بدأ الرئيس الصيني شي جين بينغ جولة أوروبية، يوم الأحد الماضي، في ظل توترات عالمية بشأن السياسات التجارية لبكين، وبعد توقفه في فرنسا ليومين، يتوجه إلى صربيا ثم المجر، فلماذا اختار الدولتين الأخيرتين ضمن جولته التي تقتصر على ثلاث دول في القارة العجوز؟
يواصل الرئيس الصيني جولته الأوروبية في المجر وصربيا اللتين ينظر إليهما على نطاق واسع على أنهما أقرب إلى روسيا، الحليف المقرب من بكين.
لماذا صربيا والمجر؟
من فرنسا، سينتقل شي إلى الحضن الدافئ لصربيا، حيث تعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري للبلد الأوروبي، ثم إلى المجر، حيث دعم رئيس وزرائها، فيكتور أوربان، استثمارات صينية هائلة واستخدم مكانة بلاده كعضو في الاتحاد الأوروبي، لتخفيف الانتقادات الموجهة للصين، وفقا لنيويورك تايمز.
يقول عضو البرلمان الأوروبي، الألماني راينهارد بوتيكوفر، «من خلال هاتين الزيارتين لهاتين العاصمتين الأوروبيتين، يوضح شي جين بينغ أنه يعمل بنشاط على إنشاء محور استبدادي في السياسة الدولية»، حسب ما ورد في «يورونيوز».
وبخلاف ذلك، تعتبر المجر وصربيا أيضاً بوابة لمبادرة الطريق والحزام الصينية في أوروبا.
وتمول الصين بشكل رئيسي مشروع إعادة بناء خط السكة الحديد بين بودابست عاصمة المجر وبلغراد عاصمة صربيا، ويهدف المشروع إلى نقل البضائع الصينية من ميناء بيرايوس اليوناني إلى أوروبا.
وفي المجر، يوضح انتشار مصانع بطاريات السيارات الكهربائية الصينية في جميع أنحاء البلاد، العلاقات الاقتصادية القوية بين بودابست وبكين، حيث تم إنشاء مصنع لبطاريات السيارات الكهربائية من إنتاج شركة CATL الصينية في دبرتسن بالمجر، يوم في 23 مايو أيار 2023.
وتتزامن زيارة الرئيس الصيني إلى صربيا مع الذكرى الـ25 لقصف حلف الناتو السفارة الصينية في بلغراد عام 1999.
وتقول يانكا أورتل، مديرة برنامج آسيا في الاتحاد الأوروبي -تعقيباً على زيارة المجر وصربياـ «إنها فرصة لشي جين بينغ لخلق صور، جمهورها ليس في أوروبا فقط، ولكن بشكل أساسي في الجنوب العالمي» نقلا عن يورونيوز، وأضافت “بالنسبة لشي، فإن وجوده في بلغراد هو وسيلة اقتصادية للغاية للسؤال عمّا إذا كانت الولايات المتحدة جادة حقاً بشأن القانون الدولي، ماذا عن تجاوزات حلف شمال الأطلسي باعتبارها مشكلة للدول الأخرى؟”، وفقا لما ورد في نيويورك تايمز.
وقال الباحث في صندوق مارشال الألماني نوح باركين «يُنظر إلى الصين بشكل متزايد على أنها تهديد متعدد الأوجه في العديد من العواصم الأوروبية، هناك انقسامات داخل أوروبا حول كيفية معالجة المخاوف بشأن الصين، سواء في المجالين الاقتصادي أو الأمني».
وأضاف «الآن تشكل رحلة شي ــالتي تتوقف في فرنسا وصربيا والمجرــ فرصة للصين لكسب منتقديها، كما تظهر أيضاً أنه حتى مع تشدد وجهات النظر في بعض أجزاء أوروبا، فإن البعض الآخر لا يزال يرحب بالصين بأذرع مفتوحة».
المخاوف الأوروبية
يقول إلفير فابري، الباحث البارز في معهد جاك ديلور والمسؤول عن الجغرافيا السياسية التجارية «من الواضح أن مصدر القلق الرئيسي هو كل الدعم الذي يمكن تقديمه للصين في ما يتعلق بالتكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج والتي يمكن أن تسهم في تجديد جميع المعدات العسكرية الروسية»، في حديثه مع يورونيوز.
وأضاف «المخاوف الأوروبية تتركز بشكل كبير على الخلل الذي يحدث في قطاع التكنولوجيا الخضراء».
وبدأت المفوضية الأوروبية بالفعل عدة تحقيقات في الدعم الصيني للسيارات الكهربائية والألواح الشمسية المشتبه في أنها تشوّه المنافسة.
فيما تقول أورتل إن «شي جين بينغ ليس في مهمة لإصلاح العلاقات، لأن كل شيء على ما يرام من وجهة نظره، وهو يزعم أنه لا توجد قدرات زائدة (في مجال التكنولوجيا الخضراء)، وأن ما يحدث بين الصين وروسيا هو مجرد تجارة عادية».
الميزان التجاري بين الصين وأوروبا
بعد أن وصل العجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع الصين إلى مستوى قياسي بلغ 396 مليار يورو في عام 2022، انخفض بنسبة 27 في المئة في عام 2023 إلى 291 مليار يورو، وفقاً ليوروستات.