمية قطاع التصنيع في المكسيك، حيث تجعل الشركات مرافق إنتاجها بالقرب من الأسواق المحلية.

وبحسب مورغان ستانلي، تجاوزت المكسيك الصين كأكبر مصدر لأميركا عام 2023 بدعم من التصنيع الذي يشكّل نحو 40 في المئة من اقتصاد المكسيك.

ووفقاً لبيانات وزارة التجارة الصادرة في 4 أبريل نيسان، استمرت الواردات الأميركية في الزيادة خلال شهر فبراير شباط الماضي.

وانخفضت الصادرات الصينية إلى أميركا بنسبة 20 في المئة خلال عام 2023، مقارنة بعام 2022.

تنافس بين الصين والمكسيك

وأوضح ألبرتو راموس رئيس أبحاث اقتصادات أميركا اللاتينية في غولدمان ساكس أنه مع استمرار الاقتراب وإعادة تنظيم سلاسل التوريد العالمية، فإن قطاع التصنيع في المكسيك لديه فرصة للنجاح على المدى الطويل، لافتاً إلى أن المكسيك والصين تتنافسان على سوق الصناعات التحويلية الأميركية منذ سنوات، ولكن وسط تحول العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، تبدو المكسيك مستعدة للمضي قدماً.

وفي الوقت نفسه قالت الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي لشبكة CNN إن سلاسل التوريد جعلت الاقتصاد الأميركي يعتمد بشكل مفرط على الاقتصاد الصيني في الماضي.

وتوجد عوامل من شأنها أن تُسهم في ازدهار التجارة بين المكسيك والولايات المتحدة منها اتفاقية التجارة الحرة التي تم توقيعها عام 2020 والتي تجعل التجارة في أميركا الشمالية أكثر فاعلية من حيث التكلفة والكفاءة.

وترى الشركات الأميركية والصينية على حد سواء إمكانات كبيرة بقطاع التصنيع في المكسيك منها انخفاض تكاليف العمالة والقرب الجغرافي من الأسواق الأميركية.

نقل سلاسل التوريد

وتهدف السياسة الأميركية إلى تقليل الاعتماد على الصين وخلق المزيد من المرونة في التجارة، لكن نقل سلاسل التوريد قد يكون صعباً، والواقع أن حملة الولايات المتحدة للانفصال عن الاقتصاد الصيني ربما تمكّن الصين من الوصول إلى أسواق جديدة وتجنب التعريفات الأميركية.

صناعة السيارات

وتُعدّ المكسيك مركزاً عالمياً لمصانع السيارات، حيث تستضيف مصانع من الشركات الكبرى العاملة في الولايات المتحدة، بما في ذلك جنرال موتورز وفورد وستيلانتس وما يقرب من 12 مصنعاً آخرَ.

وتُعد السيارات أبرز صادرات المكسيك، وهي نموذج يوضح الكثير مما يحدث إذ تعتمد شركات تصنيع السيارات الأميركية تقريباًَ على قطع الغيار من المكسيك لبناء سياراتها أو شاحناتها، لأنها تُعد أرخص بكثير من تلك المصنوعة في الولايات المتحدة.

وتعمل اتفاقيات التجارة الحرة بين أميركا والمكسيك وكندا على إزالة الحواجز الخاصة ببيع ونقل وشراء قطع الغيار في جميع أنحاء أميركا الشمالية.

ومن ضمن العوامل التي أدّت إلى مزيد من الاعتماد على المكسيك هو زيادة التعريفة الجمركية على الواردات من الصين، ما يجعل دخول السلع الصينية إلى الأسواق الأميركية أكثر تكلفة ويثني الشركات عن الاعتماد على سلاسل التوريد الصينية.

الصين والمكسيك

وبحسب منصة قياس أسعار الشحن البحري ومعلومات السوق الصينية (زينيتا)، قد تستخدم الشركات الصينية المكسيك لتجنب التعريفات الأميركية على البضائع الصينية.

وأشارت المنصة إلى أن صادرات حاويات الشحن من الصين إلى المكسيك قد ارتفعت بنحو 60 في المئة خلال شهر يناير كانون الثاني الماضي مقارنة بالعام الماضي، كما تشير الزيادة في الصادرات من الصين إلى المكسيك إلى احتمال أن الزيادة في التجارة ترجع إلى محاولة المستوردين التحايل على التعريفات الجمركية الأميركية.

وأوضح تقرير صادر لشركة موديز أناليتيكس خلال شهر أبريل نيسان زيادة الإنتاج الصناعي للمكسيك عبر تعزيز إنتاج السلع المصنعة خارج البلاد.