فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العالم بأكمله يوم الأحد الماضي بإقالته أقرب حلفائه من منصبه، وزير الدفاع سيرغي شويغو، وتعيين الخبير الاقتصادي أندريه بيلوسوف لخلافته، ليصبح أول مدني يشغل هذا المنصب منذ سقوط نظام الاتحاد السوفيتي.

يتزامن قرار بوتين المفاجئ في وقت يكثف فيه الجيش الروسي ضرباته الجوية على مدينة خاركيف شرق أوكرانيا والمناطق المجاورة لها بهدف الاستيلاء على مواقع جديدة قبل وصول دفعة جديدة من الأسلحة والمساعدات المالية الغربية لأوكرانيا.

ومن الجدير بالذكر أن شويغو، البالغ من العمر 68 عاماً، شغل هذا المنصب منذ عام 2012 وكان من أقرب حلفاء القيصر الروسي، كما تولى قبلها منصب وزير الدفاع المدني والطوارئ وإدارة الكوارث من عام 1994 حتى عام 2012، بينما تتمحور السيرة الذاتية لبيلوسوف حول المجال الاقتصادي فقط.

وبحسب المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، فإن الهدف من هذه الخطوة هو السماح لوزارة الدفاع بـ«أن تكون منفتحة على التجديد والأفكار الرائدة».

فمن هو أندريه بيلوسوف ولماذا وقع اختيار القيصر الروسي عليه دون غيره؟

ولد بيلوسوف في 17 مارس آذار عام 1959 في موسكو، وهو نجل رجل الاقتصاد السوفيتي، المشارك في تطوير الإصلاح الاقتصادي في الستينيات، ريم بيلوسوف.

وكان شغف بيلوسوف بعالم الاقتصاد واضحاً من اختياراته الأكاديمية، إذ تخرج عام 1981 في كلية الاقتصاد بجامعة موسكو الحكومية (لومونوسوف)، وحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية عام 1986.

وقبل انهيار نظام الاتحاد السوفيتي، سخَّر بيلوسوف علمه وخبرته في معهد الاقتصاد والتنبؤ بالتقدم العلمي والتكنولوجي التابع لأكاديمية العلوم في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية.

وبعد سقوط النظام، شغل بيلوسوف منصب كبير الباحثين ورئيس مختبر معهد التنبؤ الاقتصادي الوطني التابع للأكاديمية الروسية للعلوم حتى عام 2006، كما شغل منصب المدير العام لمركز التحليل الاقتصادي ومستشاراً مستقلاً لرؤساء الحكومة الروسية من عام 2000 حتى عام 2006.

وبدأ انخراطه الرسمي في السلك السياسي في فبراير شباط 2006 عندما عُيِّن نائب وزير التنمية الاقتصادية والتجارة في روسيا، وهو المنصب الذي شغله حتى يوليو تموز 2008.

وفي عام 2009، حصل بيلوسوف على وسام الشرف وتم تكريمه من قبل الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف.

وخلال فترة تولي بوتين رئاسة الحكومة (2008- 2012) حرص بيلوسوف على توطيد علاقاته مع القيصر الروسي، وكانت ثمرة جهوده تعيينه وزيراً للتنمية الاقتصادية في حكومة دميتري ميدفيديف من مايو أيار 2012 حتى يونيو حزيران 2013.

ومن المناصب المهمة التي تولاها وزير الدفاع الروسي الجديد كان منصب رئيس مجلس إدارة شركة النفط روسنفت الروسية، الذي شغله من يونيو حزيران 2015 إلى سبتمبر أيلول 2018.

وعلى الرغم من تخليه عن العمل الحكومي، فإنه بقي قريباً من مرأى ومسمع الرئيس الروسي، إذ كان مساعد بوتين في القضايا الاقتصادية من يونيو حزيران 2013 حتى يناير كانون الثاني 2020، وبعدها نال بيلوسوف منصب النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين.

واشتهر الخبير الاقتصادي بأفكاره المبتكرة وإيمانه بأهمية استخدام التقنيات الحديثة، إذ ألَّف كتاباً بعنوان «تطور نظام إعادة إنتاج الاقتصاد الروسي: من الأزمة إلى التنمية»، وأشرف على تطوير تقنيات إنشاء مركبات النقل عالية السرعة وأنظمة التحكم الذكية ومعدات النقل من الجيل الجديد.

وفي عام 2023، أعلن بيلوسوف عن خطط لبناء 18 ألف طائرة كبيرة ومتوسطة الحجم بدون طيار في عام 2024، وإطلاق وتطوير صناعة جديدة، ألا وهي تصنيع أنظمة الطيران بدون طيار.

وبصفته وزيراً للدفاع ذا خبرة اقتصادية مخضرمة، سيتعين على بيلوسوف إدارة الإنفاق العسكري الروسي، الذي يمثل بدءاً من عام 2024 نحو 30 في المئة من ميزانية روسيا؛ نحو 36.6 تريليون روبل (324 مليار جنيه إسترليني).